الثلاثاء  08 تموز 2025
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

خاص "الحدث"| رغم التحديات.. فتيات غزة حققن "الإنجاز" في امتحانات الثانوية العامة

2017-07-13 01:32:10 PM
خاص
فرحة التوجيهي

 

الحدث- محاسن أُصرف

لم تبدو ملامح الفرح التي لونت قطاع غزة من شماله إلى جنوبه بعد إعلان نتائج الثانوية العامة "الإنجاز"، عادية، كانت مُكللة بالتحدي ومفعمة بالوجع، لكنها سارت بمن عايشنها من الطالبات إلى "الإنجاز".

 

ويُعاني قطاع غزة بالعموم من ظروف استثنائية وأزمات متلاحقة على المستوى السياسي والإنساني والاقتصادي، لكنها لم تفت في عضد طلبة الثانوية العامة الذين رأوا أن عبور الامتحانات بنجاح سبيلًا لتحقيق طموحهم وتخليصهم من المعاناة التي يُعايشونها، فحققوا المراتب الأولى في نتائج الإنجاز، وعلى الرغم من اشتراك جميع طلبة القطاع بالظروف القهرية والتحديات العامة إلا أن عدد من الطالبات كان لهن ظروفًا خاصة أضافت وجعًا على وجعهن العام ورغم ذلك أبينَّ إلا أن تُحققن "الإنجاز" وفاءً لمن أحبوهن.

 

سبع سنوات من السرطان انتهت بـ"الإنجاز"

في حي المواصي غرب مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة، تهلل وجه "وردة الأغا" بالفرح، كانت تُغالب الدمع في عينيها بعد أن حظيت بمعدل 70% في نتائج الثانوية العامة الفرع الأدبي، تؤكد أن نجاحها انتصار على السرطان الذي نخر عظمها.

 

وعلى مدار سبع سنواتٍ ماضية عانت الطالبة من سرطان الغدد اللمفاوية، أجرت خلالها أكثر من 20 عملية لم تُهن عزمها ولم تُلين إرادتها، تقول: "منذ بداية المرحلة الإعدادية كنت أذهب إلى المدرسة وكيس المحلول بيدي"، لكن الانتكاسة التي رافقت حالتها خلال امتحانات الثانوية العامة أعجزتها عن الذهاب للمدرسة نتيجة تورم خطير أصاب قدمها، تقول: "كاد الألم يفتك بي بعد امتحان التربية الإسلامية وتقدمت بطلب لإكمال الامتحانات من على سرير مستشفى ناصر وكان لي ما أردت".

 

لم تتراجع "وردة" عن حلمها بتحقيق الإنجاز والنجاح بالثانوية العامة لتتمكن من خوض غمار الإعلام، التخصص الذي أحبت، نظرًا لرسالته الإنسانية في نقل هموم الناس والتعريف بقضاياهم على كل المستويات.

 

وبالاتجاه شرقًا في بلدة خزاعة، علت زغاريد الانتصار على المحتل الإسرائيلي من بيت الشهيد فادي النجار الذي ارتقى أثناء المواجهات على الحدود الشرقية خلال شهر رمضان الماضي، هناك بللت دموع الفرح وجنتي شقيقته "سجود إبراهيم النجار" بعد حصولها على 89%، تقول: " استشهد أخي أثناء الامتحانات لكني ربطت على جرحي واستكملت مشواري لأهديه ثمرة نجاحي".

 

وفاءً لأرواح رحلت

أما "سجود" لم تتمكن من إلقاء نظرة الوداع على شقيقها الذي زُف إلى قبره أثناء خوضها الامتحان، لكنها ما لبثت أن ألقت عليه التحية بعد دقائق من لحده، وقتها أعلنت وعدها بأن تُحقق "الإنجاز" في الثانوية العامة وفاءً لروحه، فقد كان أكثر المُشجعين لها على الدراسة ووعدها بهدية مميزة لكنه رحل برصاص الاحتلال فأهدته هي نجاحها- كما تقول-.

 

ولا تختلف عنها الطالبتين التوأمين دعاء وأماني عمر محمد داوود من حي الشجاعية شرق مدينة غزة، الفتاتان تلقيا نبأ وفاة والدتهما أثناء تقديمهما لامتحان الرياضيات ومع ذلك لم يوقع بهن الحزن والحداد في براثن الإحباط بل أدى بهن إلى بذل كل الجهد ليُحققا أمنية الأم التي رحلت.

 

وحصلت الطالبتان في حالة نادرة لتوأمين على ذات المُعدل 81.4%، تقول دعاء: "سبب هذا النجاح والدتنا التي لم تدخر أي جهد لتشجيعنا وتحفيزنا رغم مرضها"، وتُضيف أماني: " سنستكمل المشوار وفاءً لروحها".

نجاح بعد طول انتظار

وفي بلدة بني سهيلا إلى الشرق أيضًا من مدينة خان يونس جنوب القطاع، لم يمنع الانقطاع الطويل عن الدراسة والذي دام 26 عامًا الطالبة "وسام أبو عاصي" 44 عامًا من تحقيق التفوق في الثانوية العامة، حصلت أبو عاصي على معدل 93% لتؤكد أن العمر لا يقف حائلًا أمام "الإنجاز" وتُشير أن سبب انقطاعها عن الدراسة هو أسرتها التي أرادت أن توفيها حقها من الرعاية والاهتمام، تقول: "أتممت رسالتي كزوجة وأم، واليوم استكملت طموحي بالحصول على الثانوية العامة".

 

تشعر السيدة بالفخر الكبير وتوضح أن زوجها مدرس وأبنائها كانوا مصدر قوتها أثناء تقديم الامتحانات، فلم يكفوا عن دعمها وتشجيعها سواء معنويًا أو بشرح المواد التي تتصعب منها، تقول: "العلم ليس له عمر محدد وبالإرادة والإصرار تُذلل كل الصعاب ".

 

رغم تشرد الحرب

فيما الطالبة "براءة قنديل" 89.5 بكت فرحًا وهي تتحدث عن الظروف التي عايشتها خلال الثانوية العامة، لقد هُدمت بيتها في حي الشجاعية خلال عدوان 2014 الماضي وفرت وأهلها بأرواحهم إلى خان يونس جنوب القطاع لتعيش حياة التشرد.

 

تمنت "قنديل" أن تُعايش فرحة نجاحها في حيّها الذي نبتت وترعرعت فيه لكنها لم تستطع، فما زالت تُعاني بسبب تأخر إعادة إعمار القطاع بعد 3 سنوات على الحرب.

 

وكان "صبري صيدم" وزير التربية والتعليم العالي أعلن صباح أمس نتائج امتحان الثانوية العامة "الانجاز" للعام 2017، وبلغت نسبة النجاح العامة 67.24% بزيادة بلغت 2.5% عن العام الماضي.

 

وأشار إلى أن عدد المسجلين للامتحان هذا العام بلغ 72 ألف و65 طالبًا، تقدم منهم للامتحان 71 ألفًا و237 طالبًا، نجح منهم 47 ألفًا و903 طالبًا، بنسبة 67.24%.