الثلاثاء  30 نيسان 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

غموض لتشيزار لوزانوف

ترجمة وتقديم: خيري حمدان

2018-01-13 05:49:32 PM
غموض
لتشيزار لوزانوف

ولد الشاعر لتشيزار لوزانوف عام 1953 في العاصمة صوفيا، أنهى دراسة الأدب البلغاري في جامعة صوفيا القديس "كلمنت أوخريدسكي" عام 1975، كما نال شهادة عليا في علوم الصحافة عام 1984. عمل في الراديو الوطني ومحررًا في العديد من الصحف، مارس مهنة التدريس لمادّة الأدب واللغة البلغارية، يعمل حاليًا محرّرًا في صحيفة "الجيش البلغاري". نشرت قصائده في الصحف والمجلات الأدبية الدورية أهمّها صحيفة "سيغا، كابيتال، منبر الطلاب، المنتدى الأدبي وغيرها كثير. يعدّ أحد المبادرين المؤسّسين للجماعة الأدبية "رامبو 13" المهتمة بنشر أدب الحداثة وما بعد الحداثة. أصدر ديوان "مزّق الغلاف" عام 1995، "الوحش" عام 1999، "غرافيت" عام 2002.  

 

غموض Необяснимо

 

يحدّق بي الوقتُ بإصرار

بعنفوانِ عشيقةٍ ضجيرة.

إذا ما تخلّى الوقتُ عنّا

أنتحوّلُ عندها إلى رذاذٍ في أنانبيب،

نتأمّل، فسفورٌ متألّقٌ – فائضٌ عن الحاجة،

لا يفقهُ، لا يتطلّبُ

حالةٌ من العتمة والنور

في وقتٍ واحد!

 

غير قابلٍ للاستخدام

لا يخضع لسلطة أيضًا،

أصواتٌ غير مجزّأة ترتشفنا،

لا نجاور طبلات الأذن،

إشاراتٌ فارقةٌ لذواتنا،

تمرّ عبر الأشياء،

ترفعُ درجات الحرارة إلى

ملايين مئوية

لأسباب متعلّقة بتعذّر البوحِ

لأسبابٍ متعلّقة بتعذّر الاعتراف.

 

هذه العزلة المطلقة

تخلقُ الهيكلية، تجعلُ ذلك الجزء

من العالم الذي يوحّدنا مع الوقتِ

عصيًّا منيعًا.

يعيد الاعتبار لمكنكة الوجود

سخفٌ، وحشية غير مسبوقة،

توازن غامض ما بين القسوة والتأنّق

ما بين الدماثة وسفك الدماء.

 

انعدام الذاكرة مادّة لاصقة

الحيوانات المنوية، رمزيتها الباطنية

تبحثُ عن فرصة نجاة ضئيلة

ترتبط بالوقتِ

بدودته الدقيقة، دبال النشوء

على الرغم من هيئته الضجرة

يبقى الوقت منتهى التجلّي والعطاء

والرقّة، يختزل في ذاته

إمكانياتٍ ووجوهًا ملموسة

وغير ملموسة.

 

حتى وإن أنكرناه من الآن فصاعدًا

ستتعرّف على الوقت بطانتُنا،

ستشتاقه وستلحق بركبه

ستبحث عن مدخلٍ لجسده اللزج

لارتعاشاتِ الأنسجةِ والطاقة

يبدو صورةً لعشيقةٍ سابقةٍ مستقبلية

تصفرّ ذابلة مهملة

لكنّها تغذّي الشعلة، تضيءُ

التفاصيلَ العابرة.

 

أيمكنها أن تتخلّص منّي

وسط هذا الخطأ القدري – الأبدية؟

يبقى الأملُ "أن تكون" دومًا قائمًا

الأبديّة غامضةٌ – هي محضُ شعيرة.

 

محاطون نحن بالطقوس

والقليلِ القليلِ من الانبثاق

لا يمكن مهادنة الوقت

لذا، ينظر إلي كأنّه غاوية

ترفل بزينتها سئمة،

على أهبة الاستعداد

في أيّة لحظة تالية

لتركلني بعيدًا عن مخدعِها.

 

الحدود Границите

 

أنا الدماء التي عافت أن

تدلف خفية زاحفة على المرفقين

عبر الصمّام، والفوّهات وشجرة القصبات

أدلف دفقات دائريّة كما سيزيف

دومًا أتدحرج،

أنا المدية وفورة أوكسجين

دماغ ما. أركّب الجسد الواحد

من جزيئات وأحشاء.

 

أرغب أحيانًا أن أكون حرًا

أسيل في كلّ الاتجاهات العصيّة،

وأن أتخلّى عن دوري – ذاك الحمّال

الذي لا يفتأ يرفع، ينقلُ، لا يملّ العطاء.

 

الحرية ضربة – تحسّسٌ أعمى

لصداقةٍ هادئة مجهولة تمامًا 

وجهة النافورة ما خلف الجاذبية

الاستشعار البارد لمخالب

العتمة وتعطيل

حدود الأشياء.   

 

أصابعٌ مائيّة Водни пръсти

 

لم أتوقّع أبدًا

أنّ الأصابع الناعمة

في حالتها البحريّة

يمكنها أن تحفر تجاويف

في الصخر

وتملأها حيواتٍ وكائناتٍ

باحثة عن الغذاء.

ومن التكثيف 

أن تخلق الديناميكية،

أمشاجًا، حياةً ونقاط ارتكاز

لأقدام الشمس النابحة.