السبت  04 أيار 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

إشارة ... ذلك هو الشّعر!/ بقلم : محمد شريم

2017-03-22 04:33:00 PM
إشارة ... ذلك هو الشّعر!/ بقلم : محمد شريم
محمد شريم

 

ذلك هو الشعر ! إنه الطائر المحلّق في سماء العقل ، كيمامة بيضاء ترفرف بجناحين ملائكيين حيناً ، وكنسر جارح ينقض من الأعالي بكل ما فيه من القوة والبأس والعنفوان أحياناً !

 

يا له من كائن عجيب! كم يجمع من المفارقات التي لا تخطر للمرء على بال! ألم تر أنه نشيد الماء المتسلسل في جدول رقراق فيتسللبين الحصى والصخور ؟! ألم تر أنههدير بحر متلاطم الأمواج ، وسقسقة عصفور غرّيد في قلب غصن يفيض بالأزهار ، وزئير أسد يسابق الريح خلف ظبية في السهول ، ورفيف فراشة بيضاء أو صفراء تتنقل بين الأقحوان وشقائق النعمان ؟!

 

إنه الشعر ، هو الهيكل الذي التقت تحت قبته الشامخةوفي أجوائهالتأمليةجميع الأمم ، فلا فضل في محرابه  لعربي على عجمي إلا بما أتى به من وجوه الإبداع!هو الله وحده يعلم كم خاض الناس من الصراعات ـ على مدى الأزمان ـ وكم اختلفت الأمم في الثقافات ، فميّزتهم الألسن واللغات ، وشتتهم البلدان والجهات ، وفرقتهم التقاليد والعادات ، وباعدت بيتهم الأفكار والمعتقدات ، وطوحت بهم المصالح في هذا الاتجاه أو ذاك ، ولكنهم جميعاً التقوا في محراب الشعر فألّف بينهم ، وجمّع شملهم تحت مظلة الإنسانية السامية وظلالها الوارفة ، وكفى به جامعاً !أوليس هو بكاء ثاكل عند الأصيل  ، ونحيب أرملة في الليل البهيم ، وشكوى مظلوم ، وأنين مكلوم ، وضراعة ملهوف ، ونجوى متيّم ، وحشرجة ميتّم ، وبهجة والد ، وعهد قائد ، ووصف طريق ، واستغاثة صديق، وصرخة منكوب ، وصيحة ثائر؟!

 

إنه الشعر أيها الأحباب ! أعظم الفنون شأناً ، وأرقاها مكانة ، وأقواها تأثيراً ! يجتمع مع كل منها ، وتتجمّع فيه . كم كان رسماً ضمن لوحة رسام ، ولحناً في بحر معزوفة ،وكلمات في سياق أغنية ، وإيقاعاً مع حركات راقص ، وفكرة في نص ممثل ، ومع هذا فالشعر ألوان رسام موهوب في فم مفوّهٍ ملهَم ، ونغمات موسيقي بارع في كلمات شاعر رقيق ، وترانيم أغنية عذبةعلى شفاه ناظم مجيد ، وحركات راقص تميل بها تفاعيل إيقاع عروضي كيف تشاء ، والشعر أيضاً  حوارات الأتقياء والمارقين والعاشقين التي ترتدي عباءته وتدور على لسانه فوق خشبات المسارح!

 

ذلك هو الشعر !

 

إنه الإبداع الذي اتفقت الأمم على أن تجتمع في محرابه في مثل هذا اليوم ، من كل عام ، أي في الحادي والعشرين من آذار.

 

طبتم ، وطاب شِعركم !