السبت  04 أيار 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

ملف جائزة محمد عفيفي مطر في نسختها الأولى تفتح نوافذ الأمل في غد مشرق/ تقديم: عادل العدوي

2017-08-22 09:20:30 AM
ملف

جائزة محمد عفيفي مطر في نسختها الأولى تفتح نوافذ الأمل في غد مشرق/ تقديم: عادل العدوي
جائزة محمد عفيفي

 

وسط الغموض الذي يحيط بالجوائز العربية في الآداب عامة، وفي الشعر خاصة، تنطلق جائزة الشاعر الكبير محمد عفيفي مطر للشعراء الشباب تحت أربعين سنة، التي قد أعلن عنها في مطلع عام 2017 لتجدد الأمل في إمكانية إنجاز جائزة تتميز بالشفافية والحيادية ولا ترتكز في نتائجها إلا على مستوى النص الشعري مهما كان صاحبه ومهما كانت الظروف السياسية والاجتماعية المحيطة بالشأن الثقافي.

وتأتي نتيجة الجائزة في نسختها الأولى معبرة عن مصداقيتها في الشعراء الشباب الذين حصلوا عليها. فجائزة لجنة تحكيمها مكونة من جمال القصاص ومحمد عيد إبراهيم ومحمد بدوي وصلاح السروي وشوكت المصري – وهي أسماء معروفة بنزاهتها وتاريخها في العمل الثقافي – لا يمكن إلا أن تقدم نتيجة صادقة وأقرب إلى الشفافية لتكون دعما للشعر والشعراء في الوطن العربي كله.

واحتفل أتيليه العرب للثقافة والفنون، يوم السبت الماضي، بتدشين جائزة الشاعر الراحل محمد عفيفي مطر، كما أعلن عن نتائج الجائزة التي تحمل اسم الشاعر. وهي كالتالي:

الجائزة الأولى:

٥٠ ألف جنيه مصري، وطبع الديوان – ديوان "درج البيت يصعد وحيدا" ، للشاعر جلال الأحمدي (اليمن

الجائزة الثانية:

٣٠ ألف جنيه مصري، وطبع الديوان – ديوان "شجرة الغرائز"، للشاعر عبد الغفار العوضي (مصر)

الجائزة الثالثة مناصفة:

١٥ ألف لكل من

ديوان "قبلات مستعارة"، للشاعرة رضا أحمد - مصر

وديوان "أمهات قيرات يلدن ديوكا" للشاعر محمد القليني - مصر

ونظرا لتميز العديد من المجموعات الشعرية المقدمة، اقترحت اللجنة على راعي الجائزة الفنان هشام قنديل، تخصيص ثلاث جوائز للمركز الرابع، بحيث يحصل كل من الأسماء التالية على ١٠ آلاف جنيه، وقد وافق، وهي بحسب الترتيب الأبجدي:

١- ديوان "غصن مسقي بالكلام" للشاعرة خديجة المسعودي - المغرب

٢- ديوان "العصافير في الإنستجرام قاسية" ، للشاعر عبد الرحمن تمام - مصر

٣- ديوان "فصول من مملكة الشعر" ، للشاعر وديع أزمانو - المغرب

-----------

كنت هنا منذ زمن ما

 شعر/ عبد الغفار العوضي - مصر

كنت هنا منذ زمن ما

على ذلك الشاطئ.. صخرة صغيرة وناعمة وبلا حواف

كنت هنا في منتصف الحديقة

أسرق رائحة الحب من ورد امرأة عبرت بكامل فخاخها

كنت هنا قبل أن أولد

حتى طعم الوقت لم يزل نيئا في يدي

وأنا أفرك ورقة شجرة تفاح

طارت بعيدا

حتى اختفت في الذاكرة

كمعصية ظلت تنمو ببطء شديد

 داخل غابة ممحوة ..

...

الانتماء لهذه الحياة التي لم توجد

الانتماء فقط لأن العين في حاجة للعمى المؤقت

للخروج من وهم الوجود

والدخول في تجربة الخلق

 كأني أكون إلها لأول مرة

أتذكر كيف كان مذاق اللحم

وأنا أصطاد امرأة كعصفور في لاوعي غامض

كيف كانت ارتعاشة جناحيها.. وهي تلم بقايا خوفها من تحت أنقاضي

لأني لم أكن سوى بيت من الجوع

تهدم منذ زمن بعيد

 لم يخلق فيه الحب

كان الحزن في عينينا ونحن نغادر شرفة تطل على الذكريات

ونتكلم مثل متاهة عن فئران العاطفة

التي تهرب من مصيرها الخفي

...

هل كانت تلك اللغة تشبه الماء

وهو ينزل إلى بحيرة بدايته

عاريا من كل العطشى والتائهين والغرقى

صافيا جدا ومطمئنا

 كشيطان في جنة لم يخلق فيها آدم بعد؛

الذاكرة تفجر المكان

تفجر الزوايا الزائفة لمكعب الوقت

لا يبقى إلا الحواف اللانهائية التب تذوب مثل شمس سائلة

...

كنت هنا

 قبل أن أختار ذلك الجسد.. تلك الرائحة الغريبة لي..  تلك البصمة التي أحتار في نسبتها لي.. تلك الموسيقى التي تتسلل إلى الداخل من بئر عميقة كنت يوسفها ذات مرة

تهت ..

حتى إذا كان الكلام على طرف الألم الذي يقضم الأصابع

التفت إلى ذلك الصوت الذي يكلمني

لم أكن أنا

ولا هي

كان صوتا فقط

يشبه الحنين للغة التي نسيناها داخل دهشة الصمت،

يشبه الندم..

والانتماء لتلك الأمكنة التي غابت

 وحفرت زمنها العميق.. تحت الجلد !

-------------

خديجة المسعودي - المغرب

نبتة صبار خِدِّيجَة

وحمة:

المَلْفوفُ حَولَ رَقبتِها

لمْ يكنْ حَبلا

إنّما عِطر انسحبَ صاحبهُ

وتركها جُثة

تتدَلى.

 

الشوكة 1:

يَشغلني الهواء المحبوسُ داخلَ البالونة

التي نَفختَها مِن أجلي

يَشغلني شُعوره

وسؤالٌ يجرحُ ماء حلقي

أيُّ النساءِ المَوْؤُوداتِ بصدركَ

تأوهت؟

 

الشوكة 2:

الكلمةُ التي قلتُها في فَمِك،

أينَ هي الآن؟

هل ابتلعتَها؟

مضغتَها جيدا ثم بصقتَها

أم حَمَلتَها بشفتيْكَ إلى فمٍ آخر؟

 

الشوكة 3:

قبل سنوات 

أدركت أن هناك خطأ ما

كلما عاقبت الوسائد المرصوصة فوق الأريكة بالعصا

وطالبتها بتكرار ما أقول

ولا تفعل.

الشوكة 4:

المِصباحُ المشتعل،

عينُ الغرفةِ التي باتَت طِوالَ الليل

تراقبُ كيف ابتلعني الفقد كجثة

وأنا أنام وحيدة

على سرير لشخصين.

 

الشوكة 5:

لا بد أن الجدران تتألم

وصوتُ اصطدام الحديد بالإسمنت صراخها

أسمعه كلما فتحنا جروحا كبيرة

يحلو لنا أن نسميها

نوافـــذ.

 

الشوكة 6:

وحيدة أنا بكل المزدحمين حولي

يمسكون يدي الممدودة بسذاجة

لفتح مخرج لهم

متجاهلين أني عين الباب المفقوءة

أستطيع مراقبة أثرهم المتباعد

من الجهتين.

 

الشوكة 7:

ماءُ الكلام المتطايرِ أثناءَ حديثكم

مختلفٌ بشكل مُحرج

لا أحد يفهمه.

وحدي أتلقف معناه المبلل

دون أن ينتبه أحد

أنني غصن مَسقي بالكلام

ينمو مائلا نحو الأرض.

----------

شامةٌ تحت الإبط

شعر/ عبد الرحمن تمام - مصر

 

"ريتورنيللو"

 

لا تعطيني شمسًا الآن

ما عاد على الجدار مشجب

حتى قميصي أحدفه على طول ذراعي

كلما دخلتُ من باب الشقة

ومثل كلب أجرب

أعضُّ على عظم الأغاني وتواريخنا القديمة

فاطمئني

ما زالت في يدي سنارة للنهر،

وبلطة للوقت

ليتك تعرفين أن الصبح يقف أمام غرفتي عادةً

كطواشيّ بائس

ولا يلحس من بين شفريها العتمة والدخان

وهأنذا

أنحر أرانب الذكرى مع "فيفالدي"

وبيننا الفصول وأربعون تيهًا وحفرة بعمق "بار"

(1)

كنتِ ترسمين أمام الحامل والبالتة في يدكِ

رجلاً

يخلع قلبه ببساطةٍ

حتى يطوّحه لسيدة ذات شامة تحت الإبط

على الجانب الآخر من النهر

وبسمكة فى فمه يرفُّ بلشون أبيض

ويضرب الهواء بينهما

وأنا

أتسحّب على قدميّ

ثم أباغتك بقبلة تحت العنق

فتسقط البالتة، والألوان

تتحول قبل أن تميس الأرض إلى فراشات

تطير

لتجرّ الشمس إلى المنزل

(2)

"صول"

هل تذكرين ضحكتكِ

حين دبّت سنابك الصيف على الملاءات فجأةً

فنبتت شجرةٌ تحتنا

وألقت ثمارها على الموكيت

قلتِ وقتها:

في بَرّيّتي لا يجوز قصر الصلاة،

ريقي حلو وبين نهديّ "قلاية"،

اشرب مني، ربما صار الجسد خيمةً

وتابوت عهد

وقنينة الزيت

(3)

"فا"

في الشرفة

وأنتِ تشمّرين أكمامكِ

لتنشري ملابسنا على الحبال قبل الشروق بمازورةٍ

تلمع شامات الإبط التى عذَّبتك كثيراً

تقولين:

- يا حبيبي ما عادت تؤلمني والله

..

فدعك الآن

من بنيامين ويهوذا

الأرثوذكس والكاثوليك

الشيعة والسُنّة

البروليتاريا والأرستقراط

المُجنّدين والكراكرز

واتبعني.. فثمَّة أرض تحت الشمس

لا تنضج فيها القسوة وعناقيد الميلانوما!

(4)

آه يا بنت باب الخلق

كيف أجبرتِ الميوزات التسع أن يدخلن في الكادر

ويبتسمن للفلاش؟!

----------

جلال الأحمدي - اليمن

كنت أريد حربا صغيرة

أخرج منها بجرح في السّاق

أردتها صغيرة وسريعة

كوخز وردة

كتحطّم مزهريّة

كانغلاق باب على أصابع قدمي

صغيرة وخفيفة

حتى أنه بامكاني أن أدسها في ورقة

دون أن ينتبه أحد

ثم أعبر معها تحت ثياب امرأة

بحجّة أنا تعب / أنا أنزف /أنا وحيد.

***

أريد الشّجرة

والفأس

الحطّاب

وغفوة الحطاب

أريد الوردة

الفرح الذي لأجله تقطف

والتّجاهل

أو النّسيان الذي بسببه تموت.

أريد كل هذه الأمور الآن

معاً

أن تملأ فراغ يدك المريض

في سريري.

----------

وديع أزمانو - المغرب

لا أريدُ الكتابة

أشتهي الحياةَ أكثر

فهل تقودني خطواتي ، خارجَ الكلمة

وماذا سيحدثُ للعالمِ ، إذا لم أضِف جثَّةً أخرى من الحروفِ

إلى نعشه ؟

نقاشٌ طويلٌ هذا

يحتاجُ لرأسٍ صلبةٍ من الغرانيت

وقدماي لم تطأ غير الرِّمالِ المتحرِّكة

ولكن ،ماذا عن الذي سالت دماغهُ في الذهب

ولم ير يوما ، أبعد من الواقع ؟

هذا نقاشٌ آخرُ

يحتاجُ لأرضٍ مدجَّجَةٍ بالحُلْم

أما الآن ، فأنا أريدُ الحياة

تلكَ الهشَّةُ كأوراقِ الخريف

النَّاعمةُ كالبراعم وفرو القطط

الصَّلبةُ كالمعتقدات

ووجوهِ المدرِّسين

المهتزَّةُ كالزلازل

وقلبِ حبيبتي

المكدَّسةِ بنشيدِ الأطفال

وشهقاتِ الكواعب

الماجنةُ مثلَ خُلخالٍ ،

يتراقصُ

في قَدمِ الأرض !

-----------

محمد القليني - مصر

كُلُّ الذينَ فارَقوني

أخَذوا قِطعةً من جسَدي معَهمْ

لأتَذَكَّرَهم بها.

 

حبيبتي أخذتْ قلبي معَها، ورَمتْه بإهمالٍ

فوقَ المقْعَدِ المُجاوِرِ لها في طائرةٍ

حَمَلَتْها بعيدًا عني.

وأبي أخذَ ذِراعي معهُ

ليَمنعَني من كتابةِ قصائدَ جديدةٍ

في حبيبةٍ لن أراها ثانيةً.

وصديقُ طفولتي أوصَى بأن يُدفَنَ لِساني بجوارِه

كي يُغنّيَ معَه الأغنيةَ نفسَها

التي طالَما غنَّيناها قديمًا

فلا يشعرُ بالوَحْدةِ.

 

وجاري الذي هاجَرَ

بعدَ أن فقَدَ قدمَيهِ في حادِثٍ مُرَوِّعٍ

أصبحَ الآنَ عدّاءً شَهيرًا

وفي كُلِّ ظُهورٍ له على شاشاتِ التِلْفازِ

يُربِّتُ على قدميَّ اللتَينِ اقترَضَهُما مني وأنا أُوَدِّعُهُ

دونَ أن يُفَكِّرَ في رَجْعِهما إليَّ

أو حتى في أنْ يقولَ لي: شُكْرًا.

 

وهكذا.. لم يَبقَ مني

غيرُ عَينٍ واحدةٍ

كلما نظرْتُ إليها في مِرآةٍ

وجدتُ دمعةً لا يَمنعُها من النُّزولِ

إلا أنها لنْ تجِدَ خدًّا تسيلُ عليه.

من ديوان: أركض طاويا العالم تحت إبطي

---------

الشاعرة رضا أحمد - مصر

لست قلقة على الأموات

كل مساء أجلس بجانب كيس حزني

أحصي المتبقي لدي من الدموع والعويل

وأفكر في مهام أخرى لأشرطة الحداد

الملتصقة بالصور

ربما حان الوقت

لأزين بها حصيلتي من الآسى

بالتتابع وعلى مسافات بعيدة

شكلت دودة عملاقة نسيت طريق القبر.

***

يمكنني هزيمة الزمن

بلا منازع؛

ليس أمامي إلا العدو،

لا شيء يعيق أنفاسي عن خط النهاية

سوى شريط الحداد الممتد أمامي

خوفي من تجمد ملامحي في شهقة العدسة

ولغط المشاهدين دون عناء.