الأربعاء  02 تموز 2025
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

في ظل توتر العلاقات السعودية تدعم سد النهضة، ومصر تستقبل عبد الله صالح

2016-12-23 01:43:50 PM
في ظل توتر العلاقات 
السعودية تدعم سد النهضة، ومصر تستقبل عبد الله صالح

الحدث.

بدأ توتر العلاقات المصرية السعودية، يأخذ شكلاً سياسياً يتجاوز مجرد التصريحات والمواقف غير المباشرة بين العاصمتين، الرياض والقاهرة، باتجاه اتخاذ سياسات قد تعمق الخلاف بشكل لم يسبق له مثيل خلال نصف قرن مضى.

 

فبينما تعد مصر، التي تعتبر في قلب الحزام الشمسي العالمي، من أغنى دول العالم بالطاقة الشمسية، أرسلت الرياض مستشار العاهل السعودي بالديوان الملكي أحمد الخطيب، تحت عنوان البحث عن إمكانية توليد الطاقة المتجددة، فجاءت زيارته لسد النهضة الإثيوبي الذي تتوجس من إنشائه القاهرة خشية تأثير السد على حصتها السنوية من مياه النيل والتي تبلغ (55.5 مليار متر مكعب).

 

وتعتبر زيارة الخطيب لإثيوبيا هي الزيارة الثانية لمسؤولين سعوديين خلال أيام قليلة، حيث زارها الأسبوع الماضي وزير الزراعة عبد الرحمن بن عبد المحسن الفضلي.

 

ووفقاً للتلفزيون الإثيوبي الرسمي، التقى مستشار العاهل السعودي يوم أمس، رئيس الوزراء هيلي ماريام ديسالين، الذي دعا السعودية إلى "دعم المشروع (سد النهضة) مادياً والاستثمار في إثيوبيا"، مؤكداً رغبة بلاده في التعاون مع السعودية في مجالات الطاقة، والطرق، والكهرباء، والزراعة، فضلاً عن التعاون في مجال السياحة.

 

وأشار التلفزيون الإثيوبي، إلى أنه جرى خلال اللقاء، الاتفاق على تشكيل لجنة مشتركة للتعاون بين البلدين في مجال الطاقة، مشيراً إلى تصريحات الخطيب التي قال فيها: "إن المستثمرين السعوديين يرغبون بالعمل في إثيوبيا في المجالات الاستثمارية المختلفة".

 

وتأتي زيارة مستشار العاهل السعودي لأديس أبابا، عشية تسريبات إخبارية قادتها "صحيفة العربي الجديد" القطرية، تفيد بأن القاهرة استقبلت الرئيس اليمني المخلوع علي عبد الله صالح مؤخراً في زيارة سرية استمرت لأيام قليلة، دون الكشف عن أسباب تلك الزيارة في هذا التوقيت بالذات.

 

وكانت "صحيفة العربي الجديد" التي سربت الخبر دون تأكيد أو نفي، قد قالت: "تم التكتّم على الزيارة وفرض تعتيم عليها، خصوصاً أنها تأتي في توقيت تتوتر فيه العلاقة مع السعودية". مشيرة إلى أنه "تم خلال الزيارة التباحث بالأزمة اليمنية الراهنة، وإمكانية التوصل إلى صيغة اتفاق ترضي جميع الأطراف، في وقت لا تكون فيه القاهرة مجبرة على دعم حزب الإصلاح الذي يمثل إخوان اليمن، وفقاً للرؤية التي تتبنّاها السعودية، قائدة التحالف العربي لدعم الشرعية هناك".

 

وتوتر العلاقة بين القاهرة والرياض، دفع بالأولى إلى اتخاذ مواقف غير متوقعة من الملف السوري الإيراني، في ظل حكم الرئيس عبد الفتاح السيسي، حيث كان تصويت مصر لصالح مشروع قرار روسي في مجلس بشأن الأزمة السورية. الذي بررته الخارجية المصرية، بأنه ينحاز للوطنية السورية ضد فكرة تفكيك دول المنطقة إلى دويلات متناحرة.

 

وقال في حينه السفير هشام بدر، مساعد وزير الخارجية المصرية للشؤون متعددة الأطراف والأمن الدولي، إن الوفد المصري "انتهج خلال الأشهر التسعة الأولى من العضوية نهجاً عملياً يقوم على الاستقلالية عن مواقف القوى الكبرى، والاحتفاظ بمسافة مناسبة عن حالة الاستقطاب السائد في المجلس، وإن عضوية مصر بمجلس الأمن أتاحت لها فرصة التفاعل عن كثب مع آليات إدارة الأزمات الدولية، والتي يحدث معظمها فى محيطنا الإقليمي".

 

وشدد على أن مصر "تؤكد أن التصدي للإرهاب لن ينجح دون الابتعاد عن منهج الانتقائية، وتبني نهج المواجهة الحازمة مع مختلف التنظيمات الإرهابية، وضرورة تعامل المجتمع الدولي بحزم مع ما تقدمه بعض الدول، والأطراف على الساحة الدولية من دعم سياسي، وعسكري، ومالي لهذه التنظيمات، والحركات الإرهابية، ما يعد خرقاً للقانون الدولى وقرارات مجلس الأمن".

 

هذا وتباينت المواقف السعودية والمصرية بشأن الملف الليبي، حيث بدأت السعودية تميل إلى اتخاذ مواقف بعيدة عن تأييد التدخلات المصرية والدعم الواسع الذي تقدمه القاهرة لقوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر، كرد طبيعي لظلال الملفين السوري واليمني، إذ تعتبرهما الرياض "مصلحة سعودية"، فيما يعد الملف الليبي والسواني، "مصلحة مصرية" حسب القاهرة.

 

وتفجر التوتر غير المعهود بين القاهرة والرياض، جراء أزمة انتقال السيادة على جزيرتي تيران وصنافير من مصر إلى السعودية. والتي يؤكد فيها المسؤولون السعوديون، إنه ملف لم يكن مطروحاً خلال الفترة الحالية، ويمكن تشبيهه بأنه كان ساكناً، لولا عرض السيسي، الذي جاء خلال إحدى زياراته للسعودية، تقديراً لدورهم في دعم ثورة 30 يونيو، وما أنفقته المملكة من مساعدات، فضلاً عن تمهيد القاهرة للحصول على مساعدات أكبر بسبب الظرف الاقتصادي الذي تمر به مصر".

 

 ويتهم المسؤولون السعوديون الرئيس المصري، بأنه سبب الأزمة قائلين: إن السيسي تسبّب بتأزيم الموقف على نفسه وعلى المملكة، لأنه بات على الملك سلمان التمسك بالحصول على الجزيرتين أمام الشعب السعودي، خصوصاً بعدما اعترف هو بنفسه "أي السيسي" وعدد من المسؤولين المصريين البارزين بأن الجزيرتين سعوديتان، وفي حال عدم الحصول عليهما سيبدو الملك سلمان كأنه يفرّط بالتراب السعودي، في حين أصبح السيسي نفسه غير قادر على تنفيذ تعهده للسعودية بتسليمهما بعدما رفض القضاء المصري ذلك".

 

تطور الخلاف بين القاهرة والرياض يشير إلى أن اللغة الدبلوماسية التي دأب الطرفان في تغليف خلافاتهما بها، لم تعد قادرة على إخفاء الهوة التي باتت تفصل مواقفهما. ما يعني أن العلاقات التي لم تهتز بهذا الشكل طيلة العقود الخمسة الماضية، أصبحت أمام خيارين، الأول هو حصول افتراق استراتيجي بينهما يترتب عليه انضمام مصر إلى المحور المناوئ للسعودية، فيما الخيار الثاني يذهب إلى فكرة إدارة خلافات العاصمتين الأكثر تأثيراً في المنطقة بطريقة تسمح بدرجة معينة من التعاون والتنسيق. فإلى أيهما ستذهب الدبلوماسية المصرية السعودية؟ هذا هو السؤال الذي ستجيب عليه مواقفهما خلال الأيام القادمة.