السبت  27 نيسان 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

كوبا تنتصر... عالم يتغير بقلم: تيسير الزّبري

2014-12-23 01:50:11 AM
كوبا تنتصر... عالم يتغير
بقلم: تيسير الزّبري
صورة ارشيفية

 صريح العبارة

في السابع عشر من ديسمبر 2014 سجل التاريخ حدثاً هاماً تمثل في تخلي الولايات المتحدة الأمريكية عن موقف عدواني ضد جمهورية كوبا، إحدى أهم جزر البحر الكاريبي، وذات الأحد عشر مليون نسمة، فبعد أكثر من خمسين عاماً من فرض الحصار على الدولة الصغيرة المحاذية للشواطئ الأمريكية وعلى بعد 90 ميلاً، فإن محاولة الخروج الأمريكي مما رسمته سياستها الإمبريالية، يشكل انتصاراً لكوبا، وشعب كوبا، ولكل الشعوب التي عانت، أو ما تزال تعاني، من أشكال الاستعمار العنصري مثلما هو حال الشعب الفلسطيني، آخر الشعوب الخاضعة للاستعمار بشكله العنصري الصارخ!

حقق ثوار كوبا، بزعامة فيديل كاستروا انتصارهم على عميل الولايات المتحدة (باتيستا) عام 1959، ولكن أمريكا (التي لا تتعلم الدروس) قامت بعملية غزو في العام 1961 في ما سمي عملية خليج الخنازير ولقيت الهزيمة بعدما حشدت أكثر من أربعة آلاف من الجنود الأمريكيين ومن الكوبيين عملاءهم، مما شكل حافزاً لثوار كوبا للمزيد من الانتصارات.

وكما هو الحال الآن من عمليات الحصار الاقتصادي التي تمارسها الولايات المتحدة ضد كل من يعارض سياستها مثل (إيران، وروسيا بعد أحداث أوكرانيا) فقد فرضت الحصار الاقتصادي على جزيرة كوبا منذ العام 1962 وحتى الأيام القليلة الماضية، وهو تاريخ بدء التراجع عن السياسة العدوانية التي فرضت على هذا البلد منذ أكثر من نصف قرن. التراجع يتمثل بما قرره أوباما من تبادل الأسرى الثلاثة الكوبين مع عميل وكالة المخابرات المركزية، والسعي لإعادة فتح سفارة الولايات المتحدة الأمريكية في هافانا. خطوة هامة بلا شك، وسوف تفتح الطريق أمام كل أشكال الحصار بعد معارك لا بد منها مع الكونغرس الأمريكي.

لقد مرت أزمة العلاقات بين كوبا والولايات المتحدة بمراحل، أولها هو غزو خليج الخنازير، ومن ثم الحصار الاقتصادي إلى دخول العالم على حافة حرب نووية عام 1963 عندما حرك خروتشوف أساطيله بهدف نصب صواريخ نووية على شواطئ كوبا، مقابل شواطئ فلوريدا، وعندما وصلت الأمور إلى حافة حرب عالمية، وبشعور عال بالمسؤولية العالمية، فقد توقف خروتشوف عن نصب الصواريخ، ولكن كوبا بقيت صامدة، ولم تتخل عن دعم ثورات في أفريقيا مثل أنجولا وأثيوبيا، وأقامت أقوى العلاقات مع الجزائر ما بعد انتصار ثورتها.

دول أمريكا اللاتينية لم تخذل كوبا فقد رفعت عنها الحصار، الذي فرض بتحريض وتهديد العلاقات من قبل أمريكا الشمالية، عام 1975، كما لم تتخل دول مثل فنزويلا بزعامة الراحل شافيز، وموراليس زعيم بوليفيا، وكذلك الصين وغيرها من دول العالم، بحيث تبخرت شدة العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة على كوبا،وصمدت كوبا.

وبالرغم من الانهيار في دول الاتحاد السوفيتي وتوقف المساعدة المالية السنوية والمقدرة ما بين 4-6 مليارات دولار، ومن الصعوبات الاقتصادية وسياسة التخريب الدائمة من قبل  الجارة (إمبراطورية الشر)، فإن كوبا وبفضل صلابة قيادتها ولكونها قدمت القدرة في نزاهة الحكم، والابتعاد عن الفساد، والبيروقراطية والتصاقها بهموم شعبها، وبإقامة شبكة علاقات دولية واسعة مع قوى التحرر والأنظمة السياسية الثورية والنزيهة، وعدم خضوعها للابتزاز ومقاومتها الضغوط من أي جهة كانت حتى من الأصدقاء، فقد صمدت كوبا وانتصرت.

هناك تاريخ كبير سوف يكتب عن هذه الجمهورية الشعبية الفتية، وعن زعيمها التاريخي فيديل كاسترو، وعن رفيقة الخالد جيفارا وعن كل القادة الشجعان الذين قادوا المسيرة. وعن راؤول كاسترو الذي تحمل راية المواصلة والبناء من شقيقه فيديل عام 2008، وعن هذا الشعب الصامد في وجه العدوان والمؤامرات التي لم تتوقف يوماً ضد كوبا التي صمدت وانتصرت، لأنها عرفت شروط الانتصار.. وانتصرت.