الأربعاء  24 نيسان 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

أحمق في قبضة نتنياهو بقلم: سامي سرحان

2018-09-18 10:37:10 AM
أحمق في قبضة نتنياهو  بقلم: سامي سرحان
ترامب وأوباما

 

ليس أحمق من دونالد ترامب رئيسا مرّ على الولايات المتحدة، ولا أكثر جهلا منه في الشؤون الدولية، فلم نعد نسمع عن السياسة الأمريكية غير الصفقات التي ترتد صفعات على وجه الرئيس الأمريكي الذي يحتار كل عقل كيف ترضى الولايات المتحدة وشعبها متعدد الأعراق والأجناس والألوان، وفيه العلماء والأدباء والفنانون، أن يقودها مثل هذا الشخص الجاهل الذي أحاط نفسه بزمرة من المستشارين الأكثر جهلا وانحطاطا أخلاقيا وضيق أفق، ومن غلاة الصهاينة والمستوطنين ما أفقد الولايات المتحدة هيبتها في أربعة أركان الأرض باستثناء "إسرائيل"، حتى قيل إنه ليس للولايات المتحدة سياسة بل هناك سياسة إسرائيلية صهيونية متطرفة تملي على ترامب فيقوم بتنفيذها بصفة استعراضية، كتلك التي وقّع فيها على قرار نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس أمام عدسات المصورين.

 لقد وضع ترامب الولايات المتحدة في حرب اقتصادية مع كل العالم من الصين وحتى كندا ومن روسيا حتى آخر دول الاتحاد الأوروبي، واحتار المحللون وساسة العالم فيما يقوم به هذا الرئيس الأرعن، وكأن العالم إحدى شركاته، وإلى أين سيذهب بالولايات المتحدة والاقتصاد العالمي والاتفاقات الدولية والقانون الدولي وكل الذي نظم الحياة الدولية منذ أكثر من قرن.

ونحن كشعب فلسطين ابتلينا بحماقات هذا الرئيس وبسياسته الرعناء التي أطلق عليها صفقة القرن، لكنه لم يجد شريكا فلسطينيا أو عربيا حتى يومنا هذا يجلس معه ويناقش فحوى هذه الصفقة التي ارتدت إليه صفعة مدوية عندما رفض شعب فلسطين وقيادة الشعب الفلسطيني مجرد اللقاء مع هذا الرئيس أو مع أحد من مبعوثيه أو مستشاريه، لكن ترامب "الغبي" وتحت تأثير المستشارين الصهاينة؛ يستمر في حديثه عن صفقة القرن، فأعلن أنه أزاح قضية القدس عن طاولة المفاوضات باعترافه بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل سفارة بلاده إليها من تل أبيب.

لقد أيقظ قرار ترامب حول القدس الشعوب العربية والإسلامية من غفوتها وغفلتها بالقدس، فالقدس ومسجدها الأقصى آية من آيات الله في قرآنه المجيد يتلوها المسلمون كل يوم، وترتبط ارتباطا وثيقا بعقيدتهم التي إن غفلوا عنها يوما فلا بد أن يذكروها في اليوم التالي، ويقظة الشعوب العربية والإسلامية امتدت إلى حكامهم الذين بدا لهم أن سياسة ترامب حول القدس لا يمكن أن تمر بسهولة رغم الوضع العربي الرديء والحروب المستعرة في أجزاء الوطن العربي، وبين دوله وشعوبه فتنادوا إلى قمة في الظهران بالمملكة العربية السعودية أطلق عليها اسم قمة القدس، جاءت قراراتها واضحة وحاسمة، بأن أحدا من الحكام العرب لن يتعامل مع صفقة القرن إذا لم تكن القدس الشرقية التي يقع فيها المسجد الأقصى والقبة المشرفة عاصمة لدولة فلسطين في حدود الرابع من حزيران 1967، وعدم شرعية الاستيطان وضرورة إنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأرض الفلسطينية والعربية المحتلة وحق العودة للاجئين وفق قرارات الشرعية الدولية.

لقد شدت قرارات قمة الرياض من عزيمة ويأس القيادة الفلسطينية في مواجهة صفقة القرن وما تهدف إليه من تصفية للقضية الفلسطينية.

لكن رعونة وجهل الرئيس الأمريكي وإغواء مستشاريه الصهاينة، دفعته إلى مزيد من القرارات التي تكشف جوانب صفقته المشبوهة، فأعلن قطع المساعدات الأمريكية التي تقدم للأونروا، وهو يرمي بذلك إلى إزالة حق العودة عن طاولة المفاوضات الوهمية التي يجلس عليها في مقابل كوشنر ونتنياهو. وبقراره هذا أذكى نار الحقد والغضب لدى الشعب الفلسطيني الذي شرد من أرضه وجرد من ممتلكاته وأقيم الكيان الإسرائيلي على أرض فلسطين وشعبها الذي امتد وتواصل وجوده عليها إلى ما قبل نزول التوراة وقبل إبراهيم وأبنائه، فهي ليست أرض الآباء والأجداد كما يقول المستوطن الصهيوني اليهودي سفير الولايات المتحدة الأمريكية في إسرائيل فريدمان الذي يخشى من حرب أهلية بين أهله إن أزيلت مستوطنة واحدة من الضفة الغربية سواء في إطار تسوية سلام عادل أو بموجب صفقة القرن الذي يبدو أنه أحد مهندسيها.

إن حق عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم هو حق ثابت لا يمكن إزالته عن طاولة المفاوضات، وهو حق فردي وجماعي لشعب فلسطين وهو جذر القضية الفلسطينية ولا يسقط بالتقادم أو بالتوطين أو بالوطن البديل الذي بدأت تروج إليه الإدارة الأمريكية.

إن التوطين والوطن البديل شعاران لازما القضية الفلسطينية منذ نشأتها، وفشلا حتى الآن، الأمر الذي يستدعي عقد قمة طارئة لاتخاذ موقف رافض للتوطين والوطن البديل، ومساندة الشعب الفلسطيني وقيادته في إدارة الصراع المستمر مع المحتل الإسرائيلي، وهم اليوم أحوج ما يكون لهذا الدعم والمساندة، أولا للحفاظ على حق العودة وثانيا لتبرير حظر التوطين والوطن البديل وتشييد الجهود العربية في مواجهة صفقة القرن.

واستكمالا لصفقة القرن الوهمية، يطرح مبعوث ترامب للشرق الأوسط غرينبلات أمن إسرائيل كجزء أساسي من صفقة القرن وتلك العبارة هي التي أعطت كل الجهود العربية والدولية لصنع سلام مع الكيان الإسرائيلي الذي لا دستور له ولا حدود معروفة لاحتلاله غير حدودك يا "إسرائيل" من الفرات إلى النيل.

إن هم إدارة ترامب ليس أمن إسرائيل؛ بل تصفية القضية الفلسطينية لأن تترذع للهروب من السلام العادل والدائم والشامل مع الفلسطينيين والعرب عموما، وإذا لم يكن الطرفان الإسرائيلي والفلسطيني آمنين فلن يكن هناك أي أمن لطرف على حساب الطرف الآخر، وكيف يكون أمن لإسرائيل وهي تنتهك كل يوم أمن الجانب الفلسطيني بمصادرة أرضه وزرع المستوطنات فيها واقتلاع أشجاره ومزروعاته واعتقال وقتل الفلسطينيين ميدانيا، وكيف يكون أمن لإسرائيل وهي ترى في إيران التي هي على بعد آلاف الأميال من هنا تهديدا استراتيجيا يجب إخضاعه لمعادلة أمن إسرائيل شرقا، وتتجاوز مخاوفها الأمنية شمال دمشق وحمص وحماة وحتى تركيا وجنوبا المملكة العربية السعودية واليمن وشرقا سيناء وحتى النيل.

إن ترامب الغبي يخضع حاليا لنهج اللوبي الصهيوني في التعامل مع القضية الفلسطينية والمنطقة العربية والإسلامية، وهو نهج يفقده حتى إنسانيته التي لم نلحظ منها أي شيء سوى قراراته بفصل الأطفال عن أمهاتهم ووضعهم خلف القضبان كالجراء الجائعة ووقف ما يقدمه الشعب الأمريكي من مساعدات إنسانية لمستشفيات القدس التي تعالج مرضى السرطان وتخفف من آلامهم وهم ينتظرون مصيرهم ولقاء وجه ربهم.

خلاصة القول، إن ترامب يجلس على طاولة مفاوضات فارغة ومع ظله نتنياهو، وله أن يزيل عن مثل هذه الطاولة ما يشاء من مواضيع وهو أسير فضائحه لا يرى غير غلاة الصهاينة اليمنيين في الولايات المتحدة وفي إسرائيل المنقذ له، وهو بذلك مستعد لتقديم ما يطلب منه ليتمكن من إكمال ولايته الرئاسية، وأغلب التوقعات تقول إن صفقة القرن ولدت ميتة أمام إصرار القيادة الفلسطينية على رفضها ورفض التواصل مع الرئيس الأمريكي والمبعوثين والمستشارين الخاصين به، وإنه ليوم قريب يعلن فيه الإسرائيليون فشل رهانهم على ترامب وبالتالي التخلي عنه وتركه إلى مصيره، والانتقال إلى امتطاء بغل آخر، ولعه يكون نائبه الذي أسمعنا كلاما توراتيا لدى زيارته للكيان الإسرائيلي ورفض الرئيس عباس واستقباله.