الحدث- محمد غفري
داخل أزقة البلدة القديمة في مدينة القدس، وتحديداً عند أول سوق خان الزيت أحد الأسواق التاريخية في المدينة المحتلة، حيث تفوح هناك روائح الزيت والزعتر وما تجود به دكاكين الباعة، يعكف المواطن المقدسي كمال أبو قويدر على ترميم منزله، بالرغم مما يواجه من تحديات وتكاليف مالية باهضة.
في العام 2000، قام المقدسي كمال أبو قويدر بشراء هذا المنزل من عمه الذي ورثه عن والده في ثلاثينيات القرن الماضي، ومن قبلهم سكنه جده الأول فالثاني.. ألخ، فهم يعيشون في إيلياء منذ مئات السنين.
منذ ذلك الوقت بدأ أبو قويدر بترميم منزله التاريخي، ولم ينته من عمليات الترميم حتى اليوم، حتى بلغت تكلفة المنزل عليه نحو 700 ألف دينار أردني، فقد اضطر لبيع منزلين في رام الله ومحل تجاري وكل ما تملك العائلة من ذهب.
وفي معرض رده على استعداده لدفع كل هذه الأموال مقابل المنزل، على الرغم من وجود بدائل أقل كلفه، رد أبو قويدر "الحجر في مدينة القدس عندي بالدنيا، أنا ولدت في القدس، وأريد أن أعيش في القدس، ولن أرحل عن القدس ولو كلف ذلك روحي.. ما أشعر به تجاه القدس لا تستطيع الكلمات وصفه".
في القدس القديمة لا تستطيع حساب مساحة المنازل التاريخية، بحسب ما قال أبو قويدر لـ"الحدث"، إلا أن منزله منزلاً واسعاً رحباً، يتألف من سبع غرف نوم وسبع حمامات و3 مطابخ وحوش في وسط المنزل، وكلها انتهى من ترميمها باستثناء غرفة واحدة والحوش.
وحول أبرز التحديات التي تواجهه في ترميم المنزل، أكد أبو قويدر أنها التكاليف المالية الباهضة، وسط إهمال من قبل المؤسسات الرسمية والأهلية في ترميم منازل البلدة القديمة في القدس، لذلك قلة من بين آلاف المواطنين من يقومون بترميم منازلهم القديمة في القدس.
وأضاف أبو قويدر، أن الجمعيات التي تعمل على دعم ترميم المنازل في البلدة القديمة "تتعامل معنا كمتسول"، ولا تقوم بدورها وفق الأصول وبالجودة المطلوبة، وهو ما حصل معه في منزله، مما أجبره على إعادة العمل مرتين في بعض الترميمات.
وحول تدخل سلطات الاحتلال في عمليات ترميم المنازل، قال أبو قويدر "الاحتلال ليس له علاقة ولا يمانع ترميم المنازل طالما كان ذلك الأمر داخل المنزل، ولكنه يفرض قيود ويضع العراقيل أمام من يرد البناء أو توسعة المنزل والإضافة عليها".
المواطن المقدسي طالب كافة المواطنين في البلدة القديمة في مدينة القدس المحتلة بترميم منازلهم بالرغم من كافة العراقيل والتكاليف المالية، وطالب بدور فعلي جاد للمؤسسات الرسمية في دعم عمليات ترميم المنازل، وهو ما يعزز من بقاء وصمود المواطنين هناك.
مجلس الوزراء الفلسطيني كان قد تعهد بدعم صمود المقدسيين إبان أحداث المسجد الأقصى الأخيرة بملغ 25 مليون دولار، منها 15 مليون دولار سوف تكون مخصصة لدعم قطاع الإسكان وترميم المنازل.
مصدر رسمي أكد لـ"الحدث" في تصريح سابق، أن الحكومة شرعت بتنفيذ ما تعهدت به، ولكن الدعم المخصص لقطاع الإسكان والترميم لم يتم حتى الآن.
الجدير بالذكر أن تاريخ البلدة القديمة في مدينة القدس المحتلة يمتد إلى آلاف السنين، فيها المسجد الأقصى وكنيسة القيامة, وهي تتعرض منذ احتلالها عام 1967 لحملات تهويد متعاقبة تأخذ أشكالا مختلفة وتستهدف كل معالمها بما فيها المقدسات.
وتبلغ مساحة البلدة القديمة نحو 900 دونم (الدونم ألف متر)، أي ما نسبته 0.71% من المساحة الكلية لمدينة القدس المحتلة، وفيها نحو 5 آلاف منزل بحاجة للترميم.