الأحد  06 تموز 2025
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

مشروع قانون الشركات الفلسطيني يعيش حالة مخاض عسيرة بين المؤيدين لإقراره والمطالبين بالتأني وعدم الاستعجال

2017-09-28 11:01:55 AM
مشروع قانون الشركات الفلسطيني يعيش حالة مخاض عسيرة بين المؤيدين لإقراره والمطالبين بالتأني وعدم الاستعجال
صورة تعبيرية

يتوقع إقراره قبل نهاية العام الحالي

مسودة القانون الحالية بشكلها الحالي غير كافية كي تشكّل مسودة نهائية لائقة بالنقاط القانونية والتطور العصري

المسودة تحتاج إلى المزيد من الدراسة الهادئة والواعية للخروج بمسودة ناضجة تشكّل أساسًا لقانون شركات عصري

 

خاص الحدث

من المتوقع إقرار قانون الشركات الفلسطيني الأول قبل نهاية العام الحالي، وسط تخوفات جهات عديدة من ضمنها بعض القطاع الخاص من أن يلقى هذا القانون مصير قانون الصناعة الذي أقر وأُركن على الرف دون تفعيله؛ بسبب غياب لائحته التنفيذية، في حين ينظر إليه آخرون وعلى أهمية ما بذل من جهود من قبل وزارة الاقتصاد الوطني وغيرها من جهات الاختصاص، إلا أنهم يرون أنَّ هذا القانون لا زال بحاجة للكثير من الدراسة والبحث، ويدعون إلى عدم الاستعجال في إقراره حتى تستكمل الدراسات والنقاشات كافة؛ بما يجعله قانونًا عصريًّا، أما عديد جهات الاختصاص من القطاع الخاص فآثروا الصمت والالتزام بالسكوت وعدم التجاوب معنا في طرح الموضع إعلاميًّا، فلم نجد منهم إلا الرفض في التحدث والتجاوب وإبداء الرأي أو حتى الكشف عن مقترحاتهم على مسودة مشروع القانون، وهناك من الممثلين في الفريق الوطني واللجنة الفنية الخاصة بمناقشة مسودة القانون الذين رغم عضويتهم فيها إلا أنهم تقدموا بملاحظاتهم وآرائهم ومقترحاتهم لرئاسة الوزراء مباشرة، وبدورها أعادت تلك المقترحات والملاحظات إلى الفريق الوطني لمناقشتها.

 

مسودة القانون في مجلس الوزراء

واستنادًا لكل ما قيل ويقال عن مسودة مشروع قانون الشركات الفلسطيني، فإن طارق المصري- مدير عام تسجيل الشركات ومسجل الأموال المنقولة في وزارة الاقتصاد الوطني، يؤكد أنَّ مسودة القانون حاليًّا في مجلس الوزراء من أجل استكمال إجراءات إقرارها حسب الأصول، بعد أن عممت على جميع الوزارات والمؤسسات ذات العلاقة، "وتلقينا عددًا من الملاحظات والاقتراحات والتعديلات من جهات متعددة، بضمنها وزارات العمل، العدل الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات النيابة العامة وبعض مكاتب المحاماة، وتمَّ تضمين جزء كبير منها في المسودة. ويعتقد البعض أنها تعديلات شكلية، جزء كان فيها يتعلق بترتيب المواد؛ بحيث تكون المادة العامة قبل الخاصة وهكذا".

 

نوعية التدخلات والاقتراحات

يقول المصري: "كانت هذه الملاحظات فيها اجتهادات ووجهات نظر في بعض التعريفات، واسم القانون، وأشياء أخرى تتعلق بتعريف دائرة مراقبة الشركات، جهات أخرى اقترحت أن نعدِّل في مسؤولية المساهم في الشركة المساهمة الخصوصية، وبعض الجهات ارتأت أن تكون مسؤولية المساهم في الشركات المساهمة الخصوصية أنه بالإمكان ملاحقته إذا كان الالتزام يتعلق بالحكومة أو بجهات أخرى".

 

يقول المصري: "إنَّ الفريق الوطني أخذ بالاعتبار مواكبة التطور في العلاقات التجارية والانفتاح الاقتصادي والتغيرات الاقتصادية، فضلاً عن أنَّ هذا يوحِّد الأحكام والإجراءات القانونية ما بين الضفة وقطاع غزة، وراعينا في المسودة حماية أقلية المستثمرين، وأضفنا أنواعًا جديدة من الشركات لم تكن موجود، مثل شركة الشخص الواحد، وشركة الاستثمار المشترك، شركات الهيئات المحلية، الشركات ذات المسؤولية المحدودة، وأضفنا عددًا من أنواع الشركات تلبي احتياجات جميع المستثمرين وتوفر بيئة جاذبة وآمنة في فلسطين.

 

ويؤكِّد المصري، أنَّ هذه وجهات نظر، ليس بالضرورة الأخذ بجميع الملاحظات والاقتراحات المقدمة، وإنما التي يعتقد الفريق واللجنة أنها تخدم المصلحة العامة بالإمكان. ولكنَّ "جزءًا كبيرًا من الملاحظات التي تلقيناها أخذناها بعين الاعتبار، لاعتقادنا أنها تخدم المصلحة العامة. وبالمجمل فإنها جاءت من المؤسسة الرسمية ومحامين وقانونيين".

 

ويتوقَّع المصري، أنَّ يُقرّ مشروع القانون قبل نهاية هذا العام، واصفًا إياه بالعصري والمتطور ويخدم مصلحة البلد، فقانون الشركات الأردني الحالي رقم 12 لسنة 1956 مضى عليه أكثر من 50 سنة، وإصدار قرار بقانون عام 2008 أضاف نوعًا جديدًا من أنواع الشركات، ولكن هذا التعديل غير كافٍ، ولا يلبي التطور الهائل خلال السنوات الماضية.

 

ملاحظات القطاع الخاص (عامة خاصة بالنسخة الأخيرة من مسودة مشروع قانون الشركات)

وإنْ كان رفض أو تهرب الكثير من ممثلي القطاع الخاص في الفريق الوطني واللجنة الفنية لمشروع القانون، فقد تمكَّنا من الحصول على نسخة من مقترحاتهم على المشروع: أهمها أنهم طالبوا من الواجب فسح المجال أمام تسجيل رأس مال الشركة بالعملات المتداولة الأخرى غير تلك التي حددها المشروع بالدينار الأردني.

 

ويرون أنَّه يجب تعديل المادة رقم (91 – ج) والمتعلقة "لا يجوز أن يكون لعضو مجلس الإدارة مصلحة مباشرة أو غير مباشرة في العقود والمشاريع والارتباطات التي تعقد مع الشركة أو لحسابها، إلا بموافقة الهيئة العامة غير العادية للشركة (لتصبح، بحيث تتطلب موافقة مجلس الإدارة فقط دون حق التصويت للعضو صاحب المصلحة، ودون الحاجة إلى موافقة الهيئة العامة) وكذلك المادة( 156 – د) طالبوا بتعديلها موافقة مجلس الإدارة، وليس الهيئة العامة.

 

ويرون أنَّ المادة (159 – ب) تتعارض مع قواعد الحوكمة، بحيث تنصّ على عدم جواز الجمع بين منصب عضو مجلس الإدارة ومنصب المدير العام أو الرئيس التنفيذي للشركة، في حين يجوز الجمع بين منصب عضو مجلس الإدارة ووظيفة تنفيذية أخرى بالشركة حسب ما نصَّت المادة.

 

ويرون أيضًا أنّه من الواجب تعديل المادة (198 – ت)، بحيث يتم السماح للشركات الحليفة تملك أسهم في الشركة القابضة أو الشركة الأم، وفي المادة (198 – ث) يرون أنه من المنطقي مشاركة الشركة القابضة في عملية انتخاب مجلس إدارة شركة تابعة لها كونها مساهمًا في هذه الشركة.

 

ويؤكدون أنه من غير المنطقي في المادة (253) أن يتمّ إتاحة المجال أمام الشركات ببيع ممتلكاتها المرهونة، كونها غير مخولة بالتصرف، بما هو مرهون لجهات أخرى.

 

ويرى القطاع الخاص في ملاحظاته أنَّ الباب الرابع عشر (الغرامات والعقوبات) بحاجة إلى مراجعة كاملة، لتوضيح بعض المصطلحات والمفاهيم ووضع أطرها القانونية وآليات تنفيذها وغير ذلك.

 

نفي وجود قضايا خلافية مع القطاع الخاص

ونفى المصري، وجود خلافات تتعلق ببنود ومواد القانون مع القطاع الخاص، وقال: "لا توجد قضايا خلافية مع القطاع الخاص، والذي أبدى ممثلوه بعض الملاحظات وتلقيناها رسميًّا، وكنا في الواقع معتمدين جزءًا منها، وعدّلنا على أجزاء منها".

 

ولكن المصري يقول: "هناك من ارتأى من القطاع الخاص وبعض القانونيين إرسال ملاحظاتهم واقتراحاتهم المتعلقة بالقانون إلى رئاسة الوزراء التي بدورها إعادتها لنا وتعاملنا معها بكلِّ أريحية، ووضحنا أنَّ هذا قانون لفلسطين وتهمنا المصلحة العامة، وإن كانت وجهات نظر، ممكن تخرج بمسودة تلبي احتياجاتنا وتطور الاقتصاد الوطني وتسهّل الإجراءات، وتخفف الأعباء عن المواطنين، وتكون مدخلاً لتوفير فرص عمل، ولدينا الاستعداد الكامل لاستقبال أيّ ملاحظات من قبل أي جهة ترتئي أنه يمكن أن يكون لها دور في خدمة الوطن، والباب ما زال مفتوحًا، وأعتقد أنه ستكون هناك إجراءات بالقراءات الثلاث للمسودة".

 

الاسترشاد بالتجارب ليكون قانون شركات فلسطينيًا عصريًّا ومتطورًا

ويؤكد أنهم استرشدوا بالتجارب الأردنية والكويتية وقانون الشركات القطري والإمارات العربية المتحدة، وقال: "حاولنا أن يكون القانون بأفضل الممارسات الدولية يراعي خصوصية وضعنا الفلسطيني، ويلبي احتياجات الناس والقطاع الخاص بالدرجة الأولى. ومما لا شك فيه سيكون قانون شركات فلسطينيًّا عصريًّا ومتطورًا ولأول مرة".

 

انعكاسه على الشركات وإنعاش الاقتصاد

ويرى المصري، أنه سيكون للقانون دور كبير في إنعاش الاقتصاد الوطني من زاوية تعدد أنواع الشركات، والذي سيكون له دور في دعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة، وسيكون مدخلًا لخلق فرص عمل جديدة، وركَّزنا في مسودة القانون على تسهيل الإجراءات، وتقليل الفترات الزمنية في إنجاز المعاملات، وسحب بعض من صلاحيات الوزير، ومنحت لمراقب الشركات، الذي أيضًا سحبت منه صلاحيات ومنحت لدائرة مراقبة الشركات على غرار ما هو موجود في الأردن.

 

القانون لا يزيد الرقابة على الشركات لكنه يحدُّ من التجاوزات

ويؤكد المصري، أنه لن يكون هناك زيادة في الرقابة، بقدر ما هو تنظيم لعمل هذه الشركات، فهناك شركات كثيرة تؤسس، ولا تعمل لظروف مختلفة، إضافة إلى عدم الحصول على ترخيص من جهات الاختصاص، وقد يتطلب في بعض الأحيان حصول أصحاب الشركة على ترخيص من نوع معين، قد لا يتمكنون من الحصول عليه، وبالتالي الشركة قد لا تعمل وقد يمضي عليها سنوات دون عمل.

وبالتالي، يقول المصري: "حاولنا في مشروع القانون معالجة الإشكاليات قدر الإمكان في الواقع الحالي التي لم يعالجها قانون الشركات ساري المفعول، وأضفنا أنواعًا جديدة، وسهّلنا الإجراءات، ووضحنا العلاقة ما بين الشركاء فيما بينهم، واجراءات التصفية بشكل اوسع، واستعرضنا بعض القضايا المتعلقة بموضوع الشركات المتعثرة التي عرفناها، بأن هذه الشركات غير قادرة على الوفاء بالتزاماتها سواء كان ماليًّا أو إداريًّا".

 

تسجيل أكثر من شركة

ويؤكد المصري، أنّه لا يوجد ما يمنع قانونًا أن يسجل الشخص أكثر من شركة باسمه، و"لكن يجب تحديد نوع الشركة المراد العمل فيها، ففي قانون الشركات الحالي الشركات العادية العامة اشترطت بأنّ الشريك لا يجوز له أن يمارس أعمالاً مشابهة لشركته، إلا بموافقة جميع الشركاء خطيًّا".

 

شركة الشخص الواحد

ويقول المصري: "أضفنا نوعًا جديدًا من الشركات اسمها شركة الشخص الواحد، وهذا النوع لم يكن موجودًا في قانون الشركات المطبق حاليًّا، أضفنا هذا النوع كما أضفنا أحكامًا وإجراءات تتعلق في إمكانية تملك الشخص الواحد للشركة، وهذا سيفتح المجال لتشجيع الكثير من المستثمرين للاستثمار، وليسجلوا شركات لهم، وهناك الكثير من الناس لا يرغبون ولا يفضلون مشاركة أحد، على نقيض القانون الحالي الذي يمنع تأسيس شركة، فيضطر إلى إحضار شريك آخر للمساهمة معه فيها".

 

زوال شرط رأس المال التأسيسي وعدد العمال

ويؤكد المصري، أنَّ مسودة القانون لا لتشترط رأس مال محدد وعدد عمال لإنشاء الشركة وإطلاق أعمالها، فلم يتطرق مشروع القانون لأيّ مبالغ تتعلق برأس مال الشركة، وسيتبع إقراره إصدار نظام أو لائحة تنفيذية عن مجلس الوزراء. على نقيض القانون الحالي المطبق الذي يشترط أن يكون حدّ أدنى للعاملين في الشركة عاملين باستثناء المساهمة العامة، حيث يشترط أن يكون بحدٍّ أدنى 7 عمال.

 

تحديات تطبيق القانون في حال إقراره

يقول المصري: "بعد إقرار مشروع القانون، فإنه يحتاج إلى جهد كبير لتطبيقه وخاصة في قطاع غزة، ونتمنى أن يتم إقراره في أسرع وقت ممكن، ومن ثَمَّ البدء بتطبيقه، ولكنه يحتاج إلى جهد ووحدة تدريبات لأننا أضفنا أنواعًا جديدة من الشركات سيتم التعامل معها لأول مرة، أعتقد أنَّ الطاقم المتوفر حاليًّا لديه الكفاءة والقدرة على التعامل مع القانون بعد إقراره، ولكن يحتاج إلى مزيد من الأشخاص وإلى توسيع دائرة مراقبة الشركات".

 

خطوات متقدمة

ويؤكد المصري أنَّ مشروع القانون خطا خطوات جيدة في المراجعة وإدراج الملاحظات والتعديلات عليه، وقال: "هناك إرادة حقيقية من القيادة والحكومة لإقراره، وسيجذب استثمارات أموال، ويلبي المتطلبات الاقتصادية والاجتماعية والشبابية، وسيتيح للاستثمار في أكثر من نوع من الشركات دون أن يكون محصورًا في شركات معينة".

 

التحدي الكبير في إعداد لائحته التنفيذية

بينما أفاد بسام ولويل رئيس مجلس إدارة شركة أريحا لتطوير وإدارة وتشغيل المنطقة الزراعية الصناعية، رئيس الاتحاد العام للصناعات، أنه قام بتعميم المسودة الأولى لمشروع القانون عندما كان أمين سر المجلس التنسيقي لمؤسسات القطاع الخاص على جميع الأعضاء، لكنه لم يتلقَ حينها أي رد أو اقتراح أو ملاحظات منهم عليه.

 

لكن ولويل أكد أنَّ استنادًا لما سمعه من جهات رسمية بأنّ القانون تضمن أمورًا وقضايا عصرية متقدمة تتوافق مع تطلعات الاقتصاد الدولي والعولمة.

 

ويرى أنَّ التحدي الكبير في إعداد لائحة القانون التنفيذية، ويخشى أن يكون مصيره مصير قانون الصناعة الذي أقرّ قبل 4 سنوات، وهو ملقى على الرف دون أن يعد له لائحة تنفيذية.

 

 وقال: "لا نريد قوانين دون أن تنفذ، فالعبرة في تنفيذ القانون وسرعة النظام القضائي كلِّه، ومراقب الشركات وكلّ الأطراف ذات العلاقة، بأن يجدوا له لوائح تنفيذية، هذا المهم والتحدي الكبير".

 

عدم إقراره لغاية الآن ظلم

ويعدّ ولويل عدم إقرار قانون الشركات لغاية الآن ظلمًا، وليس جيدًا والعبرة أيضًا في التنفيذ، وألا يدرج على الرّف مثل قانون الصناعة ونترقب وننتظر إعداد لوائح تنفيذية له. ويأمل كقطاع خاص ألاّ يكون هناك تأخير أكثر في إقراره من مجلس الوزراء.

 

يحتاج إلى دراسة إضافية وتعاون جميع الجهات المعنية

يرى المحامي هيثم الزعبي الخبير والمستشار القانوني لعدد من شركات ومؤسسات القطاع الخاص، والذي كان عضوا في اللجنة الفنية والفريق الوطني كممثل عن القطاع الخاص، ان مسودة مشروع قانون الشركات الفلسطيني بالرغم من محاولتها مواكبة التطور وتقديم مفاهيم جديدة، إلا انها لا زالت غير جاهزة وهي بحاجة ماسة الى دراسة اضافية وتعاون فيما بين الجهات المعنية في اصدارها بشكل أكثر شمولاً، وبشكل يعالج الواقع الفلسطيني، ويبني على ما هو قائم، ويستفيد من التجربة بصورة حرفية.

 

يرى الزعبي أن المسودة بشكلها الحالي وبالرغم من الجهود الكبيرة التي بذلت في إعدادها من كامل أعضاء اللجنة وبالأخص الكادر الممثل لوزارة الاقتصاد، إلا أنها لا زالت غير مكتملة وأن إقرار هذه المسودة قد يؤثر سلباً على تنظيم قطاع الشركات خاصة أن المسودة برأيه جاءت مفتقرة لرؤيا كافية وواضحة كما وتنقصها الكثير من الصياغة القانونية المُحكمة والدقيقة، ويشير أن صياغة المسودة جاءت وللأسف في كثير من الأحيان ضعيفة ومبهمة بحيث تترك مجالاً كبيراً للتفسير والاجتهاد والتأويل الأمر الذي يجعلها غير كافية كي تشكل مسودة نهائية يمكنها أن تواكب التطور القانوني والعصري في العمل التجاري بشكلٍ عام وعمل الشركات بشكلٍ خاص، فهي لا زالت بحاجة الى مزيد من العمل والتنسيق مع الجهات المعنية بما في ذلك سلطة النقد وهيئة سوق رأس المال ومراقب الشركات ومؤسسات القطاع الخاص بحيث يتم هذا التنسيق ضمن آليات عمل مكثفة وواضحة وفاعلة وتراعي الآراء المختلفة وتخضع لسقوف زمنية محددة.

 

ويشدد الزعبي على اهمية وجود ترابط بين مشروع قانون الشركات بالقوانين الأخرى النافذة ذات العلاقة، بحيث يمكن من خلال قانون الشركات التكامل مع القوانين الأخرىلا التصادم بها او خلق مرجعيات بيروقراطية إضافية،  كما شدد على أهمية تحقيق التوازن فيما بين حرية التعاقد بين المستثمرين، وبين الرقابة البناءة للحكومة، فالمسودة المقترحة جاءت موغلة بالتفاصيل وتعطي دورا رقابياً واجرائياً مكثفاً وتدخلاً مبالغاً فيه، وهذا أمر غير واقعي في التطبيق ولا ينسجم مع آلية عمل الشركات بل يعيقها، الأمر الذي يتوجب مراجعته والوقوف على اثاره، خاصة أنه سينعكس سلباً وسيؤدي عملياً الى الإحجام عن الاستثمار وإرهاق الجهات الرقابية بشكل كبير، واللجوء المكثف للمحاكم فيما بين الشركاء والمستثمرين وحتى مع الحكومة.

 

ولا يتجاهل الزعبي ألأهمية الجوهرية الكبيرة للقانون لذلك فإنه يشدد على انه يجب اعطاؤه المزيد من الدراسة ووضع آلية عمل فاعلة لإنجازه وصياغته بشكل نهائي وحرفي ومهني دقيق بشكل يرسم التوازن بين دور الحكومة الرقابي ودور القطاع الخاص الاستثماري حتى يتم الوصول الى نسخة متناسقة تكفل الحرية الاستثمارية للقطاع الخاص برقابة فاعلة ومتوازنة من المرجعيات الرسمية.

 

وأضاف الزعبي ان المنحى الجديد الذي تتجه إليه قوانين الشركات المقارنة يقوم على رؤية ترتكز على فكرة إعطاء المساحات للمستثمرين في الشركات يمكن من خلالها رسم العلاقة فيما بينهم ضمن تعاقدات واتفاقيات تشجعهم على الاستثمار والتطور، ولكن ضمن ضوابط صارمة يضعها القانون، إلا أن النسخة الحالية من مسودة القانون جاءت تقليدية تتعامل مع قوالب جاهزة وجامدة ومفصلة لاتنسجم مع هذا التوجه، ولا تتفق مع هذه الرؤية.

 

وبإيجاز يرى الزعبي ان المسودة تحتاج الى المزيد من الدراسة الهادئة والواعية للخروج بمسودة ناضجة تشكل اساساً لقانون شركات عصري يسمح للرقي والتطور في هذا المجال وذلك لما لهذا القانون تأثير جوهري على كافة القطاعات، كما يرى أهمية وضرورة تمكين وتأهيل دائرة مراقب الشركات والجهات المعنية لاحتضان مقتضيات القانون الجديد قبل اصداره وتوفير المصادر البشرية والمادية لاستيعاب تبعات القانون الجديد، لأن القانون الجديد يلقي مسؤوليات خطيرة وحساسة على دائرة مراقب الشركات، ومن الخطورة ان يتم اصدار القانون قبل تهيئة آليات متوازنة لتطبيقه بشكل سليم لأن خلاف ذلك سيؤدي الى ارتباك كبير وتشويش على بيئة الاعمال.

 

وبالخلاصة يقول الزعبي يجب أن نبدأ من حيث انتهى الاخرون ولا نريد ان نعيد اخطاء دول الجوار التي اضطرت لتعديل قوانينها كي تتبنى مؤخراً فكراً واقعياً محفزاً ومتوازناً في صياغتها لقوانين الشركات وآليات تطبيقها.