الجمعة  03 أيار 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

مرافعة السابع عشر من نيسان بقلم: طارق عسراوي

حكاية العدد

2017-04-19 04:58:04 PM
مرافعة السابع عشر من نيسان بقلم: طارق عسراوي

"عشَّاقُ فجرٍ 

غازلوا شمسَ البلاد 

وبجوعهم سَرَجوا 

لموعدها الجياد"

 

يشيرُ المؤرخون إلى أنّ نيسان هو أوّل أشهر السنة السورية التي بدأ ميقاتها قبل ستة آلاف وسبعة وستين عاما من هذا اليوم (يحدده بعضهم بـ 5350 عاما)، وارتبط هذا التقويم بالربّة عشتار -الأم الأولى - وفيهِ ترتدي الأرض ثوبها الأنيق ويقيم الناس احتفالاتهم التي يغنون فيها ابتهاجاً بخيرات نيسان "لأمّ الزلف" لقب عشتار وفقا للأسطورة.

 

وَإِنِّي أصدّقُ أن نيسان يتجلّى في سوريا التاريخية دون غيرها من البلاد، وأن هذي البلاد فيه تستعيد ألقها وبهجتها، وأحسّه دون أشهر السنة شهر الانعتاق والخلاص ففيه تنعتق الفراشات من يرقاتها، وتنبلج قبّرة الحقول من قشرة الكلس السميكة.

 

تحدد يوم السابع عشر من نيسان، وفق ما قرر المجلس الوطني الفلسطيني في العام ١٩٧٤، ليكون موعداً سنويا ليوم الأسير الفلسطيني، وقد اختار أسرى الحرية هذا التاريخ ليعلنوا بدء إضرابهم المفتوح عن الطعام أو اضراب الحرية والكرامة كما أعلن الأسير القائد مروان البرغوثي من زنزانة عزله في سجن " هداريم ". 

 

ها هم يُعِدّون أرواحهم للانعتاق من كهف القيدِ، ويستعدون لقرع طبول الحريّة بأجسادهم كي تستعيد البلاد بهجتها بهم، وتفيض لهم بالعنّاب والتفّاح السكّري.

 

فبهم تليقُ الحريّة وقد أطعموا شمسها من لحمهم وأعمارهم، ونراهم من خلف السياج يطيّرون شارات النصر مثل أسراب الحمام للأهل والزوجة والولد

 

ها هم يكمِلُون خُطا رفاقهم في الدرب، أولئك الذين مهّدوا منذ اضراب القيد الأول طريق الخلاص الطويلة، الذين جعلوا من أجسادهم نصالاً لامعة وبنادق محشوّة بشعاع الحرية في معركة الوجود، فما زالت قبضة عبد القادر أبو الفحم تقرعُ باب سجن عسقلان وتتصادى منذ العام ١٩٧٠، وكلّما سَقى أسيرٌ أرض زنزانته بالماء والملح أضاءت في سماء سجن نفحة نجمة راسم حلاوة وعلي الجعفري، وتفلّع الوميض من جدران سجن جنيد لينهض محمود فريتخ بكل بساطة الشهداء.


أولئك العشاق الذين يخجل لهم الجوريّ على خد البلاد في نيسان، وتبني لهم القلوب أعشاش الاشتياق على الشرفات سوف تقيم لهم الأرض أعراسها وهم يسرجون الخيول لموعدهم مع عشتارنا الأولى، شمس حريّتهم النيسانيّة، ويليق بهم أن نعلّق قناديل الأهازيج والنشيد، كما علّقها العرب الأوائل لأمّ الزلف، ونشعل لهم البرق في الحناجر حين نهتف بأسمائهم أو نرفع الأغاني في ساعة اللقاء.