الأحد  05 أيار 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

ما قاله النجم عنّي/ بقلم: طارق عسراوي

2017-01-10 02:24:33 PM
ما قاله النجم عنّي/ بقلم: طارق عسراوي
طارق عسراوي

 

 

ومن عاداتي أني أتابع باهتمام ما يقوله الفلك في ليلة العام الأخيرة، وعلى الرغم مما تكرره جدّتي على مسامعي من آيات لتثنيني عن تصديق ما يقوله الفلكيون فإنني أشكّل انطباعي العام والمسبق، وتتشكل مشاعري تجاه العام الجديد استنادا إلى ما يقوله الفلكيون في تلك الليلة.

 

وسبب هذه العادة السيئة - كما تصفها جدتي - يعود للعام ٢٠٠٣ حين كنت في العاصمة الأردنية، حيث تعرّفتُ إلى إمرأة عبر مكالمة هاتفيّة قدّمت لي نفسها بأنها قارئة للنجوم، وبأن لها قدرة على ترجمة مفردات الكواكب في مداراتها البعيدة! 

 

مثل بعضكم الآن، ارتسمت على وجهي ابتسامة استخفاف بحديثها، الا أن ابتسامتي سرعان ما ذابت واستحالت إلى احساس بالرهبة حين قالت لي بصوت حاسم : كُفّ عن ابتسامتك السخيفة التي تتبادلها مع صديقك الجالس إلى جانبك، فسوف تبدي الأيام ما قلته لك وحينها لك أن تصدّق ما أقول! 

 

 

يومها حدثتني عن شكل غدي القريب، وطبعا لم أخذ حديثها على محمل الجد لولا تلك الدهشة التي أصابتني وصديقي من معرفتها بوجوده.

 

 صباحاً نسينا الأمر وقد أحلنا سبب دهشتنا إلى  مبررات عديدة. 

 

بعد أسبوع من تلك المكالمة كُنْتُ أتجوّل في سوق تجاري في دبي، فأخذني مشهد إحدى محلات المجوهرات الباذخة، حيث كان المعرض واسعا، مصمما بنموذج هندي وبه أعمدة وتماثيل ذهبيّة ضخمة، فدخلته للفرجة مبهورا بالبريق، وكان يجلس خلف الواجهة الرئيسة رجل هندي يلفُّ رأسه بقطعة قماش زرقاء، تحدثت اليه مستفسرًا عن انواع الأحجار الكريمة التي أمامه، ومنه عرفت أن لكل شخص حجراً يلائمه دون سواه، وبعد شرح مستفيض عن كيفية ارتباط الحجر الكريم مع الكواكب والمدارات ليلائم الانسان وفق تاريخ ميلاده وساعته، قال لي إن باستطاعته قراءة ما تقوله النجوم لي عن غدي الآتي فطلبت منه ذلك دون تردد.

 

المفاجئ أن الرجل حدّثني بما حدثتني به تلك المرأة عبر الهاتف قبل أيام ولكن بلغة أخرى هذه المرة! 

 

وحين عُدتُ من رحلتي تلك، وجلست إلى جدّتي أخبرها بما حصل، حيث دوّنت ما قاله الرجل والمرأة كي أحاججها بتشابه قولهما في زمانين ومكانين مختلفين، وحين قرأتُ لها ما كتبت، تبسّمت لي وقالت: يا ولدي إن ما قرأته لي قد حصل مع جَدِّك قبل سنوات طويله، وما سوف يحصل مع أبنائك غداً!

 

فأينَ المفاجِئُ في أنك سوف تعمل وتكدّ ويصطادُ التعب أياما من عمركَ وتنجو منه برحمة من الله ؟! 

 

أو أنّك تلج من باب عتمة إلى باب نور فآخر حتى تصل إلى باب العتمة الأخير ! أولم نولَدُ من عتمة الرحم لنعبر شمس الحياة، ونحثُّ فيها الخُطى حتى نصل عتمة التراب! 

 

ليس سوى حقيقة واحدة في هذه الحياة يا ولدي، عليك أن تصدّقها، فهي دولاب راحة وتعب، وكلٌّ له مقعد فيها تتعاقب عليه الأيام ليأخذ من كَبدها حصّته، فاطمئن 

 

إلى خطواتك ولا تصدّق أن لك يداً تشارك في صناعة الغد المجهول، أو أنَّ حالاً في هذه الدنيا سيبقى أو يدوم، فدولابها مستمرّ في الدوران، تتبدّل فيه الأحوال وتنقلب الأهوال ..  فافرح كلّما استطعت ملامسة الفرح بكل مقدرة قلبك النقيّ ولا تيأس، فكل ما سوف يأتي سوف يمضي!