الأربعاء  15 أيار 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

في العدد 85| إضراب الحرية والكرامة.. مسألة وقت وتتحقق مطالب الحركة الأسيرة

2017-05-09 09:12:27 AM
في العدد 85| إضراب الحرية والكرامة.. مسألة وقت وتتحقق مطالب الحركة الأسيرة
يافطة للأسير مروان البرغوثي في مسير الحرية والكرامة (الحدث)

 

الحدث- محمد غفري

على الحائط الرمادي المعتم لإحدى زنازين الأسر الإسرائيلية، وبعدما تناول شربة من الماء المالح، خط بيمينه الهزيلة الخط الثالث والعشرين، يعد بهذه الخطوط البيضاء أيامه في الإضراب المفتوح عن الطعام، ينشد نصراً قريباً يحقق مطالبه المشروعة، أو شهادة في سبيل نيل الحرية ولكن، أن يهزم الأسير الفلسطيني فهذا محال، وأثبت ذلك عبر التاريخ في 23 إضراباً خاضتها الحركة الفلسطينية الأسيرة انتهت كلها بانتصار إرادة الأسرى على طغيان السجان.

 

حكاية الإضراب الرابع والعشرين في سجون الاحتلال بدأت عندما قررت حركة فتح في سجون الاحتلال بقيادة الأسير القائد مروان البرغوثي اعتماد يوم الأسير الفلسطيني 17 من نيسان موعداً لبدء الإضراب المفتوح عن الطعام في كافة السجون.

 

عشية يوم الاثنين 17 نيسان 2017 سلمت قيادة الحركة الأسيرة إدارة سجون الاحتلال 27 مطلباً كانت قد سلبتها منهم بعد أن حققوها في إضرابات سابقة، ومع بزوغ فجر يوم الأسير، دخل نحو 1600 أسير فلسطيني من مختلف الفصائل والتنظيمات في الإضراب المفتوح عن الطعام، كان من بينهم كريم يونس أقدم أسير فلسطيني، وعلى فترات لاحقاً انضم لهم عدد من الأسرى المساندين من مختلف قيادات الفصائل الفلسطينية أبرزهم نائل البرغوثي عميد الأسرى الفلسطينيين.

 

وأبرز مطالب الأسرى التي يسعون لتحقيقها: إنهاء سياسة العزل، وسياسة الاعتقال الإداري، إضافة إلى المطالبة بتركيب تلفون عمومي للأسرى للتواصل مع ذويهم، ومجموعة من المطالب التي تتعلق في زيارات ذويهم، وعدد من المطالب الخاصة في علاجهم، ومطالب أخرى تهدف لتحسين ظروف حياتهم الاعتقالية.

 

 

قبل الإضراب

الأسير الفلسطيني المحرر عصمت منصور قال إن الأسرى في سجون الاحتلال يقومون بعدة خطوات من أجل تحقيق مطالبهم قبل خوض معركة الأمعاء الخاوية، ومن هذه الخطوات عدم الخروج إلى الساحة (الفورة) وإرجاع الوجبات، وغيرها من الخطوات التي تسبق قرار الإضراب.

 

وفي حال واصلت إدارة السجون تعنتها تقرر الحركة الأسيرة خوض الإضراب، وهو السلاح الوحيد الذي يملكه الأسير من أجل تحقيق مطالبه، بحسب ما ذكر منصور في حوار خاص مع "الحدث".

 

وأكد منصور، أن قيادة الحركة الأسيرة وفور اتخاذها قرار الإضراب تبدأ قبل أشهر بشحذ همم الأسرى وإعطائهم التعليمات الواجب الالتزام بها خلال أيام الإضراب، ويتم الإعلان عن قيادة الإضراب التي تتولى مفاوضة إدارة السجون، كما تكون هناك قيادة ظل من أجل التعامل مع أي طارئ.

 

ساعة الصفر

الأسير المحرر عصمت منصور أمضى في سجون الاحتلال نحو عشرين عاماً، وخاض خمسة إضرابات جماعية عن الطعام خلال فترة اعتقاله.

 

عاد منصور بذاكرته إلى أيام الإضراب عن الطعام، قائلاً "عشية اليوم الأول للإضراب يقوم الأسرى بشرب الحليب البارد مع السكر من أجل إفراغ ما في بطونهم حتى لا يتحجر الطعام داخل المعدة مع الأيام، كذلك يقوم الأسرى بحلق شعرهم تحسباً لتساقطه أو عدم القدرة على الاستحمام".

 

وأضاف منصور، في ساعة الصفر يتم قراءة بيان الإضراب من قبل قيادة الحركة الأسيرة على عموم الأسرى، ويتضمن شحذ للهمم وتلاوة لمطالبهم العادلة، والتحذير من الإشاعات، والإعلان مجدداً عن قيادة الإضراب.

 

بدأت المعركة

في اليوم الأول لإضراب الأسرى، تبدأ إدراة سجون الاحتلال باتخاذ عدة إجراءات عقابية تجاه الأسرى المضربين، حيث تأخذهم إلى العزل، وتمارس بحقهم التفتيشات التعسفية، والتنقلات المستمرة بين السجون والأقسام، وهذه الإجراءات تهدف إلى إرهاق الأسرى، وتتواصل على مدار أيام الإضراب، بحسب ما أفاد الأسير المحرر منصور.

 

كما وتقوم إدارة السجون بعدة محاولات هادفة إنهاء إضراب الأسرى، ذكر منها عصمت منصور: تشغيل الموسيقى المزعجة حتى لا ينام الأسرى، القيام بحفلات شواء، بث الإشاعات حتى تتحطم معنويات الأسرى، مصادرة الملح، التهديد بالتغذية القصرية، التنقلات والعزل والتفتيشات وغيرها.

 

أما على الصعيد الجسدي، أكد منصور أن الأيام الثلاث الأولى تكون من أصعب الأيام لأن الجسد يجوع بشكل مفاجئ، وبعدها عندما يتعود جسد الأسير على الجوع ويتقلص حجم المعدة يصبح الإضراب أسهل ويتغذى الجسد على نفسه، ويصاحب ذلك الشعور بالإرهاق والهزل والدوخان المستمر والسقوط المفاجئ وآلام في المفاصل، حتى يصل الإضراب إلى ما بعد العشرين يوماً، وهنا تبدأ مرحلة الخطر الشديد على حياة الأسرى، إلى أن ينتهي الإضراب بالنصر وعندها تزول كل الآلام وتعود الحياة للجسد كأن الأسير لم يجع لأكثر من عشرين يوماً بتاتاً.

 

إلى أين وصل إضراب الأسرى؟

ومع تجاوز إضراب الحرية والكرامة أيامه العشرين في سجون الاحتلال، أكد رئيس هيئة شؤون الأسرى والمحررين عيسى قراقع على استمرار الإضراب، قائلاً "الأسرى قرروا أن لا يوقفوا هذا الإضراب مهما كانت النتائج، إلى أن تستجيب الحكومة الإسرائيلية إلى مطالبهم الإنسانية العاجلة".

 

وبالحديث حول أخر تطورات الإضراب، قال قراقع في تصريح خاص لـ"الحدث"، إن الإضراب أخذ زخماً جديداً بانضمام أفواج جديدة من الأسرى في اليومين الأخيرين إلى الإضراب، حتى لا يكسر هذا الإضراب، وأيضا رداً على استمرار الإجراءات التعسفية والقمعية بحق الأسرى المضربين، ورداً على التهديدات الإسرائيلية بالتغذية القسرية للأسرى المضربين، وغير ذلك من الممارسات التي لا زالت إسرائيل تراهن من خلالها على إفشال الإضراب وكسره.

 

وأضاف وزير الأسرى والمحررين قراقع، أن إسرائيل تريد أن تدمر الإضراب، ولهذا السبب رفضت مفاوضة قيادة الإضراب، وراهنت على فشله، وراهنت على إنهاك المعتقلين، وحتى اليوم لم تجرِ أي مفاوضات ومبادرات للحل مع الأسرى.

 

وانضم يوم الخميس الماضي 50 أسيراً من قيادات أسرى حركة حماس وحركة الجهاد الإسلامي والجبهة الشعبية إلى الإضراب المفتوح عن الطعام، أبرزهم: من حماس حسن سلامة ونائل البرغوثي وعباس السيد، من الجهاد الإسلامي زيد بسيسو، إضافة إلى أمين عام الجبهة الشعبية أحمد سعدات.

 

وفيما يتعلق بالوضع الصحي للأسرى المضربين، أفاد قراقع أن الوضع الصحي للأسرى أصبح خطيراً للغاية، كما وأبدى قلقه على وضع الأسرى، وأن الحالات المرضية باتت كثيرة، وتوقع أن تنقل أعداد كبيرة منهم إلى المستشفيات خلال الأيام القليلة القادمة، نتيجة التردي الصحي الكبير الذي طرأ على صحة الأسرى المضربين، وهو ما دفعه للتحذير من سقوط شهداء من الأسرى المضربين.

 

قراقع حمل حكومة الاحتلال المسؤولية نتيجة تعنتها واستمرارها في المماطلة وعدم التجاوب مع مطالب الأسرى، مؤكداً "إذا ما حصل إي مكروه لأي أسير سوف تكون الأمور صعبة ولها تداعيات كبيرة جداً في السجون وخارج السجون".

 

كما وكشف قراقع لـ"الحدث" عن الجهود التي تقوم بها القيادة الفلسطينية في سبيل تحقيق مطالب الأسرى المضربين "هذا في الوقت الذي ما زالت تواصل فيه القيادة الفلسطينية الاتصالات سواء مع الجهات الدولية أو مع الجانب الإسرائيلي من خلال هيئة الشؤون المدنية، من أجل الضغط باتجاه مفاوضة قيادة الإضراب والاستجابة لمطالبهم".

 

مشاهد وقيادات من الإضراب

مروان البرغوثي، كريم يونس، ناصر أبو حميد، لعلها من أبرز الأسماء القيادية التي تصدرت مشهد إضراب الكرامة منذ بدايته، أقلهم عيشاً في سجون الاحتلال أمضى ما يزيد عن العشرين عاماً، وحكمه لا يقل عن المؤبد.

 

الميادين والساحات وعلى الجدران وفي خيم التضامن وحتى الرايات الصفراء كلها تمتلئ بصور عضو اللجنة المركزية لحركة فتح مروان البرغوثي، المبادر بفكرة الإضرب والذي يتولى حتى اليوم قيادته من داخل عزله، على الرغم من انقطاعه التام عن باقي الأسرى والعالم الخارجي.

 

وفي آخر تدوينة لها على مواقع التواصل الاجتماعي عن وضع البرغوثي، كتبت المحامية فدوى البرغوثي زوجة الأسير المناضل مروان البرغوثي، تقول: تصلنا أخبار غير رسمية عن تدهور صحة أبو القسام، واستمرار إسرائيل في إطار إجراءاتها العقابية ضد الأسرى المضربين عن الطعام في استهدافه من خلال التحريض ضده، بما في ذلك على القتل، وعزله ومنع حتى الصليب الاحمر من زيارته، ومنع أي محامي من زيارته حتى الآن، ولا توجد أي طريقة للتواصل معه منذ ثلاثة أسابيع".

 

وتساءلت منسقة الحملة الشعبية لإطلاق سراح القائد مروان البرغوثي وباقي الأسرى في تدوينتها: ماذا تخفي إسرائيل؟ وما هو دور القيادة والمركزية والحركة والفصائل في مواجهة محاولة التصفية هذه وراء أبواب مغلقة؟.

 

مشهد آخر من مشاهد الإضراب، كان لابن قرية عارة في الداخل الفلسطيني المحتل كريم يونس أقدم أسير فلسطيني، الذي أمضى في سجون الاحتلال ما يزيد عن 36 عاماً بشكل متواصل.

 

يونس الذي غاب لسنوات طويلة خلف ستار السجان، وتغيرت ملامحه كلياً عن صوره الشهيرة في مسيرات التضامن، ظهر لأول مرة منذ زمن بعيد في قاعة المحكمة الإسرائيلية عندما قدم له استئناف زيارة محامي، مؤكداً أمام سجانيه "الإضراب مستمر ولن نتراجع عنه حتى لو صرنا جثثاً".  

 

كريم يونس وناصر أبو حميد رفضا في وقت سابق التفاوض مع إدارة السجون حول مطالب الأسرى بشكل منفصل عن الأسير القيادي مروان البرغوثي.

 

وبالحديث عن الأسير ناصر أبو حميد، لابد من استحضار والدته أم ناصر التي لا تغيب منذ سنوات عن كافة خيم التضامن والمسيرات المطالبة بالإفراج عن الأسرى وتحقيق مطالبهم.

 

أم ناصر من مخيم الأمعري قرب رام الله، قدّمت فلذات كبدها بين أسير وشهيد خلال الانتفاضتين الفلسطينيتين، ومنذ اليوم الأول لإضراب الكرامة شرعت في إضراب مفتوح عن الطعام إسناداً لأبنائها الخمسة المضربين وأكثر من 1600 أسير فلسطيني.

 

المشهد الأبرز لأم ناصر كان عندما تغيبت عن الوعي وسقطت بين الجماهير نتيجة الإرهاق الشديد خلال مشاركتها يوم الأربعاء الماضي 3 أيار/ مايو في مسيرة الحرية والكرامة عند ميدان نيسلون منديلا في مدينة رام الله.

 

 

تضامن غير مسبوق مع الإضراب

هذه المشاهد الثلاثة تدفعنا إلى جولة في ميادين وأنشطة التضامن، التي قال عنها رئيس هيئة شؤون الأسرى والمحررين عيسى قراقع: "التضامن واسع جداً وكبير جداً وغير مسبوق وفي كل البلدات الفلسطينية هناك تضامن واسع في المدن والقرى والمخيمات، وبالتالي الشعب الفلسطيني عمل كل ما يستطيع من أجل الوقوف إلى جانب الأسرى".

 

العديد من الأنشطة التضامنية انطلقت منذ اليوم الأول لإضراب الأسرى، وطغى عليها هذه المرة الطابع السلمي الإبداعي بعيداً عن الاشتباك الجماهيري المباشر مع قوات الاحتلال.

 

أبرز هذه الأنشطة كان الإضراب الشامل يوم الخميس 27 نيسان الماضي، حيث أغلقت كافة المحال التجارية والمطاعم أبوابها، وأضربت مؤسسات القطاع العام والخاص، وتعطلت حركة المواصلات العامة، واحتشدت الجماهير في خيم التضامن المركيزية وسط مشاركة وساعة في المسيرات.

 

نشاط آخر نوعي كان مسيرة الحرية والكرامة، التي نظمت يوم الأربعاء 3 أيار الماضي، عندما احتشد آلاف المواطنين عند ميدان نيسلون منديلا في مدينة رام الله، من مختلف الفصائل والمؤسسات وفئات الشعب الفلسطيني، ولسان حالهم ينادي "حرية.. حرية".

 

تحدي "مي ومالح"، كان هو الآخر نشاطاً رمزياً نوعياً استطاع أن يلفت إليه كافة وسائل الاعلام العالمية، وشارك به العديد من المواطنين بشكل فردي أو جماعي، والقيادات، والفنانين، والشخصيات الشهيرة، إلى جانب مشاركة شخصيات عالمية كما هو الحال مع الفنان البريطاني الشهير مارك توماس، ونواب في البرلمان الإيطالي.

 

خيمة التضامن المركزية وسط مدينة رام الله، لم تخلُ هي الأخرى من مئات المحتشدين يومياً إسناداً لإضراب الكرامة، وشهدت عدداً من الفعاليات التضامنية الرمزية بشكل يومي، فهذا عريس يزف عروسه في خيمة التضامن، وهذا شهيد أسير محرر تخرج جنازته من خيمة التضامن، وحلاق يقص شعر الآخرين تضامناً مع الأسرى، وهناك كانت أيضاً أستاذة جامعية تعطي محاضرتها في الخيمة بدلاً من قاعة التدريس.. ألخ.

 

 

الاحتلال يبث الإشاعات

وكما حذرت قيادة الحركة الإسيرة قبل بداية الإضراب من نشر الاحتلال للإشاعات، لفقت مصلحة السجون الإسرائيلية مقطع فيديو مسجل يظهر فيه سجين مجهول وهو يأكل طعاماً بشكل خفي داخل زنزانته.

 

وزعمت مصلحة السجون أن الشخص، الذي يظهر في المقطع المصور، هو القيادي مروان البرغوثي، مدعية أن "البرغوثي يستغل المعتقلين الفلسطينيين ويجعلهم يجوعون، بينما هو يأكل بالخفية من أجل أهداف سياسية لما بعد مرحلة الرئيس الفلسطيني محمود عباس".

 

هذه الإشاعة الملفقة لم تمر على الفلسطينيين، حيث شككت المحامية فدوى البرغوثي، في صحة الفيديو، وأنه "مفبرك وأسلوب دنيء وقذر".

 

وشددت البرغوثي على أن زوجها "لا يمكن أن يقع في هذا الفخ (..) هذا لا يعدو كونه تزييفاً للحقائق".

 

بدوره، قال رئيس نادي الأسير الفلسطيني قدورة فارس، "إن نشر الفيديو الملفق لم يشكل أي مفاجأة".

 

وأضاف فارس: "كان من المتوقع أن تمارس السلطات الإسرائيلية الأكاذيب والتضليل في هذه المرحلة الحساسة من الإضراب عن الطعام في سجون الاحتلال".

 

وتابع "إسرائيل تتخبط والفيديو دليل ذلك، وحالة الاضطراب التي تعيشها إسرائيل مؤشر على أن المضربين عن الطعام اقتربوا من مرحلة النصر".

 

ويعتقد الأسير المحرر عصمت منصور أن "هذه المحاولة السخيفة في بث إشاعات ومحاولات تشوية قيادات الإضراب هي الطلقة الاخيرة في جعبة مديرية السجون، ودليل عجزها وإفلاسها أمام صمود وتماسك الأسرى وقوة إرادتهم".

 

إذاً متى ينتهي الإضراب؟

الباحث في شؤون الأسرى د.عبد الرحيم الشيخ قال إن صمود الأسرى داخل السجون هو المفتاح الأول والأخير لإنهاء الإضراب، ولا ينتهي الإضراب إلا عندما يتم الاسستجابة لمطالب الأسرى هذا من الناحية الأولى، ومن الناحية الأخرى يلاحظ تصاعد الهبة الجماهيرية، والتضامن مع قضية الأسرى، التي تعزز الضغط على سلطات الاحتلال من أجل الاستجابة لهذه المطالب.

 

وحتى تتحقق مطالب الأسرى هناك ثلاث مستويات مطلوبة كما يرى الشيخ في حواره مع "الحدث"، المستوى الأول، أن تمارس القيادة  السياسة الفلسطينية كل ما تملك من ضغوط على الصعيد الدولي، لفضح ممارسات إسرائيل والضغط عليها لتلبية مطالب الأسرى، وهذا يقتضي تفعيل الدور الدبلوماسي والسياسي الفلسطيني بأقصى المستويات.

 

أما المستوى الثاني يكون على الصعيد المدني والمؤسسات العاملة في حقل قضايا الأسرى، وأن تمارس تواصلها وضغوطها مع المؤسسات الرديفة والشبيهة لها في العالم لفضح الممارسات الإسرائيلية، بكل ما تملك من ضغط، وتحديداً في ظل التهديد الإسرائيلي باستجلاب أطباء من الخارج يقومون بإطعام الأسرى قصرياً، وهذه المؤسسات مثل أطباء بلا حدود، والصليب الأحمر، ومنظمات الأمم المتحدة.

 

والمستوى الثالث الذي ذكره الشيخ هو مستوى الضغط الجماهيري الفلسطيني، الذي يجب أن يخرج من حملات التضامن داخل الخيم، مشيراً إلى أن هناك دعوات جادة لإعلان العصيان المدني، وهدم الخيم، والتوجه إلى نقاط الضغط المباشرة مع الاحتلال الإسرائيلي.

 

تجويع المعدة تقزيم لفكرة السجن

في المحصلة النهائية أكثر من 1600 فلسطيني عنيد خلف قضبان المحتل قرر خوض غمار معركة لا تقبل القسمة على اثنين، هؤلاء الأسرى رفعوا 27 مطلباً كانت قد سلبتها منهم إدارة سجون الاحتلال الإسرائيلي بعدما حققوها في إضرابات سابقة، وقدموا عشرات الشهداء والمرضى منهم حتى تحققت، لذلك لن يتنازلوا عنها مهما كان الثمن.

 

يقول أحد الأصدقاء الأسرى المحررين، الذي أمضى سنوات طويلة في السجن: "الفكرة من السجن هي عزل الأسرى ليس جسدياً فقط، بل وحجب تأثيرهم وفعلهم عن الوسط الذي ينشطون فيه. عندما يضرب الأسرى فإنهم يقزمون فكرة السجن ويفرغونها من مضمونها ويفشلونها، يقلصون تأثيره إلى أدني مستوى ليبقى محصورا في أجسادهم. عندما ترى إسرائيل كم هو هائل وعميق وإلى أين يمكن أن يصل صوت الأسرى، وكم هو قادر على إحداث تغيير، وأن يطال كل مناحي حياتنا، فإنها تدرك وإن لم تعترف أنها هزمت وأنه لا أمل لها أمامهم".