الأحد  06 تموز 2025
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

متابعة الحدث | المهاجرون من غزة إلى أين العزم؟

2016-12-15 05:43:52 AM
متابعة الحدث | المهاجرون من غزة إلى أين العزم؟
معبر رفح (صورة ويكيبيديا)

 

الحدث - أحمد بعلوشة

 

في ثاني أيام فتح معر رفح البري الواصل بين قطاع غزة وجمهورية مصر، غادر يوم الأحد المنصرم من القطاع 703 مسافراً مسجلاً في الكشوفات، فيما كان 669 مواطناً آخرين سافروا السبت.

 

وتشير التصريحات المصرية إلى وجود نية لدى السلطات في مصر بالتخفيف عن أهالي قطاع غزة الذين يعانون حصاراً مطبقاً منذ عشرة أعوام، بالتزامن مع إغلاق معبر رفح أمام المسافرين الفسلطينيين لعدة شهور، الأمر الذي زاد من عدد المسافرين المسجلين للسفر عبر المعبر، حيث وصل العدد مؤخراً إلى 15 ألف مسجل، حسب ما أفاد به إياد البزم، الناطق باسم الداخلية في غزة لـ "الحدث".

 

وأضاف البزم في اتصال هاتفي أنَّ المعبر كان مفتوحاً يومي السبت والأحد، إضافة إلى اليوم، الإثنين، الذي سيكون آخر الأيام حسب الفترة التي تم إبلاغ الجانب الفلسطيني بها، موضحاً: "في نهاية اليوم، سيكون لدينا رقم متعلق بأعداد المسافرين خلال الأيام الثلاثة، والمسافرين حتى الآن هم 1372 مواطناً جميعهم من الحالات الإنسانية".

 

الخروج للحالات الإنسانية فقط وعلى الآخرين الانتظار

 

وبسؤاله عن طبيعة هذه الحالات التي يتم عنونتها بالإنسانية، أشار البزم: "الحالات الإنسانية تندرج تحتها أربع فئات هي الطلاب، المرضى، حملة الإقامات، والجوازات الأجنبية، ونحن نقوم في كل مرة بالإعلان عن فتح المعبر حسب الكشوفات المسجلة مسبقاً، والخروج يكون لمن هو مسجل أولاً".

 

وأوضح البزم أنَّ أعداد المسجلين انخفضت من 20 ألفاً إلى 15 ألفاً، عقب تقارب فتح معبر رفح الشهرين الماضيين ما أدى إلى تناقص أعداد المسجلين، وأنه بعد كل إغلاق للمعبر، يتزايد أعداد المسجلين وبالتالي تتراكم الأعداد، مبيناً أنه في حالة انتظم عمل معبر رفح سيكون من السهل خروج كافة المسجلين وتسهيل حركة مسافرين آخرين.

 

يقول البزم إنَّ "المعبر مفتوح للحالات الإنسانية فقط بينما لا يستطيع المواطنون الآخرون السفر"، مؤكداً أنَّ "السفر حق لكل إنسان، وهناك مواطنون لديهم حالات أخرى وهم أيضاً بحاجة للسفر ولكن في الوضع الراهن نضطر لتسجيل الفئات المصنفة تحت بند الحالات الإنسانية". وأردف البزم: "هناك حالات قليلة خارج هذه الحالات الأربعة يتم تقديرها والعمل معها حسب الاحتياج، نحن نتحدث عن 2 مليون إنسان في غزة، وكثيرون منهم بحاجة إلى السفر، وإغلاق المعبر يجعل القطاع وكأنه سجن كبير".

 

الجانب المصري يسمح فقط بسفر الحالات المذكورة، بينما يبحث عشرات الآلاف من المواطنين في غزة عن طريقة للسفر، ورغم وجود تحسن في أداء المعبر، إلا أنَّ الأمر بحاجة إلى المزيد من الخطوات.

 

محمد صيام الباحث القانوني في المرصد الأورومتوسطي يقول لـ "الحدث" أنَّ هناك أكثر من نوع للمهاجرين من قطاع غزة، موضحاً: "نستطيع التحدث عن قسمين، هجرة قانونية وأخرى غير قانونية، وفي حالة الهجرة القانونية، يقوم المهاجر بالتنسيق مع رجال أعمال أو أصحاب شركات أو أصدقاء وأقارب في البلد المطلوب للحصول على فرصة عمل، ولو كانت صورية للخروج من قطاع غزة عبر رفح، وبالتالي يستطيع التسجيل والسفر إلى مصر، ومن ثم إلى الدولة التي يريد الذهاب إليها. أما الهجرة غير الشرعية فهي تخالف القوانين الدولية المنصوص عليها فيما يتعلق بالهجرة، وهي أكثر أنواع الهجرة التي يتوجه إليها الشباب، وهي خطيرة لأنَّ الشاب يعرض فيها حياته للخطر، ويعي أنَّ مصيره مجهول، خاصة وأنه يتعامل مع أشخاص أقرب إلى العصابات، ويقوم بدفع مبلغ كبير مقابل مخاطرة لا يعلم نهايتها، يخرج ولا يعلم إذا كان سيصل أم لا أو أنَّ الدولة ستستقبله أم لا.

 

والهجرة غير الشرعية حسب الإحصاءات من عدة منظمات تتم بآلية أنَّ المهاجر من غزة يدخل مصر لأيّ سبب من الأسباب وهناك مكاتب تقوم بعمل ذلك، ومن ثم الدخول لمدن ساحلية مثل الإسكندرية لأنها قريبة من سواحل إيطاليا، ثم يتم وضعهم في أماكن غير لائقة بالبشر ليومين أو ثلاثة لتجميع أكبر عدد من الشباب، ومن ثم الانطلاق عبر قوارب الموت". ويشير صيام إلى أنَّ عائلتين تم فقدانهما من غزة ولم يعرف مصيرهما بعد، إضافة إلى عدد من الشباب، موضحاً أنه "حتى الآن لا يمكن الجزم بمكان تواجدهم، هل وصلوا وتحفظت عليهم الدولة؟ أو أنهم قد فارقوا الحياة؟ خاصة وأنه لا يوجد تعاون من الدول التي تستقبل مهاجرين مع القنصلية الفلسطينية".

 

النقطة الأخطر في موضوع الهجرة عبر القوارب حسبما يقول صيام هي أنَّه "وبعد أن ينطلق المهاجرون بالقوارب التي تحمل أكثر من طاقتها بثلاث أو أربع مرات، وهي غير مجهزة لتحمل هذه الأعداد، عوضاً عن العوامل البحرية المصاحبة، يتفاجؤون قبل وصولهم إلى المياه الإقليمية الإيطالية بأنه يتم رميهم من القارب بعد نصف الطريق، وبالتالي صاحب القارب لا يستطيع الوصول للحدود الإقليمية للدولة، ويقوم برميهم في المياه الدولية مع طوق نجاة، وهنا المهاجر يتحمل مسؤولية نفسه، حيث أنه وإن كان يستطيع السباحة، فإنَّ المسافة المطلوب قطعها ليست بالبسيطة، عوضاً عن أنه من الصعب معرفة الاتجاه، ولا يوجد أشخاص دوليين من الممكن أن ينقذوا المهاجرين، سيما وأنَّ حرس الحدود البحري الإيطالي نادراً ما يمر وينقذ بعض الأشخاص".

 

وحول الأسباب التي قد تدفع شباب غزة إلى الهجرة بهذه الطريقة، يقول صيام: "هي أمور متعلقة بالوضع الاقتصادي غالباً، حيث وصلت نسبة البطالة في عام 2016 إلى 40%، وهذا رقم مهول. بينما تشير آخر إحصائية مع بداية 2016، إلى أن 24% من سن 15 - 29 سنة لديهم توجه للهجرة للخارج".

 

 "نحن نتحدث عن أنَّ نصف الشباب الخريجين تقريباً عاطلين عن العمل، عوضاً عن عوامل الاحتلال والحصار وضيق الأفق، وهي بمجملها أسباب تخلق هذا التوجه لدى الشباب، خاصة وأنَّ بوادر الحلول غير موجودة، في ظل تخريج آلاف الطلبة وحملة الشهادات العليا الذين لا يجدون فرص عمل"، يقول صيام.

 

ويبين صيام أنَّ وزارة الخارجية الفلسطينية أصدرت بياناً بأنها ستتابع أمور الفلسطينيين في الخارج وأنها ستتواصل مع قنصليات البلاد التي وصلها الشباب الفلسطينيين في أوروبا، إلا أنه وحتى الآن لا يوجد بيان مطمئن بهذا الخصوص.

 

مهاجرون تواصلت معهم "الحدث"

 

الناشط رمزي حرز الله خرج مؤخراً من غزة بعد محاولات حثيثة للخروج من القطاع ومناشدات استمرت عدة أشهر، يقول حرز الله لـ "الحدث": "خرجت من غزة بسبب المضايقات التي كنت أتعرض لها من الحكومة، وبسبب قلة الفرص والوظائف، عوضاً عن مشاكل الكهرباء والحصار والفقر. وقد واجهت صعوبات في التسجيل حيث أنه لم يكن هناك تسجيل في أبو خضرة -المكان المخصص لتسجيل مسافري غزة- مع وجود تسجيل لأصحاب التنسيقات والعلاقات".

 

يقول حرز الله أنه لا ينوي العودة إلى غزة، وأنه سيتجه إلى أوروبا لطلب اللجوء، مضيفاً بانَّ السبب الوحيد الذي قد يدفعه للعودة إلى غزة هو زوجته وأطفاله.

 

الصحفي أيمن العالول خرج بدوره من غزة، ويقيم حالياً في مصر، ويتحدث العالول لـ "الحدث" قائلاً: "الدافع الرئيس لسفري هو منعي من العمل في الصحافة كشكل من أشكال العقاب من قبل الحكومة في غزة وتضييقها عليَّ في مصدر رزقي". مردفاً: "لم أواجه عقبات في الخروج من غزة، ولكن الصدفة خدمتني ووجدت من يساعدني خلال أيام قبل فتح المعبر ولم أتكلف أيَّة مبالغ مالية، ولكن هذا لا يحدث مع جميع الناس، وحتى معي حدث مرة واحدة". ويضيف العالول: "لا أنوي العودة في القريب إلى أن يتغير النظام المعمول به في غزة، لأنني لست على استعداد أن أموت جوعاً بعد كل ما خضناه من معارك وحروب".

 

ويبين العالول أنه حاول الوصول إلى أوروبا، إلا أنه لم يستطع، موضحاً أنَّ الأمر يحتاج إلى مبلغ من المال.

 

من جهته، يصف الصحفي إيهاب الحلو الوضع بالكارثي، مضيفاً: "كل يوم، هناك الكثيرون الذين يحزمون أمتعتهم للسفر، وبنظري أنَّ الهجرة هي البديل الأخير دوماً لدى كل مواطن وخصوصاً الشباب، وليس بإمكاننا أن نكيل اللوم لأحد على تفكيره بالهجرة ولا التشكيك بمقدار وطنيته، لأنَّ بلادهم ضاقت بهم ولا جدوى من الحلول المطروحة أمامهم غير الهجرة علها تكون خياراً يخفف عنهم معاناة الحروب والصراعات الداخلية والحصار، إضافة إلى الحالة النفسية التي يمر بها الشباب".

 

يشير الحلو -الذي ما زال في غزة- إلى أنَّ الهجرة تعمل على إنهاك البلاد وإفراغها من أهلها، مرشداً أنه "وبدلاً من أن نمنع المسافرين ونقف فى طريقهم، يتعيَّن على الحكومة أن توفر مقومات وسبل العيش في بلادهم إذا كانوا معنيين بذلك".

 

يتوقع المرصد الأورومتوسطي في نهاية العام أن يحصل على عدد للمهاجرين الذين لم يعودوا إلى ديارهم، مؤكداً أنه "ليس هناك لجنة مختصة لمتابعة موضوع المهاجرين".