الحدث- علاء صبيحات
الجدران تصرخ من مساماتها كرها للأموال، التي جعلت التراث بلا كرامة والعراقة كلاما يطلق في الهواء، والتمدد العمراني يطال مرجا في الهلال الخصيب، بل وجعلت الميادين بأسماء أصحاب رؤوس الأموال، وتعدى ذلك ليصل الأمر لحد تشويه المخزون الفلسطيني المعلوماتي.
دوار البطيخة
"عندما يبنى في جنين دوار باسم "دوار البطيخة"، وتمثال البطيخة الذي في الدوار هو لنوع بطيخ اسرائيلي، ليس بطيخا بلديا بالمرة، فهذا تشويه للمخزون المعلوماتي." هكذا بدأ أستاذ الإعلام في الجامعة العربية الأمريكية والناشط في حملة جنين تهدم، سعيد أبو معلا حديثه، وأضاف بحسرة "حملة جنين تهدم هي ليست بالمعنى المفهوم عند الكل، فلا نقصد هدم المباني بل الهدم النفسي لسكان ومباني وتراث جنين".
الحملة بحسب مفهوم القائمين عليها هي لحماية المباني التاريخية والحارات القديمة، كذلك المطالبة بتحقيق القيم الجمالية فيما يبنى من صروح جديدة وألا تسمى بأسماء تدل على الرأسمالييين، بحيث يكثر حاليا مسميات عائلية لتلك الصروح في جنين، وتسعى الحملة كما يقول أبو معلا لتحقيق الجمالية في كل متر من جنين التي تعج بالمواقع الأثرية والتاريخية والتراثية.
مبانٍ تاريخية لا يحميها القانون
وبحسب القانون الفلسطيني كما يقول أبو معلا، هذه المباني لا ينطبق عليها المعنى القانوني للآثار، وبالتالي بحسب القانون كل ما في جنين ليس أثري كما يؤكد أبو معلا، مضيفا أنه في السنوات الماضية وحتى اليوم هُدمت الكثير من المباني التاريخية في جنين بحجة إقامة محلات وعمارات و"مولات" تجارية، فيما تفقد جنين القيمة الكبرى وهي العراقة والأصالة، كما يضيف أبو معلا لا توجد صورة من الصور التاريخية لجنين تخلو من المباني المهدومة أو المهددة بالهدم، فأصغر هذه المباني عمرا تتنافس على الستين عاما.
المنطقة الصناعية ومحطة الكهرباء فوق مرج بن عامر
يضيف أبو معلّا أن أكبر منطقة صناعية ومحطة كهرباء جنين ستقامان على تراب مرج ابن عامر، متسائلا لماذا؟
ويضيف أبو معلا أنه وقبل مدة من الزمن تم بناء معسكر الأمن الوطني في أكبر حرش في جنين متسائلا أليس هناك مناطق لبناء هذه المباني في كل جنين إلا تلك المناطق المميزة؟، مؤكدا أن الحملة ستمتد لتشمل حتى المتنزهات غير المتوفرة في جنين، ويقول أبو معلا في نفس السياق أنه في جنين سبعة منتزهات عامة لا يوجد من هذه المنتزهات ولا واحد يصلح للتنزه لشدة الإهمال فيها.
وكر للحشيش
ويضيف أبو معلا أن مستوطنتي "جنيم وكديم" المخليتان كانتا من أجمل المناطق، لكن نتيجة الإهمال في تلك المناطق أصبحت وكرا للصوص والحشاشين و مجمعا للنفايات، لا تصلح حتى للزيارة متسائلا أبو معلا عن أسباب هذا الإهمال.
مواقع أثرية مهملة
تطرق أبو معلا للحديث عن المواقع الأثرية المهملة في جنين بحيث يقول أن هناك 250 موقعا اثريا في المدينة بدون حراسة، وهن عرضة للأضرار سواء بسبب الأحوال الجوية أو النهب والسلب، وحتى المواقع المرممة منها كقصور عبد الهادي مثلا تعج بالفوضى والإهمال على حد قوله.
البلدة القديمة المهملة
وتطرق سعيد أبو معلا إلى سياسة إهمال البلدة القديمة في جنين، فترى عزوف أصحاب المحال التجارية والسكان من تلك البلدة عميقة القدم، فالبلدة القديمة كما يقول أبو معلا هي مسرح لأحداث تاريخية ستندثر إذا ما استمرت سياسة الإهمال، وهذا سيؤدي بالضرورة إلى رحيل أبناء البلدة القديمة عنها، وسنراها ركاما في العشرة سنوات القادمة إن لم نقف وقفة جادة في وجه الاستهتار بحق تاريخ جنين، مؤكدا ان تلك البلدة ملئى بالقصص الأعجوبية، كسينما "العرابي" الأقدم حتى من سينما جنين.
الحملة سيكون شغلها الشاغل التوعية
ويختم أبو معلا حديثه مؤكدا على أن كل ما سبق الحديث عنه سيتم إدراجه في الحملة، مؤكدا أن الحملة سيكون شغلها الشاغل ايجاد اجابات وحلول والتوعية الفعلية، وكل انتهاك كما يؤكد أبو معلا هو ضمن أعمال هذه الحملة التي بدون أدنى شك ستمتد وتتوسع.
فيما تقول المبادرة لإطلاق حملة جنين تهدم، الإعلامية مجد حثناوي، أن الحملة انطلقت في بدايتها لحماية سينما جنين، فقامت هي وصديقتها مدى شلبك، بإطلاق هاشتاج جنين تهدم، ثم ما لبث هذا المنشور أن صار حملة على أرض الواقع ، فبدأت عدة اجتماعات تحضيرية، ثم ما لبثنا ان اعتصمنا احتجاجا على هدم السينما، وتواصلنا مع مديرية السياحة والآثار والبلدية والمؤسسات الثقافية في جنين، وكان الدعم من بعض المؤسسات كمسرح الحرية، الذي اختار في النهاية العمل بطريقته، كما باقي المؤسسات، وحسب نظرتهم للموضوع أن كل مؤسسة أو حملة مهتمة بمباني جنين تعمل لوحدها وفي النهاية الكل يعمل لنفس الصالح، حتى لو لم يتم ذلك بالتنسيق مع الكل.
وتضيف الإعلامية حثناوي ان البلدة القديمة مثلا تم استبدال بلاط الأرضيات فيها من قبل البلدية، والذي كما تؤكد حثناوي ان عمر هذا البلاط لا يقل عن 100 عام ولا يعرف أين ذهب هذا البلاط، ببلاط مستهلك لا قيمة له، كما أن البلاط الجديد خلق مشكلة مياه الأمطار على عكس القديم الذي كان حلا لها، وهذا كما تقول هو ضمن سياسة اهمال جنين.
وتؤكد حثناوي ان الحملة وإن لم تؤتي أكلها في السينما، لكنها آتت أكلها في عمارة اليافاوي مثلا، والتي حاربنا إعلاميا ونجحنا في معركتنا كما قالت حثناوي، عندما صدر قرار من المحكمة بمنع الهدم، رغم أن العمارة عمرها أقل من ستين عام، لكن الأقواس الموجودة فيها وطرازها المعماري منع الهدم على اعتبار أنها آثار، وقدمت شرطة السياحة و الآثار ومنعت الهدم في تلك العمارة ، و تضيف حثناوي أن معركتنا الإعلامة بهذه الحملة أتت بعد موجة العاطفة، لأن واجبنا كما قالت حثناوي أن لا نبكي على الأطلال بل أن نحميها.
سينما جنين قبل الهدم