الثلاثاء  23 نيسان 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

وقف إطلاق النار.. ووقف إطلاق الكلام!!

2014-10-14 02:53:41 PM
 وقف إطلاق النار.. ووقف إطلاق الكلام!!
صورة ارشيفية
 
بقلم: نبيل عمرو
أخاف على انجازات مؤتمر إعادة إعمار غزة، من الانهيار تحت وطأة معاول القصف الكلامي، الذي يزداد صخبه عادة بعد الاضطرار إلى وقف القصف المدفعي والصاروخي.
وأخاف أن يأتي الشتاء القارص الذي بدأ بهبوطه التدريجي علينا، بينما كثيرون من أهل غزة بلا مأوى، وكثيرون من شغيلتها بلا مصدر رزق، وكثر من فاكهتها وخضارها وازهارها تذوب على أرضها.
وإذا كان الكلام الكبير جزءً من ثقافتنا وبديلا عن فعلنا، فإن اللجوء إليه في هذه المرحلة تحديدا ربما يكون السلوك الأفدح والأخطر، الذي يفتح للأعداء بوابات الدخول إلينا لإكمال أجنداتهم على حساب كلامنا، كما يفتح للأصدقاء بوابات الهروب منا وعنا، وفي كلتا الحالتين ندفع ثمنا باهظا بدل أن نقبض أثمانا مجزية.
حين نكثر من الكلام الكبير، والتهديد والوعيد، معتقدين أننا بذلك نخيف الخصم ونجبره على التراجع والرضوخ، فإننا نراكم أثقالا لا قبل لنا بتحملها، وحين ننادي العالم بلغة المستغيث فإنه لابد وأن يذكرنا بحكاية الذئب.. فبعد تكرار النداءات والاستغاثات فلن يستمع إليها أحد وإن استمع فلن يستجيب.
من منا لم يفرح وهو يسمع خطباء مؤتمر القاهرة يقولون كلاما من ألفه إلى يائه يصب في مصلحتنا، ومن منا لم تعود الثقة إلى روحه بعد غياب، وهو يقرأ الرقم الذي تم جمعه فإذا به أكبر مما طلبنا، ثم يقترن هذا الرقم المهول يتعهد جديا بدعم حقوقنا السياسية والعمل على انجازها.
ومع الفرح والثقة، راودنا قلق مشروع، وأول وأعمق مصادر القلق، أن يخرج من بيننا من يقول للعالم.. إن كل ما تفعلونه كلام فارغ وإننا ماضون في طريقنا القديم حتى لو أبيد الشعب كله ولم يبقى في الوطن حجر على حجر.
حين يحدث شيء كهذا ويحدث معه حنين لممالئة الأجندات المتعددة التي تتصارع على تعظيم أسهمها في الشأن الفلسطيني، فساعتها تصبح المليارات الخمسة التي تم جمعها في مؤتمر القاهرة بمثابة خمس مليارات كذبة أو خمس مليارات طلقة تصيب آمالنا وأحلامنا.
بعد وقف إطلاق النار الاضطراري الذي تم في غزة إثر تساقط البنايات والأبراج.
وبعد الدخول القسري في مرحلة إعادة الإعمار التي سيتضافر فيها العالم ربما لآخر مرة.
بعد ذلك لابد من تعزيز وقف إطلاق النار بوقف إطلاق الكلام.. وهذا لو حدث ربما نضع أقدامنا على أول الطريق للخلاص.