الإثنين  29 نيسان 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

خاص "الحدث"| نهر البارد في خان يونس.. الفقر والمرض يفترسا مئتي عائلة

2017-01-12 01:30:15 PM
خاص
مدينة خان يونس

 

الحدث- محاسن أُصرف

 

لا شيء يُشبه الحياة الآدمية في حي نهر البارد بمنطقة بطن السمين غرب مدينة خان يونس، هنّا على مد البصر تُحاصرك بيوت من صفيح مُغطاه بالنايلون تفتقد لأبسط المقومات الإنسانية، بينما الأرض مُلطخة بالطين والوحل، ورائحة الصرف الصحي تزكم الأنف.

 

أطفالٌ ذبُلت ملامحهم لا ترى في ملامحهم ما يدل على أعمارهم، وآخرين تناسوّا معاناتهم وظروف عيشهم المرّة واتخذوا لعب "القلول" سبيلًا للترفيه، فيما الآباء جلسوا متكئين على أبواب الصفيح يُبصرون الشمس ولا شيء سواها، والأمهات انهمكنّ في أعمالٍ منزلية.

 

الوصول إلى "نهر البارد" ليس صعبًا، فكل أهل المدينة يعرفون الحي، يُشبهونه بـ"مقبرة الأحياء"، لكنَّ المسئولون في المدينة وحدهم لا يعرفون سبيلًا للوصول إليه، فالبلدية لم تمد المنطقة المُقفرة بخدمات الصرف الصحي أو المياه وشركة توزيع الكهرباء نسيّتهم تمامًا من جداول التوزيع التي بالكاد تأتي إلى القطاع كاملًا، ولعل السبب في ذلك أنّ أولئك السكان أقاموا بيوت الصفيح خاصتهم على أرضٍ حكومية بعد أن ضاق بهم الحال في بيوت الإيجار ولم يجدوا سبيلًا للعمل يُمكنهم من توفير أساسيات الحياة الكريمة لأسرهم.

 

بؤس وفقر

 

لا تملك المواطنة أسمهان 33 عامًا، أي من مقومات الحياة الإنسانية في منزلها، كلُ شيء مهترئ بالٍ لا يصلح للاستخدام الآدمي بدءًا من المرحاض وصولًا إلى الأرضية الرملية التي تفترشها وأطفالها التسعة وليس انتهاءً أبواب القماش التي لا تستر عورة ولا تحفظ خصوصية، تقول: "إن سوء الحياة يشتد في فصل الشتاء" إذ تغمر بيوتهم مياه الأمطار وينهش البرد وأمراض الشتاء أجسادهم، وتُضيف أن زوجها لجأ إلى هذه المنطقة المعروفة بأنها "أرض حكومية" من العجز وعدم قدرته على توفير ثمن إيجار منزل كونه عاطل عن العمل ويُعاني فقرًا مُدقعًا".

 

وقبل سنوات الحصار البغيض على قطاع غزة كان يعمل زوج أسمهان في جمع خردة الحديد التي كانت تُصدر إلى إسرائيل، تقول: الآن عمله متوقف منذ ما يزيد على عشر سنوات لأنه المعابر مغلقة ولا يُسمح بتصدير شيء من القطاع.

 

 والمعاناة لدى منير المصري 52 عامًا، مُضاعفة فقد تقدم به العمر وفقد قدرته على العمل ناهيك عمّا يُعانيه جسده من أمراضٍ مزمنة، فالرجل لم يملك سبيلًا للعيش إلا باللجوء وأسرته المكونة من 7 أفراد إلى المنطقة المخفضة غرب مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة، يقول: " بنيت منزلًا من الجدران المسقوف بالزينكو المتهرئ، ولم أملك سبيلًا لتحسين حالته من الداخل فبقيّت أرضيته من الإسمنت بينما نوافذه وأبوابه جميعها من القماش"، يؤكد الرجل أنّه في الصيف تأوي الحشرات والفئران والثعابين إلى بيته وكل البيوت المُجاورة حوله التي يسكنها أفقر الفقراء في خان يونس، وفي الشتاء تغمرهم مياه الأمطار.

 

يتمنى الرجل أن يجد سبيلًا لإعانته فيتحسين ظروف مسكنه حتى يبدو آدميًا ويُناشد الجهات المختصة الرسمية والأهلية بأن تنظر بعين المسئولية لهذه المنطقة "المنكوبة" على حد وصفه.

 

ليس معاناة الفقر وبؤس العيش وحدهما من يُنهكا حياة سكان منطقة نهر البارد في خان يونس، بل وقوعه في منطقة منخفضة مُحاطة بمقبرة ومكبٍ للنفايات وسوافٍ رميلية يزيد ألم معاناتهم، فالأمراض بدأت تنهش أجسادهم، يطالب السكان الذين يربو عددهم عن مئتي عائلة الجهات المعنية في محافظة خان يونس بالنظر إلى حالهم والعمل على تحسين أوضاعهم المعيشية بمدهم بأبسط الخدمات الصحية كالكهرباء والماء والغاز. فهل سيكون لهم ذلك؟!