الحدث- خاص
أثار قرار القيادة المصرية " العضو العربي الوحيد في مجلس الأمن" تأجيل التصويت على مشروع قرار يدين الاستيطان الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة، حالة سخط فلسطيني وعربي واسعة، في مقابل حالة من الاحتفاء الإسرائيلي، لما يحمله هذا المشروع من خطورة على مشاريع الحكومة الإسرائيلية واعضائها.
من جهتها قالت محللة الشؤون العربية في الصحيفة، سمدار بيري: إن قرار السيسي بسحب مشروع القرار لم يكن وليد لحظته، وبسبب ضغوط مورست على الرئيس المصري، وإنما كان نتيجة تعاون أمني واستخباري بين إسرائيل ومصر، والتي تحولت إلى علاقات دافئة.
وأضافت بيري أن الحديث لا يدور فقط عن محاربة 'داعش' في سيناء، وإنما 'الحديث يدور عن حرب صراع بقاء النظام في القاهرة'، وأنه بعد خلافات بين مصر وبين السعودية ودول الخليج وتركيا، وأنه لم يتبق أحد 'يعرف ويفهم المصائب التي يغوص فيها سوى شخص واحد، في شارع بلفور في القدس' في إشارة إلى منزل رئيس الحكومة الإسرائيلية الرسمي.
وتوقعت بيري أن يكون نتنياهو قد تحدث مع السيسي أمس، وأن يكون نتنياهو قد هدد السيسي بوقف جهود إسرائيل من أجل استمرار حصول مصر على المساعدات الأمنية الأميركية السنوية.
وشددت هذه المحللة على أن التزام السيسي تجاه نتنياهو أكبر من التزامه تجاه الفلسطينيين. "فهو يريد أن يدخل بقدمه اليمنى إلى علاقات مع إدارة ترامب، ونتنياهو تعهد بمساعدته على عودة مصر إلى مكانتها كأهم دولة بالعالم العربي"، كما أن 'نتنياهو نجح في إقناعه في الجانب الآخر، لا في غزة ولا في رام الله، لا شريك وليس ثمة ما يمكن التحدث عنه'.
من جهته اعتبر الوزير جلعاد أردان، وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي، اليوم الجمعة، إن إرجاء التصويت في مجلس الأمن على مشروع قرار يدين الاستيطان "إنجازاً دبلوماسياً" لتل أبيب.
وأضاف أردان، المقرب من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، للإذاعة الإسرائيلية العامة، إن "إرجاء التصويت الليلة الماضية، يدل على العلاقات الجيدة بين إسرائيل ومصر".
ولفت أردان إلى أنه "كان للموقف الحازم الذي أبداه الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب، من مشروع القرار هذا، تأثير كبير في إرجاء التصويت".
ونقلت "رويترز" عن مسؤول إسرائيلي قوله إن إسرائيل طلبت من الرئيس المنتخب، دونالد ترامب، ممارسة الضغوط على الإدارة الأميركية لمنع إجراء التصويت. ونشر الأخير بيانا، يوم أمس، دعا فيها إلى استخدام حق النقض ضد مشروع القرار. وقال تقرير نشرته صحيفة "هآرتس" اليوم، الجمعة، إن مصر التي بادرت إلى مشروع القرار أجلت التصويت عليه إلى أجل غير مسمى، وذلك في أعقاب ضغوط مكتب رئيس الحكومة الإسرائيلية على كبار المسؤولين المصريين في القاهرة، وفي أعقاب طلبات مساعدة وتنسيق مع ترامب، واتصالات مع مقر الأمم المتحدة في نيويورك وعدد من عواصم العالم.
وبحسب صحيفة 'يديعوت أحرونوت'، اليوم الجمعة، فإن نتنياهو ومساعديه وكبار موظفي الخارجية الإسرائيلية شعروا بخطورة مشروع القرار المصري، وأنه في حال إقراره، كان سيجر المسؤولين الإسرائيليين، وكذلك مستوطنين، إلى محكمة الدولية الجنائية في لاهاي. باعتبارهم يرتكبون جريمة جراء استمرارهم في سياسة الاستيطان، لكن، بحسب الصحيفة، فإن إسرائيل شاكرة للسيسي هذا الموقف.
وتحدثت 'يديعوت' عن الساعات التي سبقت إصدار السيسي الأمر للسفير بالأمم المتحدة. فقد جنّد نتنياهو الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترامب، كما أنه جنّد قياديين في المنظمات اليهودية الأميركية، الذين تحدثوا مع السيسي كي يتراجع عن تقديم مشروع القرار الذي يطالب بوقف الاستيطان.
وقال مصدر دبلوماسي غربي لصحيفة جيروزاليم بوست الإسرائيلية إن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خضع لضغوط من تل أبيب عبر واشنطن، إذ طلب منه سحب مشروع القرار من مجلس الأمن رغم أن مصر هي من قامت بإعداد مشروع القرار لطرحه للتصويت.
وذكر باراك رفيد، المعلق السياسي للصحيفة أن نتنياهو شرع في حملة اتصالات تليفونية مع السيسي طوال الليلة الماضية وصباح اليوم وأقنعه بالإيعاز لممثله في مجلس الأمن بتأجيل التصويت، مع العلم أن مصر هي من قدمت مشروع القرار وحددت موعد التصويت عليه.
ونوه رفيد إلى أن نظام السيسي برر طلب التأجيل بالحاجة إلى عقد اجتماع للجامعة العربية، في حين كشف موقع صحيفة "ميكورريشون" الليلة أن المصريين طلبوا تأجيل التصويت إلى أجل غير مسمى.
من جهتها، عدت شبكة الإذاعة العربية الثانية، المعروفة بـ "ريشت بيت" خطوة السيسي بأنها تمثل "إنقاذا لإسرائيل من ضربة دبلوماسية وسياسية بالغة الخطورة".
وأعادت الإذاعة في تعليق لها الليلة للأذهان حقيقة أن قرارات مجلس الأمن قرارات "ملزمة" الأمر الذي يمكن أن يمثل سابقة تلزم المجتمع الدولي بفرض عقوبات ضد إسرائيل لإجبارها على وقف الاستيطان.
من ناحيته قال نداف إيال المعلق في قناة التلفزة العاشرة إن السيسي "أنقذ المشروع الاستيطاني، ويتوجب على القادة المستوطنين أن يتقدموا له بالشكر الجزيل على هذه الخطوة".
وشدد إيال على أن السيسي "وفر البضاعة التي رفض أوباما توفيرها لإسرائيل"، معتبرا أنه على الرغم من الانتقادات التي يمكن توجيهها لنتنياهو "إلا أن أحدا لا يمكن أن ينكر أنه نجح في تدشين شبكة علاقات شخصية مع السيسي تحقق لإسرائيل عوائد إستراتيجية".
مخاوف إسرائيل من مشروع القرار
وتكمن مخاوف الحكومة الإسرائيلية من مشروع القرار المصري، لما يطرحه من نقاط غاية في الخطورة ومنها:
تركيز القرار على عدم مشروعية الاستيطان في الأراضي المحتلة عام 1967 وأثاره على مبدأ حل الدولتين
ويقول مشروع القرار إن 'مجلس الأمن لن يعترف بأية تغيير يطرأ على حدود ما قبل 1967، بما في ذلك القدس، باستثناء ما يتوافق عليه الطرفان (الفلسطيني والإسرائيلي)'. كما يشدد مشروع القرار على ضرورة 'التزام الدول الأعضاء بالأمم المتحدة بعدم تزويد إسرائيل بأي نوع من المساعدة التي يمكن استخدامها في أنشطتها الاستيطانية'.
وقد أعلنت جامعة الدول العربية مساء أمس الخميس أنه تقرر مواصلة المشاورات حول مشروع قرار مطروح على مجلس الأمن الدولي يطالب إسرائيل بوقف نشاطاتها الاستيطانية على الاراضي الفلسطينية المحتلة لضمان "تأييده".
ويعتبر المجتمع الدولي كل المستوطنات غير قانونية سواء أقيمت بموافقة الحكومة الاسرائيلية أو لا وانها تشكل عقبة كبيرة أمام تحقيق السلام بين الفلسطينيين والاسرائيليين لكن الامم المتحدة تحدثت عن زيادة في وتيرة البناء في الاشهر الماضية.
يذكر أن قرابة 400 ألف شخص يعيش في المستوطنات الاسرائيلية المقامة على أراضي الضفة الغربية المحتلة بحسب السلطات الاسرائيلية وسط 6ر2 مليون فلسطيني.