الحدث- القدس
نشرت صحيفة هآرتس يوم أمس مقالاً لجاكي خوري، عن انتهاء عصر الدولتين.
وفيما يلي نص المقال:
"انتهى عصر الدولة الفلسطينية"، أعلن الاسبوع الماضي باحتفالية رئيس البيت اليهودي ووزير التعليم نفتالي بينيت بعد انتصار الرئيس المنتخب دونالد ترامب. رفيقه في الكتلة النائب بتسلئيل سموتريتش، رحب هو الاخر بانتخاب ترامب ودعا رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إلى تطوير البناء في المستوطنات مع انصراف باراك اوباما. سطحيا، تعد هذه التصريحات قاسية ومخيفة لاذان الفلسطينيين والإسرائيليين الذين ما يزالون يؤمنون بالتسوية السياسية وبحل الدولتين؛ أما عمليا فهذه فرصة للفلسطينيين للمبادرة إلى تغيير في الاستراتيجية وفي النهج، ليس فقط تجاه إسرائيل بل وايضا تجاه الولايات المتحدة، الاتحاد الأوروبي ومؤسسات الأمم المتحدة.
في نهاية الشهر سينعقد مؤتمر فتح في رام الله في اثنائه سيحسم المندوبون من الضفة الغربية، قطاع غزة ومخيمات اللاجئين الى أين تتجه الحركة التي قادت الكفاح الوطني الفلسطيني على مدى أجيال، وأملت الموقف الفلسطيني الرسمي في العقود الثلاثة الاخيرة على الاقل. ويعترف مسؤولون في فتح اليوم بان الرعاية الأميركية للمسيرة السياسية انهارت. فاذا كانت اقامة دولة فلسطينية مصلحة أميركية عليا، فان سلوك الولايات المتحدة كان مغايرا. اتفاق السلام مع مصر هو مثال على أنه يمكن الضغط على حكومة اليمين كي تصل إلى تسوية سياسية، والاتفاق النووي مع إيران هو مثال أكثر حداثة على أن المصلحة القومية الأميركية هي المقررة.
منذ 2009 لم يعرض على الفلسطينيين أي شيء حقيقي. فسياسة نتنياهو تجاه الفلسطينيين تقوم على اساس إدارة مدنية موسعة تديرها سلطة تدفع الرواتب وعلى تنسيق أمني يخدم اساسا أمن إسرائيل – لا انهاء الاحتلال ولا اعطاء سيادة. أوروبا، الولايات المتحدة ودول اخرى تساهم وتضخ المال من اجل بناء مؤسسات الدولة الفلسطينية المستقبلية. في بداية الطريق بدا هذا منطقيا أما اليوم فهو لا يخدم المصلحة الفلسطينية، بل يزيل عبء الاحتلال عن المحتل نفسه. يمكن لهذا الواقع أن يستمر لاجيال اخرى بل ويتفاقم. سياسة مشابهة تبدأ بالتبلور في كل ما يتعلق بقطاع غزة – اعطاء مساعدة اقتصادية ودحر كل حل سياسي. وللعالم ستكون دوما أمور أهم، مرة إيران ومرة داعش، وعلى الفلسطينيين ان يتحلوا بالصبر.
يتمسك عباس والقيادة الفلسطينية اليوم بالمبادرة الفرنسية، الوحيدة المتبقية في الساحة، ولكن واضح لكل ذي عقل ان مثل هذه المبادرة لن تنضج لتصبح صيغة حقيقية يمكنها أن تضغط على إسرائيل نتنياهو وعلى الولايات المتحدة ترامب للحديث عن تسوية حقيقية. فالاطراف ستدعو مرة اخرى إلى مفاوضات مباشرة أو ستصيغ اقتراحا مشكوكا فيه ان يقلع دون اسناد أميركي.
يمكن لعباس والقيادة الفلسطينية أن يستغلوا المؤتمر القادم والمبادرة الفرنسية كي يوضحوا للعالم بان الحفلة التنكرية وصلت إلى نهايتها. فاذا كان نتنياهو ووزراء حكومته في اسناد الولايات المتحدة وترامب يصرون على مواصلة الاحتلال، فان على إسرائيل أن تتحمل كلفته وتهتم بالتعليم، الصحة والبنى التحتية – لا أوروبا والأمم المتحدة. فاذا كان انتهى حقا عصر الدولة الفلسطينية كما أعلن الوزير بينيت فانه هو وحكومته يجب أن يفهموا بأن الفلسطينيين لن يوافقوا على العيش إلى الابد تحت حكم أبرتهايد في محميات في مناطق الضفة.
على القيادة الفلسطينية أن تطرح موقفا واضحا وتحول حل "دولة واحدة للشعبين" إلى استراتيجية رسمية. عليها أن تقول علنا وبالفم الملآن ما يقال في الغرف المغلقة وان تتخذ خطوات عملية من أجل هذا الهدف، وعلى نتنياهو، ترامب والعالم ان يقرر اخيرا إلى أين تسير وجهتهم.