الجمعة  03 أيار 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

ملابس العيد "طبقية" مبطنة

2016-09-11 04:18:13 PM
ملابس العيد
صورة تعبيرية

الحدث- روان سمارة

يحل العيد غدا، وتعج الأسواق بالمتبضعين والمتبضعات، أزمة سير وسيارات، وكل خطوة تخطوها للأمام تتطلب منك جهدا وجهادا، فلا مكان لموطئ قدم  في مركز أي مدينة وكل مدينة فلسطينية، فالليلة ليلة عيد.

 

ملابس جديدة، وحلوى، قهوة، وفاكهة، ومكسرات، والكثير من العيديات، فالعيد القادم بالفرح لم ينسَ أن يحضر معه عبئا ماديا يلقى على كاهل العائلة الفلسطينية  التي لا يزيد متوسط دخل معظمها عن 3500 شيقل بحسب الدكتور عبدالله سماره دكتور الاقتصاد في جامعة النجاح الوطنية.

 

ومواكبة لمشتريات العيد فقد عملت "الحدث" على سلسلة من التقارير التي ترصد العبء المادي الذي يتزامن مع الأعياد، فتحدثت عن أسعار الأضاحي، والعيديات، وتكلفة الحلويات، وفي هذا التقرير توجهت "الحدث" بالسؤال لبعض الأهالي حول ملابس أطفالهم، وتكلفتها، تقول خلود الوحيدي: "أنا أم لطفلتين في العاشرة والثامنة من العمر، وككل أم أحرص على شراء ملابس جديدة لهما في كل عيد، إلا أنني أحرص على عدم شراء ملابس باهظة الثمن، بل أكتفي بما يدخل البهجة لقلبيهما دون أن أرهق نفسي وزوجي بشراء ملابس غالية قد لا يرتديانها العام القادم، خاصة وأننا نقف على أعتاب موسم جديد".

 

خلود تعمل معلمة في إحدى مدارس رام الله، وزوجها محاسب لإحدى الشركات، ويبلغ دخل الاسرة شهريا ما يقارب خمسة آلاف شيقل، إلا أنها تجد في شراء الماركات العالمية لطفلتيها بذخا لا ضرورة له، تقول لـ"الحدث": "مانفع شراء فستان لابنتي بأربعمئة شيقل؟ هي ستقضي يومها في اللعب، ولن تفهم قيمة هذا الفستان، الأطفال يكفيهم الشعور باهتمام الأهل وتفرحهم الثياب الجديدة حتى وإن كانت زهيدة المهم هو "لبسة جديدة"".

 

اشترت خلود ملابس طفلتيها منذ أسبوع، ودفعت ثمن الثوب الواحد 200 شيقل، وهي ترى أن استغلال التجار للمواسم هو أمر بحاجة لرقابة من الجهات المسؤولة، تقول: "كنت قد مررت من باب المحل الذي اشتريت منه قبل شهر ونصف، وكان المحل يقوم بحملة تصفيات، لكن عندما عدت له منذ أسبوع وجدت أسعار الملابس وقد عادت للاشتعال، وكأننا في بداية الموسم، وعندما سألت البائع عن سبب ارتفاع الأسعار أجابني " عاجبك عاجبك مش عاجبك لا تشتري" ورغم غضبي واستهجاني إلا أنني أجبرت على الشراء لأن ابنتي كانتا بصحبتي".

 

تتعامل خلود مع محال تجارية معروفة، بعيدة عن الأزمة، وهي لم تفكر يوما في الدخول إلى الأسواق الشعبية التي تقصدها ساره التي تشتري في كل عيد ملابس لخمسة أطفال، بالرغم من أن دخل أسرتها لا يتجاوز ألفي شيقل، تقول: "لدي خمسة أطفال، وانا ملتزمة بشراء ملابس لهم، وعلى الرغم من شعوري وزوجي بالضيق أحيانا إلا أننا نحرص على شراء الملابس لأبنائنا، ولكن وفق قدرتنا، فأنا اتوجه كل عيد للمؤسسات، أو المحال الشعبية، وأشتري لكل منهم "لبسة" وأظن أنهم يسعدون بها كثيرا، فهم يشعرون بي وبوالدهم".

 

لا يتجاوز ثمن اللبسة الواحدة التي تشتريها ساره لأبنائها الخمسين شيقلا، وهي ترى أن هذا المبلغ هو أقصى ما تستطيع تقديمه لكل ابن من أبنائها، تقول: "أرغب أحيانا في شراء ملابس أغلى ثمنا لكنني لا أستطيع، فهذا مرهق لعائلتي، إضافة إلى أن مصروف العيد لا يقتصر على شراء الملابس، فهناك العديد من الالتزامات الأخرى، التي تتطلب التفكير بها".

 

تتفاوت القدرة الشرائية لدى الأسر الفلسطينية، فمنهم من يسعى وراء الماركات، ومنهم من يكتفي بثوب جديد عن بسطة، والمتحكم الأول هو دخل العائلة وعدد أبنائها، تقول ميسون الخالدي لـ"الحدث": "أنا أم لطفل واحد، وبالرغم من تدني دخل أسرتي، إلا أنني أسعى لشراء الأفضل له دائما، فهو كل ما أملك، فلا أذكر على سبيل المثال أنني قمت بشراء ملابس للعيد واكتفيت بلبسة واحدة، فكنت اشتري له اثنتين وأحيانا ثلاثة، وكان يبلغ أقلها ثمنا المئتين شيقل".

 

العلاقة بين ثمن الملابس وحب الأسرة لم تكن يوما علاقة طردية، فثمن ثوب العيد لا يعد مقياسا لمدى حب الأهل، هو نتيجة لوضع أسري واقتصادي تعيشه العائلة، وأثمان ملابس العيد للأطفال تظهر ولو بشكر غير مباشر الطبقية التي يرفض مجتمعنا الاعتراف بها، ففي حين أن أسرا تستطيع الشراء من صغير والخليجية، تكتفي عائلات بالشراء عن البسطات وهذه المفارقة...