الجمعة  04 تموز 2025
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

متابعة الحدث | حسن نصرالله ومبدأ الويجي في التعامل مع نقل السفارة

2017-12-08 10:14:17 AM
متابعة الحدث | حسن نصرالله ومبدأ الويجي في التعامل مع نقل السفارة
السيد حس نصر الله

 

الحدث ــ محمد بدر

 

لتقاوم شيء، عليك أن تفهم طبيعته، وعليك أن تعي الأسس التي يتحرك على أساسها، بالأمس تحدث السيد حسن نصرالله بلغة الإستراتيجية الامريكية، حين قال إنه من الممكن تحويل التهديد لفرصة وتحقيق مصالح من وراءه، وباللغة الدينية أنهى بـ "عسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم"، باللغة الأمريكية السياسية يسمى هذا المبدأ بمبدأ الويجي، وهو تحويل التهديد لفرصة والاستثمار في التهديد الموجه ضدك، يتحقق ذلك من خلال التفكير بأدوات خارج إطار الأزمة، ووبدائل تبطل مفعول أي قرار وتجعله يرتد عكسيا على متخذه.

 

بالأمس أقر البرلمان المصري في جلسته الطارئة التي عقدت يوم أمس الخميس بحظر استيراد أو شراء أي من المنتجات الأمريكية، الاقتصاد لغة السياسة، وإذا بدأ العرب بحرب اقتصادية من هذا النوع فهذا يعتبر أكبر فشل للقرار ولترامب ولحزبه الحاكم، الجمهوريون في أمريكا علاقتهم مع النخب الاقتصادية الأمريكية في أمريكا قوية، وتراعي سياسة الجموهريين في الحكم كثيرا مصالح الرأسمال والرأسماليين، والإضرار بمصالح الشركات الأمريكية سيشكل عامل ضغط كبير على ترامب من قبل النخب الرأسمالية الأمريكية، وحتى الأمريكي العادي لا يهمه كثيرا سياسة بلده الخارجية إلا إذا ارتدت عليه وعلى مستوى حياته ومعيشته، الأزمة الكبرى التي شهدتها أمريكا في العام 2008 و 2009 مست الأمريكي بشكل مباشر وكان ارتداد لنفقات الحرب على العراق وأفغانستان، في النهاية أدت إلى انسحاب الأمريكان من العراق، ومن المعروف أننا في العالم العربي سوق استهلاك كبير للبضائع الأمريكية، وإذا لم يستطع المستوى الرسمي بهذه المهمة، فعلينا كإعلاميين وكوسائل إعلام ومن خلال حملات مكثفة ومتشابكة وبمساعدة قادة الرأي والنخب الثقافية الدخول في هذه الحملة والتعريف بقائمة البضائع الأمريكية، والدعوة لمقاطعتها.

 

قرار السلطة بقطع العلاقات مع السياسيين الأمريكيين، قرار مهم، ويحتاج لتفعيل ووضوح، القرار بمثابة تقليص للدور الأمريكي وهو ما تخشاه أمريكا دائما وأبدا، وعلى السلطة بناء علاقات مع الدول الأوروبية، خاصة ما كان يعرف برابطة الدول المستقلة في أوروبا، هذه الدول لديها قابلية للولوج في معركة سياسية لصالحنا، فهي من ناحية أصبح تأثيرها متزايد في الإتحاد الأوروبي، ومن ناحية أخرى تسعى هذه الدول لتطوير سياساتها الخارجية، صناعة الأحلاف داخل الأحلاف سياسة ناجحة وأثبتت تاريخيا أنها قادرة على صنع تغيير كبير.

 

على المستوى الشعبي والفصائلي، فإن الاحتلال يعتبر هذا الوقت مرحلة إختبار لإنتمار الفلسطيني لقضيته، ومرحلة إختبار للفصائل وقدرتها على قيادة الجماهير، تكثيف العمل المقاوم بكل أشكاله، سيشعر الإسرائيلي العادي أنه لا يعيش واقع دولة حتى يعيش نشوة وجود عاصمة، سيضعه بشل مباشر أمام صورة الصراع الممتد على الجغرافيا وفي الوعي، وجاء الوقت الذي تقوّي الفصائل علاقتها مع فلسطيني الداخل المحتل وأن لا تبقى الفصائل تتعامل معهم على استراتيجية أنهم واقع منفصل نسبيا، موجهة المواجهة إذا انحصرت فسنشهد في المستقبل مشاريع كبيرة وخطيرة ولا نبالغ إذا قلنا أن الترانسفير سيتم تنشيطه ماديا في كثير من المناطق، وهو ما أشارت له دراسة إسرائيلية بالأمس، فقد اعتبرت الاعتراف بالقدس كعاصمة يعني تنشيط الاستيطان واتخاذ اجراءات جديدة بحق الفلسطينيين في القدس.

 

هذه مفاتيح أولية لمقاومة هذا القرار ولتحويل التهديد إلى فرصة لصياغة استراتيجيات مهمة لتغيير الواقع، حتى يصبح القرار الأمريكي واقع فوق الواقع.