الجمعة  26 نيسان 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

صهيل فحول / بقلم: هشام عبد الله

2014-11-13 03:22:02 PM
صهيل فحول / بقلم: هشام عبد الله
صورة ارشيفية

 

أعجبني مقال للكاتب المصري فهمي هويدي بعنوان "الخيول المخصية لا تصهل" . هذا مثل بدوي..والبدو أذكياء بالفطرة، وهويدي كان ينعى فيه حال التخاذل العربي العام. تذكرت المثل مع سماعي تصريحات  أمين عام المجلس التشريعي ابراهيم خربشة التي أعلن فيها الإضراب المفتوح حتى إطلاق سراح ممثل النقابة العمومية بسام زكارنة، ونائبه معين عنساوي، وحمدت الله أن ثمة من خيولنا ما يصهل .
 
ممثلا النقابة، زكارنة وعنساوي ومعهما عضو مجلس نقابة آخر، أعتقلا على ذمة الرئيس، وجرى تمديد احتجازهما ،ووجهت لهم تهم " التهاون في الواجبات الوظيفية، وتشكيل جمعية غير مرخصة ، والتحريض على الإضراب".. وهذه سابقة خطيرة في انتهاك القانون، وضربة قوية للعمل النقابي والحريات العامة .
 
وطالما كان العمل النقابي الفلسطيني مؤطرا فصائليا، وسياسيا أكثر من كونه عمل نقابي. وهذا أمرتحيط به أسباب العمل النضالي والتحرري، لكن يتوجب ان لا يكون هذا السبب ، ولا في اي حال من الأحوال، عائقا ومخالفا للعمل النقابي، بل داعما له.
 
وقد تعرفنا على نقابة الموظفين العمومية، لإول مرة، إبان حكم حماس اثر فوزها في الانتحابات التشريعية الاخيرة. ثم احتلت النقابة العناوين مجددا مع حكومة د.سلام فياض، وصالت وجالت في الفترتين في اضرابات عديدة، كان أولها سياسي، وآخرها نقابي.
 
في حينه، كانت خيول كثيرة تصهل. ولم تكن الرئاسة تعترض على قانونية ومشروعية النقابة العمومية، ولا على دعواتها وتحريضها على الإضراب. ووقفت النقابة مع حركة فتح ودافعت عنها باستماتة خلال سنوات الأنقسام الماضية.
فجأة بدون سايق إنذار، أصبحت  النقابة غير شرعية، بل أداة تحريض، وزج بممثليها،  بطريقة تعسفية، وراء القضبان في إنتظار المحاكمة بالرغم من مخالفة ذلك للقانون الأساسي، وللقوانين التي يفترض أنها تنظم علاقات السلطات في البلد، حسب منا يؤكد المختصون في القانون.
 
اللافت، أن إعتقال ممثلي النقابة جاء على "ذمة الرئيس"، أمر لا نفهمه لما فيه من تناقض مع سيادة القانون والحريات. اللافت أيضا ان "الصهيل" الذي سمعناه دوما في تأييد النقابة في السنوات الاخيرة قد خبا، لاسيما في صفوف أعضاء
هيأتها العامة من الموظفين الذين يغادرون "وظائفهم" بعشرات الألاف في كل مرة كانت النقابة تدعو فيها للإضراب.

خلال السنوات الأخيرة، شهدنا انتهاكات عديدة تحت شعارات قانونية وسياسية غير صحيحة، مثل اعتقال صحافيين والاعتداء عليهم، محاكمة واعتقال ناشطين... في كل مرة كنا نسمع  "خطابات" رنانة من التأييد لضرورة الألتفاف حول القيادة.
 
الصحافة الفلسطينية، في معظمها ،التي من المفترض ان تأخد بيد الجمهور، وتقف الى جانبه في مثل هذه ألآوقات، تقوم بدور المتفرج، ويكتفي البعض الآخر بتغطية خجولة لا تليق بدور السلطة الرابعة. هي ذاتها الصحافة التي تشبعنا لطما وعويلا على مدار الساعة، وعندما يشتد أوار المعركة تتركنا وويلاتنا وحدنا.. لاصوت لا صهيل.
 
مذكرة الاعتقال بحق خريشة لدعوته للإ ضراب احتجاجا على إعتقال ممثلي النقابة العمومية، ضربة اخرى موجعة لنا جميعا، وتكريس لتناقض كبير نعيشة، تناقض يصل حد السبات الذي يبدو أنه سيأخذنا نحو شتاء طويل، بارد وقاس. سبات لن يوقظنا منه سوى صهيل فحول.