الإثنين  07 تموز 2025
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

عدد 73 | ملف الانتخابات الأمريكية ما بين الخطورة المحدقة بالديمقراطية الامريكية وعرب امريكا والانتخابات

2016-11-08 05:08:02 AM
 عدد 73 | ملف الانتخابات الأمريكية ما بين الخطورة المحدقة بالديمقراطية الامريكية وعرب امريكا والانتخابات
كلينتون وترامب

 

بقلم: نادر الغول لـ "الحدث"

 

مازالت الحملات الانتخابية لكلا المرشحين الجمهوري دونالد ترامب والديمقراطية هيلاري كلينتون في "حرب ضروس" حتى قبل أيام من تصويت الناخبين الأميركيين يوم الثامن من نوفمبر الحالي، لاختيار الرئيس الأميركي الخامس والأربعين.

 

هذه الانتخابات ليست كمثيلاتها من الانتخابات الأميركية السابقة، وكما نقول عادة هذه انتخابات "كسر عظم"،، والخاسر الوحيد في هذه الانتخابات هي الحياة السياسية و"الديمقراطية" الأميركية.

 

مرشح الحزب الجمهوري ترامب يشكك في نزاهة هذه الانتخابات حتى قبل أن يذهب الناخب لصناديق الاقتراع، في محاولة استباقية لتشويه المؤسسات الرسمية الأمريكية ووصفها بالمنحازة لمنافسته كلينتون. بالنسبة لترامب هيلاري كلينتون لا يجب أن يسمح لها بالمشاركة في الانتخابات بسبب فضيحة البريد الإلكتروني، واستخدامها سيرفر خاص أثناء توليها منصب وزيرة الخارجية. ويتهم ترامب هيلاري بأنها فاسدة من خلال مساعدة مؤسسة زوجها الرئيس السابق بيل كلينتون وحصولها على أموال بغير وجه حق من خلال المؤسسة.

 

هيلاري بالمقابل وخلال حملتها تؤكد أن ترامب لا يمكن ائتمانه على كرسي الرئيس بسبب ردات فعله المتسرعة والتي يمكن أن تؤدي إلى كوارث في السياسة الخارجية لأميركا. إلى جانب تصريحاته المسيئة للكثير من الأمريكيين وعلى رأسهم النساء والمهاجرين.

 

في ظل هذا التجاذب والاستقطاب السياسي الغير مسبوق، الأمور لا تبشر بالخير فما يحكم هذه الانتخابات ليست السياسات والبرامج المقدمة كشرط أساسي لمنح الصوت، ولكن هو الخوف والكراهية. فالناخب الأميركي الذي سيصوت لهيلاري ليس بالضرورة على اقتناع تام بما تقدمه وزيرة الخارجية والسيدة الأولى السابقة، وإنما هو الخوف من البديل.

 

وفي الحالة الأخرى المصوتون لرجل الأعمال ترامب يدفعهم الغضب للتصويت له، فالنظام السياسي بالنسبة لهم قد خانهم ولم يقدم لهم الكثير من أجل تحسين وضعهم الاقتصادي والضمانات الاجتماعية لعيش حياة كريمة. على الرغم من البيانات التي تؤكد انخفاض نسبة البطالة وارتفاع بسيط في معدل نمو الاقتصاد الأميركي.

 

حتى قانون الضمان الصحي الذي أقره الرئيس الحالي باراك أوباما، لم يلبي الحد الأدنى من متطلبات الضمان الصحي، حتى وزيرة خارجيته اقترحت القيام بتعديلات من أجل تحسين القانون، وأصبح عبءا على المواطن الأميركي، بمعنى أن المواطن الأميركي عليه أن يدفع زيادة بحدود ١٥٠٪ من أجل الاستمرار في الحصول على التأمين الصحي، والأغلب أنه سيتنازل عنه.

 

أجواء الانتخابات أقل ما يمكن أن توصف به السلبية، وهذه أجواء غير صحية سيكون لها عواقب على الحياة السياسية الأميركية وخاصة إذا ما حافظ الحزب الجمهوري على أغلبيته في مجلسي النواب والشيوخ. فهناك أمور عالقة بانتظار الرئيس القادم وأهمها تعيين الشاغر في المحكمة الدستورية العليا.

 

بالتالي في حال نجاح هيلاري كلينتون (وهو المرجح) لن تستطيع تعيين الشاغر بسبب تعنت الجمهوريين، مما سيشكل إشكالية دستورية، وخاصة في ظل وجود الكثير من القضايا التي تهم المواطن الأميركي على مختلف توجهاتهم السياسية.

 

أميركا أمام مفترق طرق أحلاهما مر، إما انتخاب هيلاري كلينتون صنيعة النظام السياسي الحالي واستمرارية لنهج أوباما الذي كان مليئا بالوعود بالنسبة لقضايا كثيرة لم يفي بالجزء اليسير منها. أو انتخاب شخص مليء بالتناقضات كترامب، شخص لا يمكن التكهن بالسياسة التي يمكن أن يتبعها تجاه قضايا كثيرة أهمها قضايا السياسة الخارجية.

 

أسئلة كثيرة سيجيب عليها الناخب الأميركي يوم الثامن من نوفمبر القادم، وإعلان انتهاء حملة انتخابية مجنونة. ولكن ليس بالضرورة انتهاء هذه الموجة من الخوف والكراهية.

 

عرب امريكا والانتخابات

 

لم يكن عرب اميركا بمنأى عن الانتخابات الأميركية الحالية، بل كانوا في بعض الأحيان عنصرا فاعلا في الحملات الانتخابية وخاصة خلال الانتخابات التمهيدية في حملة المرشح الديمقراطي حينها السيناتور عن ولاية فيرمونت "بيرني ساندرز"، الذي اعتمد على ممثلين رئيسيين من العرب لتمثيله عبر وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي.

 

إضافة إلى أن العرب كانوا هدفا للمرشح الجمهوري رجل الأعمال دونالد ترامب، وخاصة العرب المسلمين، في إطار حملة التحريض ضدهم ومحاربة "الارهاب الإسلامي المتطرف" في الإشارة إلى داعش، وزيادة نزعة الإسلاموفوبيا في أميركا والغرب عامة.

 

بالعودة إلى تاريخ العرب الأميركان في الولايات المتحدة الأميركية، فإن العرب تقليديا كانوا يميلون إلى الحزب الجمهوري وخاصة النخبة ورجال الأعمال منهم، لسببين رئيسيين، أولهما النهج المحافظ للحزب وانسجامه مع التقاليد العربية بشكل أو بآخر، وثانيهما هو الخط الاقتصادي، حيث أن الحزب الجمهوري دائما يدعو إلى خفض الضريبة وهو ما يسعى إليه رجل الأعمال والعاملين في التجارة.

 

في استطلاعات المركز العربي الأميركي في العاصمة الأميركية واشنطن، فإن ما نسبته ٦٠ بالمئة من الناخبين العرب قبل أحداث الحادي عشر من سبتمبر كان يميل للحزب الجمهوري، والباقي يميل للحزب الديمقراطي وهم عادة كانوا يرون في سياسة الحزب اللينة تجاه المهاجرين الجدد عامل جذب لهم.

 

هذا تغير بعد أحداث ٢٠٠١ الإرهابية، بالتالي فالعرب الأميركان انفصلوا وابتعدوا عن الحزب الجمهوري بسبب التشديد عليهم وانتهاك حرياتهم المدنية وكأنهم مسؤولون عن ما حصل، إلى جانب حرب العراق واللغة المتشددة ضد العرب الأميركان وتفشي ظاهرة الإسلاموفوبيا.

 

وكان الحزب الديمقراطي البديل، فوقف العرب مع المرشح الديمقراطي ذو الأصول الإفريقية ودعموا باراك حسين أوباما في انتخابات العام ٢٠٠٨، أملا منهم أن يقوم الرجل بالوفاء بتعهداته بحل مشاكل بلدانهم الأصلية وخاصة الصراع الفلسطيني العربي- الإسرائيلي. إلا أن الناخب العربي شعر بخيبة كبيرة نتيجة عدم إيفاء الرجل بتعهداته وازدياد مشاكل المنطقة.

 

بالعودة إلى هذه الانتخابات وأهمية الصوت العربي فيها، فإن غالبية العرب الأمريكان يعيشون في ولايات متأرجحة مثل فلوريدا، وأوهايو، ميشيغان، وبنسلفانيا. مما يعطي الصوت العربية أهمية نسبية، ذلك أن الأقلية العربية هي ليست الأقلية الوحيدة في هذه الولايات.

 

هناك حالة مميزة عن أهمية الصوت العربي، وهي خلال الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي في ولاية ميشيغان وخاصة في مدينة ديربورن التي رجحت كفة السيناتور ساندرز ضد منافسته كلينتون، مخالفة بذلك كل استطلاعات الرأي. وبالتالي ساهم هذا الفوز في استمرار ساندرز بحملته آنذاك.

 

صوت العرب لساندرز لأسباب عديدة، إلا أن العرب لامسوا مصداقية الرجل وجديته في حل الكثير من القضايا التي تهمهم كأقلية عربية بالتالي ربح الصوت العربي وخاصة أن أهم المدافعين عن حملته هم من العرب.

 

هذا لا يعني أن كلينتون لم تتواصل مع الجالية العربية ولكنها لم تستطع جس نبض الناخب العربي ولم تقدم له ضمانات، إن جاز التعبير، ولم تخاطب مشاكله سواء الداخلية أو في وطنه الأم، بالتالي لم تستطع كسب الصوت العربي بالمعنى الحقيقي.

 

في حالة ترامب، هو الآخر بالرغم من تصريحاته المسيئة للمسلمين العرب، إلا أنه حاول التواصل مع الجالية العربية، وأقيمت للرجل تحالفات عربية وإسلامية وحتى شرق أوسطية من أجل دعم ترامب. بالرغم من محدودية هذا الدعم إلا أن هناك ناخبا عربيا يريد التصويت لترامب.

 

يعود ذلك إلى أن الناخب العربي يرى في رئاسة هيلاري كلينتون استمرارية لنهج أوباما والحزب الديمقراطي، الذي يعتبره البعض قد خان مناصريه العرب وأن الحقوق المدنية في عهد أوباما كانت أسوأ من عهد سابقه جورج بوش الإبن، إلى جانب انهيار المنطقة في أوطانهم الأم.

 

يوم الثامن من نوفمبر يوم مهم في الحياة السياسية الأميركية ويمكن للعرب على سبيل المثال في ولاية تكساس لعب دور مهم في تحويل الولاية من حمراء (أي جمهورية) إلى  زرقاء، فهذه الولاية التي تعتبر تاريخيا جمهورية يمكن أن تصبح ولاية متأرجحة لأسباب عديدة، منها رفض عائلة بوش دعم ترامب، إلى جانب وجود شعبية لحزب الأحرار برئاسة جيري جونسون في تلك الولاية. بالتالي فإن الصوت العربي إلى جانب الصوت اللاتيني يمكن أن يحول الولاية لزرقاء وهذه خسارة كبيرة للحزب.

 

يبقى أن نقول: إن على العرب الأميركان توحيد جهودهم من أجل خلق حالة وازنة في الحالة السياسية الأميركية، عبر القيام بالتالي:

 

١- عدم الاكتفاء باعتراف مرشح اي من الحزبين أو الأحزاب بالصوت العربي، والطلب منهم التصويت لصالحه لمجرد تواصله معهم، بدون تقديم مقابل! إذ يجب على العرب أن يكونوا فاعلين في الماكينة الانتخابية للأحزاب الأميركية وخاصة الحزبين الأساسيين وتقديم الدعم المادي والسياسي مقابل التزام هذه الأحزاب بإيجاد حلول لأي إشكاليات تواجه الجالية سواء على المستوى المحلي أو السياسة الخارجية. 

 

٢- يجب على العرب الأميركان إبقاء خلافاتهم السياسية تجاه ما يحصل في بلدانهم الأصلية من إشكاليات، والتعامل مع أنفسهم كصوت عربي أميركي واحد وأنهم جزء أصيل من هذا النسيج الاجتماعي والسياسي.

 

٣- على الصوت العربي الأمريكي أن يكون فاعلا في محيطه المحلي، في المدينة أو القرية أو المقاطعة التي يسكنها. بمعنى آخر إن كنت لا تستطيع التأثير على المجلس البلدي في مدينتك، كيف تريد أن تكون مؤثرا في السياسة العامة للولايات المتحدة الأميركية.

 

وأخيرا، ما يحكم التصويت في هذه الانتخابات هو الخوف، أي أن غالبية لا بأس بها من العرب ستصوت لهيلاري ليس اقتناعا بها ولكن خوفا من البديل.