الأربعاء  14 أيار 2025
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

خاص "الحدث"| كيف يتحايل المشغل الإسرائيلي على العامل الفلسطيني في قضية "الأتعاب"؟

مئات الملايين من الشواقل يسرقها الاحتلال سنوياً من العمال الفلسطينيين

2017-02-08 09:07:49 AM
خاص
العمال الفلسطينيين داخل الخط الأخضر (أرشيف)

 

الحدث- محمد غفري

 

ملايين الشواقل تسرقها الشركات الإسرائيلية المشغلة للعمال الفلسطينيين سنوياً عبر التحايل عليهم في قضية مستحقات نهاية الخدمة أو ما تعرف بـ "الأتعاب"، وذلك بسبب قلة الوعي والخبرة لدى العمال فيما يتعلق بحقوقهم  العمالية من جهة، أو لخشيتهم على فقد مصدر رزقهم الوحيد وحاجتهم للعمل من جهة ثانية.

 

مدير مكتب العمل في محافظة رام الله والبيرة د. سليم نخلة، كشف أن المشغل الإسرائيلي يحرم العامل الفلسطيني من جزء كبير من مستحقات نهاية الخدمة (الأتعاب)، وذلك بتسجيل قيمة راتب أقل للعامل على قسيمة الراتب تكون بحدود الحد الأدنى للأجور في إسرائيل، على الرغم أن الراتب الحقيقي الذي حصله العامل يكون أعلى من ذلك بكثير، وبالتالي تحسب الأتعاب للعامل في نهاية الخدمة بناء على الأوراق الرسمية المسجلة.

 

 

وأكد نخلة في لقاء خاص مع "الحدث"، أن هذه القضية عامة وموجودة، وما قل وندر أن يتم تسجيل راتب كامل للعامل الفلسطيني داخل الخط الأخضر.

 

وقال نخلة: "من المتعارف عليه أن كل عامل يعمل مدة سنة في عمل معين يترتب له أتعاب أو مكافئة نهاية خدمة، وهو ما ينطبق على العمال الفلسطينيين داخل الخط الأخضر، حيث يتقاضون أتعاب أو ما يطلق عليها بالتوفيرات على تصاريح العمل المنتظمة فقط، أما التصاريح الأخرى فلا يترتب عليها أي حقوق".

 

والتصريح المنتظم كما أوضح مدير مكتب العمل لـ"الحدث"، هو التصريح الرسمي الذي يصدر عن مديرية العمل في المحافظة، ويتبع هذا التصريح لشركة، وتكون الشركة مسجلة في الجانب الإسرائيلي وفق الأصول، ويحسب الراتب الإجمالي للعامل على التصريح المنتظم حسب عدد الساعات التي يعملها طوال الشهر، أو حسب عدد الأيام.

 

 

رواتب مزيفة على الورق

وفي معرض الحديث عن تحايل المشغل الإسرائيلي على العامل الفلسطيني في قضية الأتعاب، أوضح نخلة أن الشركة الإسرائيلية أو المشغل يقوم بتسجيل ما يعادل 18 يوماً أو أقل فقط للعامل الفلسطيني، وبعدد ساعات أقل من عدد الساعات التي عملها العامل فعلياً، ليتناسب الراتب الشهري للعامل مع قيمة الحد الأدنى للأجور في إسرائيل.

 

وأضاف، بناء على ذلك يسجل في قسيمة الراتب أن الراتب للعامل 4500 شيقل إلى خمسة آلاف شيقل، وبناء على ذلك تقوم دائرة الدفع بدفع قيمة الأتعاب للعامل بعد انتهاء التصريح، أو بعد انتهاء الخدمة، وفق الأوراق الرسمية المتوفرة لديها وهي قسيمة الراتب.

 

وتابع نخلة، أن العامل الفلسطيني يكون فعلياً قد تحصل على راتب أكثر من ذلك يتراوح من سبعة آلاف إلى ثمانية آلاف وما شابه ذلك، وبالتالي فرق القيمة المالية بينهما يحرم منها العامل، بما أن الراتب المسجل رسمياً على قسيمة الراتب هو قريب من الحد الأدنى للأجور.

 

نتيجة لهذا التحايل في التسجيل، أكد نخلة، أن قيمة الضريبة المسترجعة للعامل تكون أقل، والأتعاب التي تقوم بدفعها دائرة الدفع أقل، إضافة إلى أن حقوق العامل الآخرى المترتبة على المشغل تكون وفق الأرقام المسجلة الرسمية، وبهذه الطريقة يتم الاحتيال على العامل الفلسطيني دون أن يكون على علم أو دراية بذلك.

 

وحول باقي المبلغ الغير مسجل في قسيمة الراتب، يقوم المشغل الإسرائيلي في أغلب الأحيان بتحويل فقط ما دون في القسيمة والباقي يتم دفعه مباشرة باليد، أو يتم تحويل كامل الراتب الحقيقي إلى البنك بغض النظر عن ما دون في قسيمة الراتب، لأن قسيمة الراتب هي الفاصل الأساسي الذي يتم اعتماده، وليس كشوفات البنك والتحويلات المسجلة في البنوك الفلسطينية، لأنها لا تأخذ كسند قانوني إلى دائر الدفع الإسرائيلية، بحسب مدير مكتب العمل في رام الله والبيرة سليم نخلة.

 

العامل لا يستلم قسيمة راتب أو ..

نخلة قال إن أغلب العمال الفلسطينيين ينتبهوا إلى هذه القضية وأن الراتب المسجل على قسيمة الراتب أقل فعلياً مما حصله، وفي حالات كثيرة العامل لا يتسلم قسيمة الراتب بالإصل.

 

وبناء على ذلك يتبين أن العامل الفلسطيني يفضل السكوت عن حقه أملاً باستمرار سريان التصريح كي لا يفقد مصدر رزقه، وبالتالي يعود للبحث عن العمل في الضفة الغربية (27% نسبة البطالة في فلسطين).

 

دور مكتب العمل

وحول الدور الذي تقوم به الجهات الرسمية الفلسطينية، قال نخلة، إن مكتب العمل يقوم بالمتابعة مع دائرة الدفع الإسرائيلية في حال تقدم العامل الفلسطيني إليهم بطلب تحصيل الأتعاب من الجانب الإسرائيلي، حيث يقوم مكتب العمل بتجهيز الأوراق اللازمة، وتحويلها إلى الجانب الإسرائيلي.

 

بعد ذلك يقوم الجانب الإسرائيلي بدراسة الملف بشكل كامل، وبما أن الأموال كان تودع مسبقاً في دائرة الدفع الإسرائيلية بناء على ما كان يسجل في قسيمة الراتب للعامل، فان دائرة الدفع تقوم بدفع فقط ما هو مسجل بحسب القسيمة، كما ذكر نخلة.

 

وأضاف، "لا نستطيع أن نجادل أو ننقاش أن هذا العامل استلم راتب أكثر من ذلك، لأن ما هو متوفر في الأوراق الرسمية هو الراتب المسجل من قبل المشغل وليس الراتب الحقيقي".

 

ومن أجل تفادي تكرار ذلك، قال نخلة، إن مكتب العمل يقوم من خلال قسم التشغيل الخارجي الموجود في مديرية العمل على توعية العمال، ويحاول قدر المستطاع الوصول إليهم في أماكنهم في القرى التي يوجد بها عدد كبير من التصاريح في إسرائيل، حيث يتم جمع العمال واعطائهم إرشادات وتوعية حول الحقوق العمالية.

 

التصاريح الآخرى لا حقوق لها

كل ما ذكر أعلاه يتعلق بالعامل الفلسطيني الحامل للتصريح المنتظم، أم ما يتعلق بالتصاريح الغير المنظمة بأشكالها (تجار, احتياجات خاصة, عمال مهربين) فهي رغبة جامحة للعمال الفلسطينيين، لأن الراتب غير مقيد بالحد الأدنى للأجور، وتكون الأجرة اليومية للعامل على هذه التصاريح أعلى بقليل من العامل المنظم، إلا أنه لا يترتب للعامل الغير منتظم أي أتعاب، سواء عمل في شركات رسمية، أو غير رسمية، أو عمل لدى مقاولين بشكل فردي.

 

مدير مكتب العمل أكد، "لا نستطيع نحن متابعة هذا الأمر لأن التصريح لايصدر من مكتب العمل وغير مسجل لدينا بالإضافة لأن العمال بالأصل لا يتوجهون إلينا في مثل هذه الحالات".

 

وفيما يلي عملية حسابية قام بها مراسل "الحدث"، للكشف عن قيمة الأموال التي تسرقها الشركات الإسرائيلية من العمال الفلسطينيين سنوياً، ونؤكد أن هذا الرقم ليس دقيقاً وإنما تقريبي، بسبب عدم توفر أرقام رسمية:

  • عدد العمال الفلسطينيين بتصاريح منتظمة يبلغ أكثر من 60 ألف عامل، وهو عدد ثابت منذ خمس سنوات، مع العلم أن العدد الحالي تجاوز 65 ألف عامل (رسمياً).
  • الحد الأدنى للأجور في إسرائيل لغاية عام 2016 كان 4500 شيقل (رسمياً)، وهو ما يسجل في قسيمة راتب العامل.
  • العامل الفلسطيني يتحصل فعلياً على راتب شهري يتجاوز 8 آلاف شيقل (تقريباً).
  • الفارق بين الراتب المسجل والحقيقي 3500 شيقل (تقريباً).
  • بحسب القانون يتقاضى العامل مستحقات نهاية خدمة تبلغ راتب شهر كامل عن كل سنة، بعد تجاوز مدة خمس سنوات عمل (رسمياً).
  • 3500 الفارق الغير مسجل* 60000 عامل=  210000000 شيقل (تقريباً).
  • إذا المبلغ المسروق من العمال الفلسطينيين المنتظمين فقط حوالي 210 مليون شيقل سنوياً.
  • يعمل في إسرائيل عمال آخرين غير منتظمين بعشرات الآلاف ولا يتقاضون أي حق من الحقوق العمالية بما في ذلك "الأتعاب".