الأحد  19 أيار 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

إسرائيلستان ...ما بين فلسطين وكردستان...

2017-09-27 03:44:00 PM
إسرائيلستان ...ما بين فلسطين وكردستان...
كمال هماش

 

بقلم: كمال هماش

 

يأبى الليبراليون الفلسطينيون إلا أن يدلوا بدلوهم في المسألة الكردية من منطلقات تتصل بمسوغات نضال الشعب الفلسطيني وحقه في تقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة، وانطلاقا من هذا التشبيه لا يكتفي هؤلاء بوعيهم النظري، بل يروجون لضرورة قيام فلسطين وشعبها بدعم تطلعات أكراد مصطفى البرازاني نحو تقسيم العراق، في تجريدٍ نظري سافر يتنكر للحقائق العنيدة على الأرض والتي تصنع التاريخ ..ويتناسى هؤلاء الدعاة طبيعة الاحتلال الاستيطاني الغربي المتجسد بدولة الكيان الصهيوني،  لدى مقارنتها بالعراق كدولة إقليمية اصيلة سابقة في التاريخ على مستحدثات الخرائط الاستعمارية .

 

وفي الوقت الذي تعرف فيه الشرعية الدولية حدود العراق وبضمنها إقليم كردستان باعتباره جزء من العراق، فإن المستندين إلى الشرعية الدولية في مسألة حق تقرير المصير يتجاوزون مرجعيتهم الدولية نحو الاتجاه لتمزيق دولة عربية مركزية، طالما كانت الأمل للمشروع النهضوي في المشرق العربي، ليتحولوا بذلك إلى حلفاء رسميين لأعداء الأمة العربية، حين يتماثل موقفهم مع الداعم العلني الوحيد تاريخيا لانفصال كردستان وهو الكيان الصهيوني.

 

إن من يتعامى عن الخبراء العسكريين لدعم التمرّد الكردي في العراق تحديدا، ومنذ ستينيات القرن الماضي يتجاهل الحقائق أو هو جاهل بها، فهل يعقل أن احتلالا استيطانيا كالكيان الصهيوني مارس ويمارس كل أشكال التطهير العرقي ومصادرة الحق في الوجود للشعب الفلسطيني، أن يكون داعما لحق شعب آخر في تقرير مصيره.. وهذا بحد ذاته يستدعي مراجعة هؤلاء المتحمسين لشريعة حقوق الإنسان ووضعها في ميزان منصف، لأن في موقفهم مسخ لحق تقرير المصير وليس إسنادا له.

 

والغريب في الأمر أن الغالبية الكردية في تركيا والتي هي حليف عسكري استراتيجي لإسرائيل منذ حكم أربكان الاسلامي مطلع التسعينيات، لا نجد لها ظهيرا وداعما في الدوائر الغربية والصهيونية، كذلك الأمر ينطبق على أكراد إيران، حيث ينحصر الدعم الصهيوني والغربي للبرزاني في العراق وما يسمى بقوات سوريا الديمقراطية كفصيل كردي في سوريا ....

صحيح أن ماجرى في السنوات السبعة الأخيرة في الإقليم العربي تسبب في اختلاط الأوراق بين معسكر الأعداء ومعسكر الأصدقاء، ولم يعد صديق عدوك  وعدو صديقك عدوا كما لم يعد عدو عدوك صديقا  في بعض الأحيان، إلا أن تصنيف معسكر الأعداء والأصدقاء يبقى ثابتا والاختلال فيه نسبي وطارئ، وعليه فإن قضية تاريخية كقضية الشعب الفلسطيني لا يمكن إخضاعها لطوارئ التاريخ، إلا للمتعجلين في القفز داخل قطار الهيمنة الصهيونية لصياغة شرق أوسط جديد، يرعاه الغرب الاستعماري لمئة عام قادمة من الاستعباد بعد أن استنفذت مخرجات حربين عالميتين وانهيار الاتحاد السوفياتي أغراضها.

 

إن مقاربة كردستان العراق مع الحال الفلسطيني وتأييد حق تقرير المصير في العراق فقط ودعم ثورتهم في سوريا ومحاربتهم في تركيا، تجعل من الواضح أن تدوير الزوايا في الخريطة الصهيونية الكبرى"من النيل الى الفرات" يفترض تحقيقه وفق ما تقتضيه سياسة ما بعد الحداثة الاستعمارية، والاكتفاء بكيان وظيفي في كردستان لصالح وجود الكيان الصهيوني كرمح في خاصرة العراق أولا  وسوريا ثانيا وايران المعادية. ولتتمتع تركيا بحرق الأكراد بالنابالم ..

 

إن مخاطر التغريب في الفكر السياسي أصبحت واقعا قائما منذ أن تمكنت طبقة سياسية جديدة من النشوء والارتقاء على ضفاف مشروع السلطة الفلسطينية وما رافقها من انشراح مدني تمثل في تفشي موضة مؤسسات المجتمع المدني المحقونة بالدولار، كبديل لثقافة العمل المجتمعي الطوعي الراسخة في المجتمع الفلسطيني، لتتحول هذه الطبقة شيئا فشيئا إلى دعاة للفصل بين شعب الاحتلال وحكومة الاحتلال  وضرورة التمييز بين حزب العمل والليكود لدى الحديث عن حقوق الشعب الفلسطيني.

 

إن النظرة المجردة الى مسألة أكراد العراق وبدون قراءة آثارها المترتبة على الشعب الفلسطيني والمشرق العربي، تقود حتما إلى الخروج من الذات والتماهي مع الآخر المعادي لشعبنا بقصد أو بغير قصد ، وكما أن الطريق الى جهنم مفروشة بالنوايا الحسنة، فإنها أيضا مفروشة بالشرعية الدولية التي صاغها المستعمرون المنتصرون في الحرب العالمية الثانية، وهم أنفسهم من دمروا العراق بدعوى حقوق الإنسان ونشر الديمقراطية والحفاظ على السلام العالمي بينما يبيعون تلك القيم للقبائل النفطية بمليارات الدولارات ..ويتأتؤون التهديدات الباهتة أمام كوريا الشمالية ...فهل نعيد قراءتنا لتحالفاتنا في مسألة حقوق الإنسان وحق تقرير المصير؟ ...لعل وعسى