الأحد  28 نيسان 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

خاص "الحدث"| قائمة أسعار حكومية استرشادية تستقوي التجار على المستهلكين

التجار لا يلتزمون بها وأسعارهم أكثر رحمة منها على جيوب المستهلكين

2017-06-14 12:04:06 PM
خاص
فواكه- ارشيف الحدث

 

الحدث ـ خاص

 

المراقب لقائمة الأسعار الاسترشادية التي تصدر عن وزارة الاقتصاد الوطني عشية كل شهر رمضان، يجد الفروقات الواضحة في تحديد الأسعار ما بين المتداول به فعلياً في السوق وتلك الأسعار التي حددتها الوزارة والتي بالغالب هي أعلى منها في السوق إلى درجة أن المستهلك والمراقب بات يستشعر أن الوزارة تستقوي تجار المفرق على المستهلك، الذي كان يتطلع لأن تكون أسعار الوزارة الاسترشادية تنسجم مع قدراته الشرائية المتآكلة وتستجيب لإمكانياته المالية المتهالكة، في حين كانت المفاجأة بما يعرضه التجار من أسعار في غالبيتها هي الأرحم والأقل سعراً. فكيف الوزارة تعد القائمة، ولماذا تضع أسعاراً أغلى من أسعار السوق؟ ما يدلل على استقواء التجار على المستهلكين، ولماذا تم تأخير الإعلان عن قائمة الأسعار الاسترشادية حتى اللحظات الأخيرة من بدء الشهر الفضيل، بعكس السنوات السابقة؟

 

ومن المؤكد أن شكاوي المستهلكين المتعلقة بالأسعار هذه السنة ليست مثل العام الماضي، فمنذ الأول من شهر رمضان حتى اليوم لم يسجل لدى دائرة حماية المستهلك في وزارة الاقتصاد الوطني أكثر من 7 شكاوى على الأسعار، في حين كانت تتلقى يومياً في العام الماضي ما معدله 40 ـ 50 شكوى، ففارق الأسعار ملموس وواضح بين شهر رمضان العام الماضي والحالي وخاصة في سعر الأرز والزيت واللحوم بشكل عام.

 

دخول رمضان بأسعار منطقية للحوم والدواجن والأرز

وفي حين يرى صلاح هنية ـ رئيس جمعية حماية المستهلك الفلسطيني في محافظة رام الله والبيرة، المنسق العام لائتلاف جمعيات حماية المستهلك الفلسطيني، أن هذا العام في رمضان شهد السوق الفلسطيني متغيراً أساسياً وهو ثبات الأسعار على حالها قبل رمضان وعدم ارتفاعها بالشكل الذي يشكل ظاهرة تتعاون عليها ائتلاف جمعيات حماية المستهلك الفلسطيني واتحاد الغرف التجارية الصناعية الزراعية، منذ 17/4 أعلن الأسرى إضرابهم عن الطعام في سجون الاحتلال وهذا ما جعل الشعب الفلسطيني منتصراً للأسرى ولم ينظم الولائم في رمضان ولم يبالغ في تقاليد شهر رمضان خصوصاً في نابلس والقدس ولم تحضر الولائم بزخم في بقية المحافظات سواء في الأفراح أو المناسبات الاجتماعية، بالتالي دخلنا رمضان بأسعار منطقية للحوم والدواجن والأرز، وهذه ميزة مهمة.

تدخلنا ضمن هوامش معينة في الأسعار ولا نحددها

فإن عزمي عبد الرحمن مدير السياسات والناطق الرسمي باسم الوزارة، يؤكد أن ما يتم وضعه في القائمة الاسترشادية هو السقف السعري للسلع الأساسية، وبالتالي نهيب ونشجع أن يتم البيع والتنافس بأقل مما وضعناه وان كانت الأسعار اعلى من السوق، فانها تندرج ضمن السوق وهناك بالمقابل سلع كثيرة أقل من سعر السوق.

ولا يدعو عبد الرحمن، التجار للالتزام فقط بسقف السعر، ولكنه يحثهم على أن لا يتجاوزه، وان يتنافسوا في البيع بأقل منه، (لأن المادة 21 في القانون الأساسي وقانون السوق الحر، تنص على منع تحديد الأسعار، وانسجاماً مع هذا ومع قرارات مجلس الوزراء نتدخل في مجال الأسعار ضمن هوامش معينة ولا نحددها وإنما نحدد أسقفها، ونشجع على المنافسة بأقل منها).

ويدلل عبد الرحمن، على ذلك بأنهم حددوا سعر كيلو الدجاج بـ 13 شيكلاً وهو في السوق يباع بـ 10 و11 شيكلاً، مؤكداً على أن همهم هو المستهلك والمنتج والمزارع في نفس الوقت، وبالتالي فإنه يرى: (ارتفاع التكاليف الحقيقية لسعر الدجاج وتكلف أكثر من السعر المعروض حسب حسابات وزارة الزراعة وتدقيقاتهم حوالي 11 شيكلاً، وبالتالي فإن من يبيع الدجاج بسعر 10 أو 9,9 فهو يبيعها بخسارة وعلى حساب المزارع، فالكثير من المزارعين "انكسروا" ويعتصمون أمام مجلس الوزراء ويطالبون بتعويض أضرارهم).

 

العدالة بين كافة الجهات والأطراف ضمن هوامش ربح معقولة

ولأن المزارع هو الحلقة الأضعف في الحياة الاقتصادية يقول عبد الرحمن: (جاءت تسعيرة وزارة الزراعة بـ 14 شيكلاً بينما قمنا في الاقتصاد الوطني بتخفيضها إلى 13 شيكلاً، لأن هدفنا المستهلك والمزارع والتاجر أو المستورد في نفس الوقت، ونريد العدالة بين كافة الجهات والاطراف ضمن هوامش ربح معقولة ومعتدلة ومقبولة لدى الجميع، لا نريد للمنتج أو التاجر يظلم ولا نريد في نفس الوقت أن يخسر المزارع أو المنتج. من هنا نضع قائمة أسعار استرشادية مرنة ونشجع المنافسة في البيع بأقل مما تحدده القائمة).

 

ويؤكد عبد الرحمن التزام محلات كثيرة بالقائمة الاسترشادية، (وإن وجدت طواقم حماية المستهلك خلال جولاتها الرقابية عدم التزام من قبل أي تاجر أو مورد بقائمة الأسعار فإنها تقوم بتحرير مخالفة بحقه فوراً).

 

حملات تخفيضات على الأسعار سبقت القائمة

ويرى هنية، أن التجار سبقوا كل شيء وأعلنوا عن حملات تخفيضات على الأسعار سادت هذه المسألة منذ ثلاثة أعوام انطلقت من محافظة رام الله والبيرة وامتدت، والغريب مثلاً أن عديد المتاجر كانت تبيع الأرز بسعر منخفض رغم أنه وصل إلى أرقام قياسية قاربت 140 شيكلاً لـ 25 كيلو غرام، واليوم لم يتراوح بين 110 – 114 شيكل، وهناك أصناف أخرى موجودة ومتنوعة، وهذه العروض بمجملها أقل من سقف السعر العادل الذي أعلن من قبل الجهات الرسمية، وأسعار لحوم العجل المعلنة اعلى مما هي في السوق، وحتى أسعار الزيوت النباتية نتيجة للمنافسة أقل مما هي عليه في اللائحة السعرية.

 

ومن الواضح حسب هنية، أن التجار بادروا باكرا للتعامل مع الأسعار في رمضان خصوصا للسلع الأساسية في السوبر ماركت وفي محلات بيع الدواجن وعدد من الملاحم، فهناك عروض من محلات بيع الدواجن تبيع ال 6 دواجن وزن 7.5 كيلو غرام ب 100 شيكل، ومن ثم قامت ذات المحل بالإعلان عن ثمن الدجاجة الواحدة ب13 شيكلاً وهي دواجن عزيزا، ولم يتجاوز السعر سقف 12.5 شيكل في غالبية المحلات، وتشهد أسعار السكر والأرز والزيوت النباتية والألبان والحليب الطازج انخفاضاً عن سعره الأصلي نتيجة للعروض وتراكم الخبرة لدى التجار في عمليات الشراء وبداية احتراف في تنظيم العروض للتوائم مع المنافسة وكسب حصة من السوق وكمية مبيعات مناسبة لاستمرارية في الشغل واستمرارية حضور المتاجر التي تخوض المنافسة، وترافق ذلك مع فتح فروع مختلفة لذات المتجر في مواقع مختلفة في مدينتي رام الله والبيرة والامتداد إلى محافظات أخرى.

 

مصداقية العروض وثبات الأسعار

ويبقى الأهم بالنسبة للائتلاف جمعيات حماية المستهلك هو مصداقية هذه العروض وثبات هذه الأسعار في سهر رمضان وبقية العام ونحرص على المتابعة والمقارنة والتأكد من خلال تلقي الشكاوى عبر خط الشكاوى للجمعية 1700126127، ومن خلال جولات ميدانية، ومن خلال حملات الوعية للمستهلك بضرورة المقارنة بين العروض والأسعار المتداولة، والشراء بناء على قائمة احتياجات حتى تتحقق الفائدة من العروض.

 

بينما يؤكد خليل رزق ـ رئيس اتحاد الغرف التجارية، رئيس غرفة تجارة رام الله والبيرة، أن أسعار القائمة الاسترشادية أعلى من أسعار التاجر هو دليل قاطع على أن التاجر لا يستغل المستهلك وأنه يستغرب من انخفاضها.

 

ليس في صالح المستهلك

ويرى رزق، أن تحديد وزارة الاقتصاد الوطني الأسعار لتمنع أن يكون السعر أقل أو أكثر مما حددته في القائمة الاسترشادية ليس في صالح المستهلك. ويقول: (بما أنه سعر استرشادي فهو غير ملزم ويمكن للتاجر أن يبيع بأسعار أقل منه أو حتى أكثر منه).

 

ويقر رزق، بان أسعار السوق هي أقل من قائمة الأسعار الاسترشادية، ويشدد على أهمية أن يعرف المستهلك الحد العادل لأي سلعة، ويقول إنه تلمس الفروق في الأسعار من جولاته الميدانية ويقول: (وجدت أسعار لسلع استغربت منها فمن يريد أسعار أقل يمكنه أن يجدها في السوق والعكس صحيح، إذا اشتريت أوقية اللوز بسعر 16 شيكل ولكن في محل آخر اشتريتها بـ 11 شيكل. والسوق في حالة صعود وهبوط والأسعار غير ثابتة).

 

إقرار بتداول التجار بأسعار أقل من أسعار القائمة

وهنا يقر عبد الرحمن، بتقديم التجار عروض أسعار أقل من تلك التي حددتها القائمة الاسترشادية مثل أسعار الزيوت وبعض اللحوم، ويرى أن هذا جاء نتاج المنافسة بين التجار وتقديم العروضات التنافسية وخصوصا من قبل التجار الذين يحصلون على صفقات تجارية يحصلون فيها على كميات مجانية اضافية من السلع، ما يمكنه من تقديم عرضا بسعر أقل وهو في هذه الحالة لا يخسر، بينما بقالة صغيرة في إحدى المناطق الريفية لا تستطيع على مجاراته وتقديم نفس العرض، لذا فانه يقول: (لذلك عند وضعنا للسعر نراعي وجود مرونة لدى بعض التجار لتخفيض الأسعار وهناك محال لا تقوى على ذلك، وبالتالي يبقى سعرها مرتفعاً).

 

في حين يرى ابراهيم القاضي ـ مدير عام حماية المستهلك في وزارة الاقتصاد الوطني، أن الأسعار التي اعلن عنها ضمن القائمة الاسترشادية قريبة جدا وواقعية وليست بعيدة لكي لا تحدث معنا نفس الاشكالية التي حدثت معنا العام الماضي في أسعار اللحوم والدواجن وغيرها، ويقول (ما قمنا به هو رصد الأسعار وبالتحديد أسعار اللحوم والأرز، قمنا برصدها خلال شهر كامل، لمدة 3 اسابيع، وتواصلنا مع كبار التجار في الحصول على هذه الأسعار لا سيما في قطاع الأرز فسعر 105 شيكل تتحد عن أقل سعر بيع طوال الفترة الماضية، وايضا سعر اللحوم الموجود حاليا بفارق حوالي 20 شيكل للكيلو عن العام الماضي. والتزمنا بما جاء من وزارة الزراعة وما قمنا بإعلانه هو 13 شيكل للكيلو الدجاج في حين كانت وزارة الزراعة حددته في كتابها بـ 14 شيكلاً).

 

ويفسر القاضي الفروقات بين أسعار القائمة الاسترشادية المرتفعة عن الأسعار الحقيقية المتداولة في السوق، بقوله: (نأخذ بعين الاعتبار مصلحة المستهلك ومعنيين بالحفاظ على القطاع الزراعي ولو اقر السعر المتداول للدجاج من قبل وزارة الاقتصاد سيقوم التاجر بابتزاز المزارعين بوجود انخفاض حدث، وبالتالي سيقوم بشراء الدجاج من المزارعين بأقل ونكون نحن سبب غير مباشر أو مباشر في خسارة المزارعين والقطاع الزراعي، ونعمل دائماً على سياسة الوسطية لا نريد أن يخسر المزارع ومعنيون بدعم صموده أو المنتج بشكل عام، وفي نفس الوقت ننحاز لصالح المستهلك بتوفير السلع بالجودة العالية والسعر الأقل، والأسعار التي طرحناها ليست دائماً هي الأعلى فالكثير من الناس يقولون إننا حددنا سعر لحم الأغنام بـ 75 شيكلاً بينما هناك محلات معينة تبيعه بسعر 65 شيكلاً، ونحاول أن نكون منطقيين ما بين المزارع والمستهلك وهدفنا حماية المستهلك وأيضاً التأكيد على ثبات المنتجين في أرضهم، ومن المستحيل وضع أسعار غير منطقية أو تؤدي إلى خسارة القطاع الزراعي).

 

تأخير إصدار القائمة الاسترشادية

ويؤكد عبد الرحمن أنهم يقومون بإعداد قائمة الأسعار الاسترشادية من كبار التجار والموردين قبل الشهر الفضيل بأسبوعين، وفي نفس الوقت يجمعون الأسعار الدارجة في السوق ويأخذون متوسطها في كل المحافظات ويعمل مواءمة ضمن معادلة بسيطة ما بين التكلفة على المستورد أو المنتج المحلي وما بين السعر الدارج في السوق وبذلك يضعون السعر المنصف والعادل ما بين السعرين ضمن هوامش ربح قليلة ومعتدلة.

 

وعند سؤالنا رزق، أن كان التجار يطلعون على قائمة الأسعار الاسترشادية، أجابنا بوضوح وقال: (من المفترض أن تعلن عنها وزارة الاقتصاد أولا)، وهو كان دليلاً قاطعاً بأنه لا يعلم إن كانت الوزارة قد أصدرت القائمة الاسترشادية أم لا! وعندما أكدنا له إصدارها قبل سويعات من بدء الشهر الفضيل قال: (يفترض أن يعلم التجار عنها طالما أعلنت الوزارة عنها) وكان أكثر وضوحاً عندما قال: (لم يبلغنا بالقائمة الاسترشادية الجديدة أحد)، لكنه يفترض أنه طالما تم الإعلان عنها أن تصل للجميع.

 

في حين يؤكد القاضي، أن التأخر في إعلان القائمة والتي أعلنت في يوم عطلة (الجمعة) تأكيداً على أنهم يعملون على مدار الساعة وللتأكد من أن هذه الأسعار هي الأقرب إلى السوق، (ولقطع الطريق على أن يتحجج أي تاجر ويدعي أن أسعارنا قديمة ويطالبونا بتحديثها).

 

ويقول القاضي: (نقوم بتوزيع القائمة على المحال التجارية وفي إحدى الملاحم وجدنا الجزار يشهر قائمة الأسعار الاسترشادية لكنه يقول انه لم يسمع بها ولا بحماية المستهلك، هناك بعض التجار يستهترون بالقائمة ومنهم يأخذونها بجدية كاملة بدليل أن هناك عشرات التجار ونقابة تجارة المواد الغذائية والكثير من الغرف التجارية تواصلت معنا بخصوص القائمة، دليل أنها وصلت إلى أكبر عدد من التجار).

 

لكن هنية، يؤكد على أهمية الإعلان قبل أيام عن القائمة الاسترشادية، لكن الجمعية دائماً تتشدد في موضوع السقف السعري ليصدر قبل شهر رمضان ليترك آثاره الإيجابية على أسعار السوق.

 

ويقول: (في كل رمضان تقوم الادارة العامة للدراسات الاقتصادية في وزارة الاقتصاد الوطني بإصدار الأسعار الاسترشادية يوم أو يومين قبل حلول الشهر، ومنذ 2010 – 2014 كانت تعقد جلسة تضم تجار جملة الجملة والمستوردين والاتحاد العام للصناعات الفلسطينية واتحاد الغرف التجارية الصناعية الزراعية وائتلاف جمعيات حماية المستهلك ويتم طرح موضوع الأسعار الاسترشادية والتداول فيه ودراسة متغيرات على أسعار بعض السلع وضرورة التدقيق فيها، بعد ذلك بات الإعلان من قبل الإدارة العامة المختصة ويجري تزويدنا به كجمعية بينما تكون الأسعار قد حددت في السوق مسبقا لذلك، إلا أننا نرى اليوم أسعاراً مناسبة أقل من السعر الاسترشادي).

 

وما يتمناه هنية، ألا ترتفع الأسعار في الأسبوع الثاني من شهر رمضان المبارك حيث ستصرف رواتب الموظفين الحكوميين وتخوفنا الأساسي أن يجري التدافع على الأسواق على أساس الشهوة وليس الحاجة، الأمر الذي يسبب ارتفاعاً في الأسعار وفتحاً لشهية بعض التجار برفع الأسعار دون وقائع تثبت صوابية هذا الارتفاع، وبالتالي فإن المستهلك هو ملك السوق القادر على خفض الأسعار ورفعها من حيث امتلاكه لآليات الضغط والتأثير، وهو المقرر أن يقبل على تلك السعة المرتفع سعرها، كما سيؤثر سلبياً على آخرين لا يستطيعون.