الثلاثاء  23 نيسان 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

الاحتلال واستخدام الرواية التاريخية بقلم: تيسير الزبري

2014-11-24 10:52:45 PM
الاحتلال واستخدام الرواية التاريخية
بقلم: تيسير الزبري
صورة ارشيفية

صريح العبارة

 

ما دام رعاة الحركة الصهيونية (الحركة القومية اليهودية) يتمسكون باستخدام الرواية التوراتية التاريخية، فسوف تظل دماء الفلسطينيين والعرب تسيل، ولن نعدم الدليل على إثبات ذلك، سواء بما فيه اللجوء إلى التاريخ التوراتي السحيق، أو بما يفعله السياسيون الإسرائيليون منذ حكومة بن غوريون وحتى حكومة نتنياهو الراهنة من استخدامات مشوهة للتاريخ.

ما يقوله رئيس الحكومة نتنياهو في باكورة صعوده إلى قمة الحكم السياسي في إسرائيل، وفي كتابه المشهور "مكان تحت الشمس"، يشكل دليلاً عملياً لما يقوم به المستوطنون المتدينون، رواد الحركة الصهيونية- التوراتية، في المناطق الفلسطينية المحتلة بشكل عام، وبجوار وقلب القدس بشكل خاص.

في كتاب رئيس حكومة المستوطنين "نتنياهو" يقول إن أراضي الضفة الغربية، ويسميها "يهودا والسامرة"، هي "أرض الميعاد" لا بد من العودة إلى امتلاكها، فهي حسب روايته "أرض الآباء والأجداد"، ونلاحظ الشهية التوسعية لرئيس حكومة المستوطنين عندما يؤكد على التمسك بأرض الجولان، "وهي أرض لم تكن يوما تحت حكم اليهود القدماء"، ويبرر ذلك بأن التمسك بها يعود لأسباب أمنية. وعلى أي حال، فإن التمسك بالرواية التاريخية ما هو إلا غطاء لممارسة التوسع العنصري بكل ما فيه من قتل ودماء وطرد وتهجير قسري مما تشهده بلادنا من ممارسات.

وعندما لا يوجد هذا الغطاء، فالحجة الأمنية هي الثابت الدائم في الموقف الإسرائيلي صاحب الشهية التوسعية!

لا يوجد على وجه الكرة الأرضية من يمسك بالرواية التاريخية كالمحتلين الصهاينة للأرض الفلسطينية، ذلك لأن الخرائط الجيوسياسية في العالم، وفي منطقتنا بالتحديد، قد تغيرت عشرات المرات، وتشير إلى أن بلاد سوريا ومنها فلسطين قد خضعت إلى تقلبات سياسية، ومرت فوق أرضها جيوش كثيرة وأقوام كثر مثل الفراعنة الذين كانوا قد وصلو إلى أبواب دمشق قبل أكثر من أربعة آلاف سنة، والأشوريون القادمون من بلاد ما بين النهرين، وكذلك اليونان، من جزر البحر الأبيض، وكذلك الرومان، وبين هذه الأقوام ومنذ ما يقارب الثلاثة آلاف سنة أقام اليهود مملكتين في الشمال "السامرا" و"يهودا" في الوسط (وبالمناسبة فقد كانتا على عداء دائم) إلى أن جرى تدميرهما على يد الأشوريين، (نبوخذ نصر والسبي البابلي).

نقولها بملئ الفم، ويجب أن يقولها السياسيون، وعلماء التاريخ والآثار: نعم لقد كانت لليهود ممالك في فلسطين ولا يستطيع أي مؤرخ أو سياسي أن يقوم "بحصر الإرث" وبرسم الحدود السياسية بعد كل هذه السنين!

إن ما تقوم به أغلب المدارس الدينية التوراتية، من زرع ثقافة الروايات التاريخية الناقصة، والمنحازة، والعنصرية، والاستخدامات السياسية من الانتهازيين السياسيين الصهاينة، هي التي تدفع لغلاة الصهاينة، والمتدينين بشكل خاص، لارتكاب جرائم مثل حرق الفتى محمد أبو خضير وهو حي، وغيرها من الجرائم، بما فيها من قلع الأشجار وتخريب الأرض والاستيلاء عليها (لمَ لا ما دام الادعاء بأنها أراضٍ مغتصبة من قبل الفلسطينيين؟ وماذا يتوقع المحتلون إزاء كل ذلك من قبل الفلسطينيين تحت الاحتلال؟ وهل يمكن استقبال كل هذه الجرائم بالصمت والخنوع؟

إن حكومة نتنياهو ومعها أقطاب اليمين وممثلو المستوطنين تتحمل مسؤلية كل ما يجري، وهي تدفع بالصراع نحو أكثر الأشكال دموية وإلى حروب دينية، وهي حكومة تمتهن بذلك في كل يوم أشكالاً جديدة من العداء للفلسطينين، وآخرها طرد العمال الفلسطينين من أعمالهم، كما فعل رئيس بلدية عسقلان، وكذلك بالسماح للمتوطنين بحمل السلاح، وفوق هذا وذاك، السعي من أجل إقرار الكنيست الإسرائيلي لقانون يهودية الدولة.

إن ما يقوم به تحالف نتنياهو-ليبرمان- بينت، يضع المنطقة كلها أمام حروب جديدة ومآسي ودمار ودماء، ما لم تتضافر عوامل فلسطينية داخلية وعربية ودولية لوقف هذا العدوان على الشعب الفلسطيني، ومنع حكومة نتنياهو ومستوطنيه من مماراساتهم القمعية ضد الشعب الفلسطيني والشعوب العربية المجاورة.