الحدث- محاسن أُصرف
أثارت التسريبات التي كشف عنها مؤخرًا "د. فايز أبو شمالة" الكاتب والمحلل السياسي، حالة من البلبلة في الشارع الفلسطيني خاصة في ظل نفي قيادة حركة "حماس" في غزة لها وتأكيدهم على أن اللقاءات جميعها كانت مع القيادة المصرية بعيدًا عن أي طرف سياسي فلسطيني.
ويبدو هذا النفي منطقيًا لدى مراقبون للوضع الفلسطيني القائم، خاصة في ظل عدم وجود أي تطورات عملية على أرض الواقع تشي بالتوصل إلى اتفاق من شأنه أن يُنهي بعض تفاصيل المعاناة ويُخفف من حدة الأزمات التي تتلاحق تباعًا على سكان القطاع وقيادته، حيث يُقر "ناجي شراب" الكاتب والمحلل السياسي، بأن ما يُقرب نظرية التوافق والوصول إلى تفاهمات أو اتفاقات بين "حماس" والنائب "محمد دحلان" برعاية القيادة المصرية هو الخلافات الحادة بين بين الأخير "دحلان" وبين الرئيس "محمود عبّاس" إضافة إلى حالة الانقسام السياسي بين حركة حماس في غزة وحركة فتح السلطة في الضفة الغربية، وكذلك الأزمات التي تُعانيها حماس في القطاع وحالة اخنق والتضييق التي يُقاسيها السكان سواء فيما يتعلق بأزمة الكهرباء أو الرواتب، وقال في لقاء خاص مع "الحدث" من شأن هذه الظروف أن تُوحد الجهات المتضررة في إطار البحث عن حلول للخروج من أزمة الشقاق وتنافي المصالح بتجميعها في بوتقة الحل المؤقت.
حلول مؤقتة لأزمات غزة
وأشار "شراب" إلى أن التسريبات إن صحت فلن تُقدم حلًا جذريًا فقط حلول مؤقتة تبتعد بـ "حماس" عن المواجهة العسكرية المفتوحة مع الاحتلال والتي لن يتمكن الشعب في ظل استمرار الضغوطات التي يتعرض لها من قبل السلطة الفلسطينية والمتعلقة بأزمتي الكهرباء والرواتب من دفع ثمنها.
يؤكد "شراب" لـ "الحدث" أن إجراءات السلطة وعقوباتها المتوالية جعلت الخيارات محدودة أما "حماس" وحصرتها في بوتقة الحل السياسي بالاتجاه إلى مصر والوصول معها إلى تفاهمات تحفظ الأمن القومي لها مقابل حلحلة الوضع الراهن في غزة، أو الاتجاه إلى إسرائيل سواء بالحرب أو الهدنة وتقديم التنازلات.
وبدا للمحلل السياسي "شراب" أنه بمجرد خروج وفد حركة حماس الأسبوع الماضي ضمن إجراءات سرية ومن دون فتح معبر رفح البري الفاصل بين غزة ومصر للمسافرين أو العالقين، فقد اختارت حماس "الحل السياسي" لافتًا أنها بذلك اتجهت إلى دفع ثمن أقل من ثمن الحرب أو تقديم التنازلات.
وفيما يتعلق بأثر التوافق بين حماس ودحلان ومصر على علاقة الأولى بالسلطة الفلسطينية والرئيس محمود عباس أكد أنها ستُفضي إلى المزيد من الإجراءات العقابية، وقال: " هناك إجراءات منتظرة لقطاع غزة ستُحاول ممارسة ضغط على حماس لإلزامها بالعودة إلى اتفاقات المصالحة وتوقيع اتفاق بما يروق إلى حد كبير مع تفكيرها ورؤيتها.
عودة والتفاف من قبل السلطة
بدوره قلل "إبراهيم المدهون" المحلل السياسي من التسريبات الكاشفة عن اتفاق مرتقب بين قيادة حركة حماس في غزة والنائب محمد دحلان، وقال في تصريحات لـ "الحدث": "أعتقد أن اللقاءات اقتصرت على الجانب المصري فقط في إطار الدور المركزي الذي تُمثله مصر لقطاع غزة".
وشدد على أن الفجوة التي تشهدها العلاقات بين الرئيس محمود عباس وحركة حماس كانت سببًا في سعي الأخيرة إلى تعويض نكوصه تجاهها وتجاه قطاع غزة عمومًا بالاتجاه إلى مصر في زيارة استمرت لأكثر من أسبوع كامل، وهو ما اعتبره مؤشر إيجابي للوصول إلى تفاهمات حول أدق التفاصيل في الوضع القائم.
ولا تبدو التداعيات وخيمة من وجهة نظر "المدهون" على الحالة السياسية القائمة بين القطاع والضفة المحتلة المنشطرين بالانقسام منذ 11 عامًا، فهو يعتقد أن ذلك سُيعيد السلطة الفلسطينية إلى رُشدها في التفاهم مع "حماس" مُجددًا بعيدًا عن الخصم السياسي الأكبر لها "محمد دحلان"، وقال: "على المدى القريب سيزداد التوتر في العلاقات بين حماس وعباس ولكن على المدى البعيد فسيكون لصالح حماس.
ويستند "المدهون" في اعتقاده إلى الرؤية الضبابية التي تملكها السلطة الفلسطينية ومحمود عباس بعدم قدرة حماس على الخروج من جدران الحصار التي شيدها حولها بإجراءات بدت له تؤدي مهمة "التقويض" و"العزل"، وأضاف أن عبّاس كان يُراهن على عدم قدرة حماس على مواجهة الإجراءات العقابية التي نفذها ضدها إلا عبر المواجهة العسكرية والانفجار في وجه إسرائيل لكنّ خروج وفدها إلى القاهرة في زيارة تُعد -طويلة- ستجعله يُعيد الالتفاف حولها والحديث معها والخروج بوفاق يُنفذ على أرض الواقع.