الجمعة  03 أيار 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

الرئاسات الفلسطينية الثلاث وضرورة توزيعها/ بقلم: داود كُتّاب

2016-11-08 09:28:33 AM
الرئاسات الفلسطينية الثلاث وضرورة توزيعها/ بقلم: داود كُتّاب
داود كتّاب

 

منذ عدة قرون وهناك شخص واحد يقود الشعب الفلسطيني. كان الرئيس ياسر عرفات الملهم والقائد وأصبح محمود عباس الرئيس والشخصية العامة المعروفة. وكلا الرجلين ترأسا حركة التحرر الفلسطيني فتح مفجرة الثورة الفلسطينية، وكلا الشخصين ترأسا اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، وكلا الزعيمين تم انتخابهما لرئاسة السلطة الوطنية الفلسطينية والتي أصبحت بعد تصويت الهيئة العام للأمم المتحدة دولة فلسطين.

 

ولكن؟ هل نحن ملزمون بأن يبقى شخص واحد في كل تلك المناصب القيادية الإدارية والعسكرية والمالية للشعب الفلسطيني؟

 

من المعروف أن متطلبات رئاسة دولة فلسطين تختلف كثيرا عن متطلبات منظمة التحرير الفلسطينية. فالأولى مسؤولة عن حياة ومستقبل أربعة ملايين فلسطيني يسكنون في الضفة والقطاع في حين تشمل مسؤولية المنظمة 11 مليون فلسطيني في الوطن والشتات. ورغم وحدانية الهدف والمشروع الوطني الفلسطيني إلا أن هناك تفاصيل وأولويات مختلفة لكل منهما.

 

الأمر نفسه ينطبق على زعيم حركة التحرر الوطني. فهل نريد زعيما للحركة الوطنية والتي لم تنه أعمالها هو نفسه الزعيم الذي يطلب منه البروتوكول والعلاقات الدولية أمورا لا يمكن أن يقبلها زعيم حركة تحرر وطني؟

 

في الوقت الذي يستعد فيه الأخوة والأخوات في حركة التحرر الفلسطيني لمؤتمرها السابع في تحضيراته الأخيرة، لا بد من إعادة التفكير الجدي في موضوع المناصب وضرورة العمل على تكاملية العمل الوطني بعيدا عن فكرة النزاع والاقتتال الداخلي.

 

قد يقول البعض إن عملية تعدد الرئاسات ستخلق مراكز قوة جديدة مما سيزيد من صعوبة العمل الوحدوي الفلسطيني.

 

لا شك أن العملية السهلة هي وضع كافة المواقع القيادية بيد شخص واحد مؤتمن بمصير الوطن وله الباع الوطني الكبير أمثال القادة المؤسسين للثورة. ولكن لا يوجد أي مؤشر إلى امتلاكنا القائد الملهم ذي الثقة الواسعة بين الجمهور،

 

ولذلك لا بد من التفكير جديا بضرورة توزيع المناصب الرئيسية وخلق نوع من المنافسة المعقولة لما هو أفضل للشعب الفلسطيني.

 

طبعا فكرة توزيع المناصب لن تكون ناجحة إن لم يسبقها تطوير مكتوب لصلاحيات كل منها؛ فكون رئيس دولة فلسطين تابع لمنظمة التحرير وكون أحدهم منتخب من الشعب والآخر منتخب من أعضاء المجلس الوطني الفلسطيني، كل ذلك قد يخلق مشاكل حقيقية.

 

هذه الصعوبات يجب أن لا تكون محبطة للتفكير المنطقي في ترتيب الشؤون القيادية لفترة ما بعد الرئيس محمود عباس، علما أن حركة فتح لن يكون لها القرار النهائي لمن سيتم انتخابه من الشعب الفلسطيني في الضفة (بما في ذلك القدس والقطاع ) كما ولا بد من التوضيح أن أعضاء اللجنة التنفيذية يتم انتخابهم من المجلس الوطني وهم بعد ذلك يقومون باختيار رئيس للجنة التنفيذية.

 

فموضوع الرئاسات قد لا يكون مرتبطا بمخرجات المؤتمر السابع رغم أن نتيجة المؤتمر قد توفر مؤشرات يمكن أن تشكل القاعدة الأساسية لمن سيتم ترشيحه من قبل أحد أهم الفصائل الفلسطينية.

 

بعد مرور عقود على وحدانية القيادة تبين للجميع أن هناك مشكلة حقيقية في وجود تناقض بين رئاسة حركة تحرر ورئاسة سلطة أو دولة تحت الاحتلال. فالمسموح والممكن لدى هذا قد لا يكون مسموحا أو ممكنا لذاك. فمثلا قد يكون ضروريا لرئيس السلطة الوطنية حضور مراسم جنازة مسؤول اسرائيل مثل بيريس في حين يجب أن يبتعد زعيم حركة تحرر وطني المشاركة في جنازة من هو مؤسسة الحركة الصهيونية التي سببت لنا النكبة والنكسة والاحتلال والاستيطان. والأهم من هذا وذاك موضوع الاستراتجية الوطنية للتحرر والتي تغيب عن المشهد العام بسبب الانخراط شبه الكلي في إدارة الدولة تحت الاحتلال وبسبب المصالح والمزايا المرتبطة بالموقع الرئاسي.

 

ولعل أفضل مثال على ذلك ضرورة تفعيل حقيقي لموضوع النضال الشعبي والمقاومة السلمية. وفي هذا المضمار يشكل موضوع المقاطعة الدولية لإسرائيل أحد أهم عناصر أي استراتجية نضال سلمي دولي. ولكن عندما شارك الرئيس عباس في جنازة مانديلا وسئل عن الموضوع قال إنه يؤيد مقاطعة الاستيطان وليس مقاطعة اسرائيل. فكيف يمكن لرئيس دولة وقعت على اتفاق أوسلو وتنفذ يوميا التنسيق الأمني مقاطعة اسرائيل؟ ولكن رئيس حركة فتح وحتى رئيس المنظمة قد يكون في حل من تلك الارتباطات القانونية والإدارية والأمنية ويستطيع أن يشارك بكل قوة في عمليات البي دي أس BDS  وغيرها من أشكال النضال غير العنيف.

 

في عشية عقد مؤتمر فتح السابع يجب على كافة القيادين في الحركة توحيد كلمتهم ومواقفهم حول ضرورة استقلال رئيس حركة فتح عن رئاسة الدولة ورئاسة المنظمة. وقد يوفر مثل ذلك القرار انتخاب المعتقل الفلسطيني مروان البرغوثي على سبيل المثال لا الحصر بمنصب رئيس للحركة دون أن يكون نفس الشخص بالضرورة رئيسا للدولة تحت الاحتلال.