الحدث ــ محمد بدر
نشرت صحيفة هآرتس تحقيقا صحفيا عن شابة فلسطينية اغتصبها ضابط احتلالي، وجاء فيه:
بدأت هذه القضية في منتصف الليل قبل أكثر من خمس سنوات. وعلى أحد الحواجز في منطقة القدس، ألقي القبض على شابة فلسطينية للاشتباه في أن إقامتها غير قانونية واقتيدت إلى مركز للشرطة. وبعد استجوابها لبضع دقائق في إحدى الغرف، نقلت إلى غرفة أخرى، حيث تعرضت للتحرش من قبل المحقق.
وبعد مغادرة المحقق، دخل الغرفة ضابط شرطة يرتدي زي حرس الحدود، قام بخلع ملابسها بالقوة وضربها بطاولة خلال مقاومتها له، واغتصبها رغم محاولتها إبعاده عنها.
تقول ليلى إن جلبابها كان عليه سائل منوي من آثار عملية الإغتصاب، وأنها غادرت المركز بعد أن أفرجوا عنها بدون أي وثيقة إفراج. ومع وصولها منزلها سارعت إلى غسل ملابسها.
في اليوم التالي سردت ليلى لزوجها تفاصيل الحادث، وقام زوجها باصطحابها إلى مركز تقديم الشكاوى التابع لشرطة الاحتلال، تضيف ليلى بأنها كانت تشعر بالإهانة والذل خلال سردها لقصتها أمام زوجها والمحققين.
وبعد أن انتهوا من تسجيل شكواها، أخضع المحققون ليلى إلى الفحص، ولم يتم العثور على أي علامات تدلل على الاغتصاب، ربما بسبب مرور الوقت، ولكن تم العثور على علامات كدمات في يدها اليسرى.
وفي اليوم التالي، أخضع المحققون ليلى إلى اختبار كشف الكذب، كانت الأسئلة محرجة، على سبيل المثال "هل صحيح أن الضابط وضع عضوه الذكري في رحمك في مركز الشرطة؟
خرجت ليلى من فحص الكذب وبدأت تتقيأ وتبكي أمام مركز الشرطة.
ويبدو أن الاهتمام كان في القضية فقط في بدايتها، واليوم لا يوجد أي نشاط للتحقيق في القضية، ولا يوجد دليل على أن الشرطة بالفعل تحقق في الموضوع.
والسؤال المطروح هو من اغتصبها؟ بحسب الجدول الزمني لدوام الشرطة في ذلك المركز فإن 76 شرطيا وضابطا كانوا موجودين في الفترة بين الساعة الرابعة والخامسة صباحا، والتحقيق لم يتم سوى مع المحقق الذي قام بالتحقيق معها، وهو الذي بالفعل تحرش بها ولكنه لم يغتصبها.
وفي التحقيق مع المحقق، نفى أي علاقة له بالموضوع، وأصر أيضا على أنه لم يتحرش بها. أجرى المحققون مواجهة بين ليلى والمحقق، واالتي بدت منهارة عندما رأته، وعندما سئل عما إذا كان قد ترك ليلى وحدها في غرفة الاستجواب، أكد أنه غادر لبضع دقائق.
وبالإضافة إلى المحقق نفسه، أدلى خمسة من عناصر الشرطة بشهادتهم، ولكن لم يتم التحقيق مع أيا منهم كمشتبه به. وتدلل إفاداتهم على وجود تناقضات بين روايتي إثنين منهم، أحدهم قال، وهو حارس يدعى (H) إنه رأى ليلى تغادر المحطة وفتح البوابة لها مع حارس آخر، لكن الشرطي (A) أكد أن ليلى فتحت البوابة بنفسها وغادرت ولم يكن أيا منهما على البوابة.
وهذا ليس التناقض الوحيد بين إفادات الشرطيين، قال (H) للمحققين إنه قد حل محل (A) لمدة عشر دقائق (خلال الوقت الذي يتزامن مع الجدول الزمني) وأنه خلال الليل رأى زميله ( A)يتجول في غرف الاستجواب.
وقد واجه المحققون الاثنان وأبرزوا لهم التناقضات في تصريحاتهم، ولكن لم يتم استجواب أي منهم للاشتباه في تورطه في الاغتصاب.
ووفقا لملف التحقيق، لم يحاول المحققون جمع مقاطع الفيديو الخاصة بكاميرات الأمن في مركز الشرطة.
وثمة تفاصيل أخرى في هذه القضية تتعلق بمسألة الحمض النووي، حيث قال اثنان من كبار خبراء الطب الشرعي "ان فرص العثور على الحمض النووي على الملابس التي يتم غسلها ضعيفة جدا".
وبعد حوالي شهر من الشكوى، اتخذت ليلى خطوة غير عادية لرسم الشرطي الذي اغتصبها، ورسمت صورة من خلالها تحاول أن تقرب الصورة للمحققين.
وتشير ليلى أن اغتصابها كان من خلال الجنس الفموي، والجنس الشرجي، وسردت بالتفاصيل طبيعة تعرضها لكلا الجنسين، ومع ذلك فإن الملف بقي في أدراج مكاتب التحقيقات الخاصة دون تقدم.
منذ 3 سنوات توجهت ليلى إلى المحامي مؤيد ميعاري، وصدم ميعاري عندما علم بعد تكليفه أن الملف تم إغلاقه على أساس شكوى ضد مجهول.
ومع محاولات ميعاري لإعادة فتح التحقيق فقد قرر النائب العام يهودا شيفر في عام 2015 إعادة النظر في القضية ولكن الملف تم إعادة إغلاقه في بداية 2016.
في وقت لاحق أصبح من الواضح أن الجزء الرئيسي من التحقيق كان فحص الكاميرات الأمنية، والتحقيق مع المحقق الذي أطلق سراح ليلى دون أي وثائق، ويشتبه في أن المحقق تركها عمدا لوحدها في الغرفة.
في هذه المرحلة، قرر المحامي ميعاري أن يعرض على ليلى صور بعض رجال الشرطة الذين كانوا في المحطة في تلك الليلة، واعترفوا على الفور بأنها اغتصبت.
بعد 5 سنوات من الحادث، تقرر وضع الشرطي (A) تحت المراقبة بشبهة الاغتصاب ولم يتم توجيه تهمة مباشرة بحقه، رغم أن كل الإشارات تدل عليه، وكل ما في الأمر أنه تم فحصه علىآالة كشف الكذب، عن إذا ما اغتصب ليلى، وأجاب ب (لا) وتم إغلاق الملف. وتحاول ليلى إعادة تفعيل النظر في القضية.
ويقول المحامي ميعاري "لو كانت ليلى غير عربية لكان الأمر مختلفا"
وترد النيابة بالقول إن القرارات المتخذة في القضية قد اتخذت على أساس تحقيق مهني وشامل، وبعد فحص الأدلة والظروف العامة للقضية، بما في ذلك أخذ إفادة صاحبة الشكوى عدة مرات، وجمع شهادات إضافية، والتحقيق مع ضباط الشرطة المشتبه بهم"، فإنه لا يوجد دليل إدانة لأحد.