الأربعاء  24 نيسان 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

هذا الثوب عبارة عن قصة حية وذاكرة وطنية.. بالأساس كان لسيدة من رام الله

2018-03-18 02:01:50 PM
هذا الثوب عبارة عن قصة حية وذاكرة وطنية.. بالأساس كان لسيدة من رام الله
صورة من معرض "غزل العروق" (تصوير: سجود عاصي)

 

الحدث - سجود عاصي

 

الثوب الفلسطيني جزء من الرواية الفلسطينية، ومعلم وطني يحاول الصمود في وجه "الموضة" و"عالمية اللباس"، هذا الثوب لا يعتبر أثرا من التاريخ فقط، بل يحمل كل تصميم فيه مدلولات مكانية وزمانية.

كيف يمكن لثوب واحد أن يجسد التاريخ والقضية؟ في المتحف الفلسطيني عرض ثوب فلسطيني، هذا الثوب عبارة عن قصة حية وذاكرة وطنية، بالأساس كان لسيدة من رام الله، أرادت أن تهديه لسيدة لاجئة قدمت إلى رام الله، ولأن الثوب كان أصغر من مقاس اللاجئة، قامت بإضافة قطع من أكياس الأونروا له لكي تتمكن من لباسه.

وكأنك تعود بهذه القصة إلى مصعب بن عمير، عندما غطت جثته بالحشائش عندما قتل غريبا عن موطنه الأصلي "مكة"، ولكن هل تغطي كل أكياس الأونروا وطنا، الثوب علامة من علامته؟ الثوب المهدى بفكرته البسيطة يجسد الكرم الفلسطيني واللجوء الفلسطيني والنكبة.

وواكب الثوب الفلسطيني حركة التاريخ، فقد حملت أثواب الانتفاضة رسوم المطرزات التقليدية والبنادق والخرائط والشعارات السياسية، وطرزت وقتها النساء ألوانا وأشكالا من الاحتجاج خلال  الانتفاضة الأولى كجزء رئيس من المقاومة ضد الاحتلال الإسرائيلي، على شكل أثواب، حينها تقمس الثوب القضية وتبنت القضية الثوب.

قطعة الفسيفساء الحميمية التي ارتدتها جداتنا وأمهاتنا، غالبا ما كانت إرثا للأبناء والأحفاد، بعد تغير مقاسها أو وفاة صاحبها أو حتى تقديمها كهدية.

 

سر اللون الأحمر

ولطالما تساءلنا عن اللون الأحمر وكثافة استخدامه في المطرزات، ليس هذا فقط بل وكان من المستحيل أن تتكرر نفس درجة اللون الأحمر ما بين ثوب وآخر أو حتى في نفس الثوب، والسبب في ذلك أن النساء كنّ يصبغن خيوط الحرير في منازلهن بما يتوفر لديهن من نبات الفوه أو دود القرمز، وفي كل مرة كان يظهر لون مختلف من الأحمر، لذا كان من الصعب إيجاد أثواب من نفس درجة اللون، وكانت درجة اللون مؤشرًا على المنطقة، وهذا ما تغير مع ظهور خيوط الـ DMC الجاهزة، التي وفرت ذات الدرجات من الألوان.

كنا نظن أن فتحة الصدر في الثوب لتخبئة حاجات المرأة من نقود وغيرها، ولكن الحقيقة هي أن  فتحة الصدر في الثوب كانت تستخدمها السيدات الفلسطينيات من أجل الرضاعة، ليشكل الثوب الفلسطيني الخاص بالحياة اليومية حالة ثقافية.

فالتطريز يعتبر منتج وأداة تاريخية وسياسية في آن واحد، ففيه يمكننا استكشاف تاريخ فلسطين وحياتها السياسية وثقافتها.

وعلى الرغم من ارتباط التطريز بالمرأة وبشكل وثيق؛ إلا أن الرجال أيضاً كان لهم دورا في هذا المجال، أبرزها المطرزات التي عمل عليها الأسرى أثناء وجودهم في سجون الاحتلال الإسرائيلي، التي دمجت ما بين الوطن والحب.

وحول ذلك، كان المتحف الفلسطيني قد أعلن عن افتتاح معرض "غزل العروق: عين جديدة على التطريز"، المعرض الذي يستمر حتى 25 آب 2018، والذي يبحث علاقة التطريز بالنوع الاجتماعي في ظل الحديث العالمي عن النساء، من خلال عرض أكثر من ثمانين قطعة من المطرزات من مختلف مناطق فلسطين، والتي يعود بعضها إلى منتصف القرن التاسع عشر.

في الوقت الحاضر، لم يعد يستخدم بالشكل الذي كان عليه سابقا، فتكاد تقتصر استخداماته على الظهور بلباس مطرز جميل بتلك  "النقلات" التقليدية أو استبدالها بأخرى عصرية.