الأحد  27 تموز 2025
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

الشهداء ذكريات تتجدد في كل عام.. محمد منير

2016-11-17 12:53:47 PM
الشهداء ذكريات تتجدد في كل عام.. محمد منير
الشهيد محمد منير صالح

 

الحدث- وفاء هاني عاروري

 

قبل عام من الآن نطقت أم محمد عبارة  " الله يصبر أمه " عندما شاهدت خبر استشهاد شاب لم يُذكر اسمه، لكنها لم تكن تعلم أنها تدعو بالصبر لنفسها، فقد كانت أم محمد تعتقد أن ابنها يُسطر بطولته الرياضة في النادي، لكنه في الحقيقة كان يسطرها على أرض الوطن.

 

في ذلك اليوم جعل السؤال المتكرر عن محمد من قبل إخوته وأقاربه واتصالات أصدقائه قلب أمه في حالة شك، ليأتي الخبر إليها كالصاعقة مرة واحدة دون مقدمات، فما كان لها إلا أن كذبت الخبر بقولها  "محمد راح عالنادي" وكأنها لا تريد تصديق ما يحدث، وتريد أن تستيقظ من كابوس يريد سرقة ابنها منها.

 

بدأت الحشود من الناس تجتمع أمام منزل محمد، الكل يتساءل عما حدث، وهل الخبر صحيح أم أن هذه إشاعة؟! وهل تم التأكد من هوية الشاب الذي استشهد برصاصات الاحتلال الغادرة؟ وكل شخص كان موجود حاول وضع الافتراضات بنفي الخبر وأن الشاب ليس محمد.

 

بعد لحظات قليلة تم الإعلان عن هوية الشاب الذي استشهد على مدخل قرية ترمسعيا وتم التأكد أن الشهيد هو ( محمد منير صالح )، حزن عمَّ المكان، صراخ وبكاء في كل القرية، لكن والد محمد لم يكن يعلم بما يحدث إذ أنه كان في عمله داخل القدس، ولم يُرد أحد إخباره إلا عند التأكد من صحة الخبر؛ لعل وعسى أن يكون كذباً، لكن فور الإعلان والتأكد أن الشهيد هو ابنه اتصل شقيق محمد بوالده وطلب منه العودة إلى البيت لأمرٍ ضروري لم يخبره باستشهاد محمد، جاء والد محمد  وكانت الصدمة عند معرفته عن رحيل ابنه البكر، ابنه الذي كان من المفترض أن يفرح به ويزوجه عروساً يزين بها بيته الذي جهزه، امتلأت عيناه بالدموع، ولم ينطق بأية كلمة فلم يصدق ما قيل، وبعد مرور أكثر من ساعة بدأ استيعاب الأمر بكل ألم عندما أتى الناس مهنئين باستشهاد ابنه البطل.

 

أعلن جيش الاحتلال عن اعتقال الشبان الذين كانوا برفقته، واعتقال جثمان محمد حيث استمر احتجاز الجثمان في ثلاجات الاحتلال لـ48  يوماً، بعد ذلك تسلمه أهله على حاجز عوفر العسكري لتعود الجراح من جديد، وجاء صوت أمه مردداً  "يا نبض أمك سأزفك عريساً" يرافقها القهر والدموع.

 

محمد ابن 24 عاماً كان من المفترض أن يتخرج من جامعة القدس المفتوحة لكنه أراد أخذ شهادة أعظم من شهادة الدنيا وهي شهادة البطولة من أرض الرباط (فلسطين).

 

ذهب محمد وأخذ معه ضحكاته وروح الفكاهة التي اعتاد الجميع عليها، ذهب وترك أثراً في القلوب، وفي أرض تسمى أرض الكرامة، عطر تراب الوطن بدمائه الطاهرة، ليسطر تاريخاً يشهد له ببطولته وحبه لوطنه.

 

هذه القصة من إعداد الصحفية وفاء هاني عاروري، وهي طالبة في سنتها الرابعة في جامعة بيرزيت، ومتدربة في صحيفة "الحدث".