عصمت منصور
تُروّج إسرائيل أنها قادرة على مواجهة أي خطر صاروخي قادم، من أعدائها في الشمال (حزب الله)، وفي الجنوب (غزة).
أكثر من جنرال ومسؤول إسرائيلي، اعترف وأقرّ بأن قدرات المقاومة باتت مختلفة، وأن لديها إمكانيات صاروخية من حيث العدد والمدى والدقة الأكبر، من السابق وأن الحرب القادمة ستكون مختلفة تماما، وستشهد إطلاق آلاف الصواريخ يوميا على مختلف مدنها ومواقعها الحساسة والاستراتيجية، مثل المطارات المدنية، والعسكرية والمراكز الحكومية، والمنشآت الحيوية، مثل ميناء حيفا وحقول الغاز في البحر المتوسط، ومفاعل ديمونا، بالإضافة إلى مراكز المدن الرئيسية.
هذه الحقيقة أدخلت تعديلا هائلا على وضع إسرائيل الاستراتيجي، لأنها اعتمدت في نظرياتها العسكرية، على استراتيجية الحرب الخاطفة التي تقع في أرض العدو بعيدا عن العمق الإسرائيلي أو ما يعرف بالجبهة الداخلية، وهذا ما اعتمدته في حروبها السابقة ما قبل 2006 وما قبل تطوير المقاومة للقدرات الصاروخية.
أي حرب ستكون داخل إسرائيل، لذا فإنها تعكف على تطوير أجيال وطبقات من الصواريخ المضادة مثل "القبة الحديدية" و"شربيت كسميم" و"حيتس" بأجياله المختلفة.
هذا إلى جانب قوة جوية متفوقة وذكية مسنودة بتكنولوجيا واستخبارات قادرة على ضرب هذه الصواريخ في مخازنها وتحييد ما أمكن منها في الضربة الأولى، وخلق صدمة ورعب وحجم هائل من الدمار يجعل الطرف الآخر يفكر ألف مرة قبل أن يفكر في فتح جبهة ضد إسرائيل.
مع كل هذه الإمكانيات تبقى قدرة إسرائيل محدودة، وتبقى الكثير من نقاط الضعف التي ستستفيد منها المقاومة منها مثلا:
إخلاء السكان: كل أنظمة الدفاع من الصواريخ لا يمكنها رصد والتصدي للصواريخ ذات المدى القصير كما في غلاف غزة على مساحة 10 كيلومتر على الأقل، بالإضافة للهاون وهذا يعني أن إخلاء جماعيا لعشرات المستوطنات سوف يحدث ويشكل ضغطا معنويا وماليا ونفسيا على إسرائيل.
التكلفة: تكلفة صاروخ مضاد من القبة الحديدية يبلغ 100الف دولار للصاروخ الواحد..ومليون دولار لشربيت كسميم الذي يغطي مدى أعلى وثلاثة ملايين لصاروخ الحيتس الواحد.
هذه الأرقام إذا ما وُضِعت إلى جانب اعترافات جنرالات إسرائيل بإمكانية سقوط آلاف الصواريخ يوميا سيعني أن إسرائيل:
إما أنها تملك ذخيرة لا نهائية
أو سيكون مصيرها الإفلاس
أو ستغطي المرافق الحيوية، وهذا سيترك المدن عرضة للهجرة العكسية المتمثّلة بالهرب وغيرها من مظاهر الذعر.
مما سبق يتضح أن إسرائيل تخشى الحرب لأنها تعرف أنها باتت مكلفة والنصر فيها غير محسوم مسبقا، والأهم أنها ستكون داخل حدودها وفي جبهتها الداخلية التي تعتبر الحلقة الأضعف.
هذا يجعل إسرائيل أخطر وأشرس وستعوض عن اختلال المعادلة بالمجازر والدمار الكبير، وإضعاف الأطراف الأخرى من الداخل، ومحاولة إشغالها بحروب وصراعات وأزمات تفتعلها داخل بلدانها وعبر دعايتها وأدواتها.