السبت  20 نيسان 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

الكتابة على الثلج لا تبقى

2018-02-18 02:44:52 PM
الكتابة على الثلج لا تبقى
رولا سرحان

"كلما كان السيناريو دقيقا كلما كان الفيلم سيئا"، هذه العبارة قالها أندريه تاراكوفسكي الذي يعتبره البعض أحد أعظم المخرجين السينمائيين في القرن العشرين.

فيلم الكتابة على الثلج، والذي كان عرضه الأول في فلسطين يوم السبت 18-2-2018 ، وهو للمخرج رشيد مشهراوي وبإنتاج فلسطيني تونسي مشترك، برعاية من جهتين رسميتين فلسطينيتين هما وزارة الثقافة وتلفزيون فلسطين، وقع في هذا الخطأ؛ محملا شخصيات الفيلم رسائل سياسية واضحة ومباشرة تلقاها المشاهد في جرعة واحدة؛ هذا فضلا عن إشكاليات بنيوية أساسية ليس أقلها الفكرة المكررة لفيلم فلسطيني سابق أنتج في عام 2015 للمخرجين الشقيقين محمد وأحمد أبو ناصر، بعنوان "ديجراديه"، حين تحتجز 13 امرأة في صالون تصفيف شعر ويُحاصرن نتيجة القصف الإسرائيلي وتبدأ كل منهما برواية حكايتها.

الفيلم يتناول قصة خمسة فلسطينيين حوصروا في منزل خلال حرب على قطاع غزة، ومع مرور الوقت، تطفو إلى السطح الانقسامات السياسية والاجتماعية، ليكون التعصب الديني ورفض الآخر هي ورقة المساومة التي يُراد لها كسب تعاطف المشاهد، الرافض للفكر الإسلامي المتعصب، في دور يقوم ببطولته الممثل المصري عمرو واكد، الذي كان العلامة الفارقة الوحيدة في الفيلم، نتيجة أدائة المتميز، وقدرة تعبيراته الجسدية، على التمثل والتماثل مع ما يمكن أن تحمله الشخصية التي يمثلها من غضب أو شهوة.

الفيلم ارتكز على سيناريو ضعيف، مستخدما عبارات مؤدلجة، أدخلت المشاهد في سكون دائري متوقع وأفقدت الممثلين وهجهم وأفقدت الفيلم قدرته على المضي بفكرة عميقة خارج مضمون تكرار ما يُقال بطريقة سطحية على شاشات التلفزة والحوارات الضيقة عن الواقع السياسي الفلسطيني المأزوم، والذي حاولت اللعبة البصرية والسمعية المفاجئة لصوت القصف أو مشهد لسقوط جدار المنزل إعادة فرض نفسها أكثر من مرة لتؤكد للمشاهد ضرورة استدراك متابعة الفيلم.

من لبنان وسوريا ومصر وفلسطين، جاء الممثلون، الذين لم يُخرج النص الحواري للفيلم الطاقات الفنية الكاملة لهؤلاء الممثلين، فبدت اللبنانية يمنى مروان التي تقوم بدور مسعفة وكأنها ممثلة مبتدئة، وكان السوري غسان مسعود الذي مثل دور صلاح الدين في فيلم عالمي هو kingdom of heaven، ممثلا من الدرجة الثانية.

الجانب السياسي المعلن في حبكة غير موجودة في الفيلم، تغافل تماما عن البعد السيكولوجي للشخصيات، وتطور الشخصية دراميا، والتي من المفترض أنها تتعاطى بتفاعلات أكثر عمقا نظرا لأن السياق المكاني للفيلم يحدث في مكان واحد.

إن التوثيق التاريخي لمرحلة خطرة من التاريخ الفلسطيني، يقتضي أن نعلم أنه في أعلى نقائها يصير فيها المؤرخ والسياسي والمثقف والمخرج والسينمائي جزءا من تلك المرحلة عند الكتابة عن هذا التاريخ..

خلاصته أن الكتابة على الثلج لا تبقى، تزول.