الخميس  25 نيسان 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

هكذا حسمت "الضفادع" الحرب في سوريا لصالح النظام السوري

2018-07-17 06:29:52 PM
هكذا حسمت

 

الحدث ــ محمد بدر

في ظل الحديث عن اقتراب إعلان الجيش السوري من إعلانه النصر الكامل على المجموعات المسلحة في الجنوب السوري؛ تستعد المجموعات المسلحة في شمال سوريا وتحديدا في إدلب للمعركة التي يعتبر حسمها نهاية حقبة حرب استمرت لـ 8 أعوام في سوريا بانتصار النظام السوري.

قد يدفعك الفضول والبحث لمعرفة ما يعدّه المسلحون في أدلب، خاصة وأن المدينة آخر ما تبقى لهم من مراكز، ومع تأكيد الجيش السوري والقوات الرديفة على تصميمهم في استعادة إدلب فور الانتهاء من معركة الجنوب؛ بدأت تخرج من أدلب التهديدات والتصريحات، ولعلّ أبرز ما حملت هذه التصريحات، هو تصريح للقائد الشرعي سعودي الجنسية عبد الله المحسيني والذي حذّر من "الضفادع" ودعا للبدء بملاحقتهم قبل بدء المعركة في أدلب وحولها، وبالفعل شنت المجموعات المسلحة حملة ضد المشتبه بهم بأنهم قد يكونوا "ضفادع"، لكن اللافت أكثر في تصريح المحسيني هو عبارة: "حين يتحول القائد إلى ضفدع.. فابق أنت أسد الإسلام".

من هم الضفادع؟


في عام 2011، كان الشيخ بسام الضفدع إمام مسجد كفر بطنا في الغوطة الشرقية، من أوائل الذين وقفوا على المنابر ودعو لقتال الجيش السوري، حينها وبحكم أن الشيخ يملك رصيدا شعبيا في بلدته؛ خرجت البلدة ككل ضد النظام السوري، لتستقبل القادم الجديد والحاكم الجديد "جبهة النصرة سابقا"، ليصبح الشيخ "ضفدع" واحدا من منظري ما عاد يعرف بالثورة السورية.

 
الشيخ بسام الضفدع

قبل عدة أشهر، حاصر الجيش السوري الغوطة الشرقية كمقدمة للدخول لها من خلال هزيمة المسلحين فيها؛ طرح الشيخ بسام الضفدع مبادرة على المسلحين الموجودين في بلدته تقضي بضرورة خروج المدنيين قبل بدء القتال، لكن المسلحين رفضوا المبادرة. بعد أيام من إطلاقه لمبادرته؛ حاصرت قوة من المسلحين منزل الشيخ وحاولت اعتقاله بعد أن رصدت له مكالمة مع ضابط في الجيش السوري، يؤكد فيها الشيخ للضابط أن أهالي بلدته سئموا من معاملة المسلحين وأنهم ينتظرون المحاولة الأولى للجيش السوري لدخول البلدة من أجل مساعدته في السيطرة عليها.


خلال محاصرة المسلحين لمنزل الشيخ "الضفدع" خرج أهالي بلدة كفر بطنا دعما له واشتبكوا مع المسلحين، وانشق عن المجموعات المسلحة كذلك 400 مسلحا ودافعوا عن الشيخ وبيته، وفي ظل هذه الظروف داخل البلدة؛ وصلت معلومات للجيش بأن هناك حالات تمرد على المسلحين داخل البلدة، ليدخلها الجيش بمساعدة المسلحين من أنصار الشيخ، ويصبح هؤلاء المسلحين جزءا من جيش حاربوا وجوده لسنين على أرض الغوطة.


هل يتحول القائد المعارض لـ"ضفدع"؟


لم تقتصر ظاهرة الضفادع على الشيخ بسام الضفدع وبلدة كفر بطنا. قبل أيام، وخلال معركة درعا، أعلنت مصادر المعارضة السورية عن اعتقال مسؤول "جبهة أنصار الإسلام" المعروف باسم "أبو المجد" بتهمة أنه "ضفدع" من "ضفادع النظام"، مصادر المعارضة قالت إن القائد العسكري اتفق مع النظام على تسليمهم النقاط التي يسيطر عليها "أنصار الإسلام"، كما وقدّم خدمات استخباراتية للجيش السوري، بالإضافة لتفجير عدد من السيارات المفخخة في مواكب لقادة المعارضة.

"جبهة أنصار الإسلام" التي يقودها "أبو المجد" كانت تتلقى دعما من "غرفة عمليات الموك" التي يشرف عليها الأمريكان والسعودية وأبرز مهماتها دعم المجموعات المعارضة للنظام، فيما كان "أبو المجد" يسخّر هذه الإمكانيات في دعم النظام والجيش السوري، الأمر الذي يعتبر صدمة للسعوديين والأمريكان.

بالعودة لإدلب؛ حذرت المجموعات المسلحة هناك من مصير مشابه لدرعا، المجموعات قالت في تعميماتها إن "الضفادع" ظهرت فجأة في درعا من خلال مئات المسلحين الذين أربكوا المجموعات المسلحة في درعا ما اضطر هذه المجموعات للاستسلام.

هل تنتهي مهمة "الضفادع" في مساعدة النظام عسكريا؟


المجموعات المسلحة في إدلب قالت إن "الضفادع" يبدأون قبل بداية أي معركة في منطقة ما، ببث روح "الاستسلام" بين المسلحين، ويبدأون كذلك بتأليب الأهالي على المسلحين، والبعض منهم الذي يتولى مناصب عليا في المعارضة يبدأ بطرح ضرورة المصالحة وتسليم السلاح، وتؤكد المجموعات المسلحة أن مجموعات "الضفادع" أصبحت عاملا حاسما في سير المعارك لصالح الجيش السوري.

أسباب الظاهرة في سوريا

لقد ظل دخول المجموعات المسلحة متعددة الجنسية للقرى والمدن السورية مرحبا به، حتى بدأت هذه المجموعات بممارسة التمييز العنصري ضد سكان سوريا الأصليين، وكان من الملاحظ أن قادة المجموعات المسلحة (الحكام الفعليين) من جنسيات مختلفة غير سورية؛ الأمر الذي رأى فيه السوريين تزييفا حقيقيا للشعارت التي طرحها المسلحون وبين الواقع.

ليس هذا فحسب، بل إن الواقع المعيشي والممارسات اليومية للسوريين أصبحت تخضع لفتاوى مختلفة متقلبة؛ ذات علاقة بالمدرسة الشرعية التي ينتمي لها الحاكم الفعلي والقائد العسكري، في ظل تهميش واضح للتقاليد والثقافة السورية.
 كما أن تحرير حلب على يد الجيش السوري، وما تبع ذلك من تجفيف لمنابع الدعم من قبل الدول الداعمة للمسلحين، أعطى تصورا مستقبليا عن شكل المعركة في سوريا، وجعل بعض الفصائل المسلحة وبعض القادة المعارضين يدركون أن الهزيمة أصبحت مسألة وقت؛ وخوفا من نقمة النظام، بدأ هؤلاء بفتح خطوط تواصل مع النظام.

الإشاعة في الحرب.. الضفادع قراءة بأثر رجعي

لقد شكّلت الإشاعة أداة مهمة من أدوات الحرب، واعتمدت عليها الجيوش بشكل كبير وشكّلت وحدات متخصصة في نشر الإشاعة في صفوف العدو، فبعض الدراسات أثبتت أن سقوط بغداد في يد الأمريكان كان نتيجة الحرب الدعائية الأمريكية التي صوّرت بغداد على أنها سقطت قبل أن تسقط فعليا، وتفيد كذلك بعض الدراسات الإعلامية أن هزيمة النظام الليبي وسقوط العزيزية ــ التي تعتبر مركزا مهما للنظام ومؤسساته ــ كانت بسبب مشهد تمثيلي بثته بعض الفضائيات الداعمة للعدوان على ليبيا وتظهر العزيزية فيه وكأنها تسقط في يد المسلحين.
كانت مجموعات المعارضة المسلحة سباقة في استخدام حرب الإشاعة ضد قوات النظام، وكانت الأخبار التي تتحدث عن الانشقاقات والهزائم عاملا مهما في ميلان كفة المعارك لصالح المسلحين، وحتى بعض "هجمات الكيماوي" ــ ومن خلال تحقيقات صحفية لبعض الوكالات الإعلامية الغربية ــ ثبت أن جزءا مهما منها كانت فبركات إعلامية لتشكيل رأي عام مناهض للنظام السوري.

تأثير "الضفادع" في سير المعارك.. وفي المستقبل

لا بدّ من التأكيد على أن "الضفادع" سلاح فتاك بيد النظام؛ خاصة وأنهم الأدرى بتحصينات المعارضة وخططها ومصادر تمويلها وأسرارها، وبالتالي فإننا سنشهد تقدما كبيرا للجيش السوري في المناطق التي بقيت بيد المسلحين، وفي حال حاول النظام الانتقام من "الضفادع" في المستقبل بسبب بعض أدوارهم خلال الأزمة خاصة وأن المصالحة المجتمعية في سوريا تبقى من أعقد الملفات؛ فإن المشهد السوري سيعود للتأزم من جديد.

دور "الضفادع" المهم في حسم المعارك، جعل للمخابرات السورية دورا مهما في المعارك؛ خاصة وأن المخابرات هي المكلفة بتجنيد "الضفادع" وتوجهيهم في موضوع الإشاعة وكذلك العمل العسكري، وهذا الدور سينعكس على بنية النظام الأمني في سوريا مستقبلا، وسيصبح للمخابرات دورا مركزيا أكثر من ذي قبل.