الحدث- عصمت منصور
قال وزير الجيش الإسرائيلي افيغدور ليبرمان إن إسرائيل لن تمكن إيران من التواجد في سوريا وأن تتحول إلى معسكر أمامي في مواجهة إسرائيل، إلا أن أجهزة الأمن وقادتها باتوا على قناعة تامة أن هذا غير ممكن الآن ومتأخر جدا وبالتالي هناك ضرورة للوصول إلى حل وسط، جاءت تصريحاته خلال جولة أجراها على الحدود الشمالية.
موقع واللا الإسرائيلي حاول التعرف على آليه إدارة الصراع الإسرائيلي الإيراني في سوريا وأدواته والخطوط الحمراء الجديدة كما يحاول أن يبلورها الجيش الإسرائيلي.
فيما لا يمكن منع إيران من التواجد في سوريا خصوصا بعد إعلان رئيسها بشار الأسد عن الدين الذي يدين به لإيران ودعمها اللامحدود الذي قدمته له ولنظامه، حيث أن بدء بتصريحات إسرائيلية حول إخلاء قوات إيران وحزب الله من سوريا أخذ يتحول إلى حل وسط والاكتفاء بأجزاء معينه من سوريا.
والقطار الإيراني انطلق مبكرا وهو يبني بهدوء وذكاء السكة التي سيسير عليها في سوريا وهذا ما نلمسه من خلال الردود الروسية والأمريكية على المناشدات الإسرائيلية والمطالبة بخروج إيران حيث اعتبرت روسيا أن هذا الوضع مؤقت.
بينما قال الأمريكان اهتموا بالاتفاق مع روسيا ومنع استمرار إراقة الدماء وهو ما يعني عمليا أن أي من البلدين لن تعمل على إخراج إيران من الأراضي السورية.
الروس لم ينتظروا أحد وبدأوا برسم حدود المصالح الاقتصادية والاستراتيجية والأمنية الخاصة بهم في الشرق الأوسط. والقمة الثلاثية التي عقدت في سوتشي وجمعت بين روسيا وإيران وتركيا جاءت لتذكر بقية الأطراف من هي القوى العظمى في المنطقة. ليس صدفة أن يسافر الأسد بالسر للاجتماع مع بوتين قبلها بيوم واحد ليشكره على دور بلاده في دعمه. الأسد بات يشعر بالثقة والاستقرار وأنه قادر على الطيران والسفر لدول أخرى.
في هذه المرحلة يعتبر وجود عشرات الآلاف من أعضاء المليشيات الشيعية التي تدعمها إيران في سوريا أمر فيه خدمة للمصالح الروسية لأنهم يقاتلون داعش بدل الجنود الروس الذين يفضلون العمل من الجو.
الإيرانيين الذين يدركون القوة الكامنة في هذه المليشيات أقنعوا الأسد أن يقيم معسكرات شبيهة بما كشفت عنه قناة ال BBC قبل أسابيع لتكون المرحلة القادمة تزويد هذه القواعد بالسلاح المتقدم ومن ثم بناء الصواريخ.
قدماء ضباط الموساد الذين سبق لهم أن زاروا إيران أكثر من مرة أثناء حكم الشاه يقولون إن إيران تفكر وتتحرك بناء على رؤيتها على المدى الاستراتيجي والبعيد وليس وفق التهديدات الإسرائيلية وأنهم يخططون لإقامة قوة شبيهة لحزب الله في سوريا وربما دولة داخل الدولة.
إسرائيل خرجت للمعركة السياسية ضد الوجود الإيراني منذ أكثر من عام عندما شاهدت كيف يتم نقل آلاف من جيش القدس من العراق وإيران للقتال في سوريا، ولكن رسائل إسرائيل لم تنجح في تحريك الأمريكان ضد إيران.
إسرائيل زادت من وتيرة الضغط كلما ضعفت داعش وطالبت بإخلاء مسافة 50 كيلو مترا من الحدود مع الجولان هو ما تجاهلته أمريكا وروسيا.
إسرائيل اختارت على ما يبدوا في هذه المرحلة العمل على تشكيل تحالف مضاد لإيران في الشرق الأوسط. من المهم أن نتذكر أن إسرائيل ليست وحدها المهددة من القوة الإيرانية في سوريا بل دول أخرى مثل الأردن والسعودية وقطر والإمارات ومسقط وهي الدول التي دخلت في سباق تسلح رهيب بسبب العامل الشيعي الذي يهدد مجتمعاتها بحرب دينية والإخلال باستقرار المنطقة.
يمكن الافتراض أن إسرائيل لم تتوصل إلى خلاصات نهائية من قمة سوتشي ولكن خطوات إيران تلزم إسرائيل باتخاذ خطوات واتخاذ موقف واضح وليس فقط من خلال القنوات الدبلوماسية بل بالأفعال على الأرض.
رئيس أركان الجيش ورئيس الاستخبارات مطالبين بتقديم توصيات واضحة حول كيفية التعامل مع القوة الإيرانية المجاورة التي ستتحول إلى قوة مركزية يجب أخذها بالاعتبار في أي مواجهة قادمة.
أمام إسرائيل عدة خيارات:
1.الاستمرار في الخطوات السياسية في العالم على أساس المصالح المشتركة وهو ما ألمح إليه ليبرمان عندما قال إن صواريخ إيران تهدد أوروبا.
2.الإقدام على خطوات سرية في سياق ما يطلق عليه المعركة بين الحروب كما يديرها الجيش ضد تهريب السلاح من سوريا وإيران إلى حزب الله.
3.الإقدام على خطوات علنية وعنيفة وتحمل المسؤولية من أجل إيصال رسالة أن إسرائيل جدية ولن تسلم بالأمر الواقع وبالتالي فرض خطوط حمراء على بقية الأطراف.
إيران لن تتنازل بسهولة عن نفوذها في سوريا ومن المتوقع أن ترد بواسطة ميليشياتها هناك أو أطراف أخرى تابعة لها لذا فإن النقاش في الكابينيت ضروري وهو مقدمة لسلسلة نقاشات في هذه المعضلة التي لا بد من حسمها.
إسرائيل دخلت في عهد جديد من التهديدات والحرب القادمة مع حزب الله سيكون من الصعب على الجيش ضبط الجبهة السورية التي يتواجد فيها آلاف الجنود وستكون المعركة صعبة لم يعهدها الجيش من قبل وعليه أن يتهيأ للعمل على أكثر من جبهة وتقليل التوتر على الحدود مع غزة وسيناء والضفة الغربية للاستعداد لجبهة الشمال.