الجمعة  11 تموز 2025
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

السيرك الفلسطيني وخيمة اللاجئ

2019-01-01 08:39:39 AM
السيرك الفلسطيني وخيمة اللاجئ
صورة من إحدى عروض "سراب"

الحدث - لينا خطاب

عندما نسمع كلمة "سيرك" أو "مهرج" نذهب في خيالنا إلى تلك الخيمة الملونة الكبيرة، والأغاني الصاخبة، والمهرجين الذين يلعبون مع الحيوانات الشرسة من دون خوف، وإلى دوائر اللهب والألعاب الخطرة، وجمهور لا يكف عن الضحك، كصورة نمطية رسمت  في مخيلتنا، ولكن عندما أضاءت الإضاءة على وجوه العارضين في خيمة سيرك فلسطين وبدأ العرض، بدت ملامحهم غاضبة وحزينة وأجسادهم المرنة تروي لنا رواية مختلفة، ومستمدة من واقعنا، تمسنا كشعب فلسطيني وعربي أيضا، إنها الرواية المخبئة لدى كل لاجئ  ليكسر هذا المشهد مخيلتنا المبنية على نظرية "الشيء لأجل الشيء" الذي يمكن تعريفه في سياق "الفن المجرد"، ليحول السيرك فعلا إلى فن هادف ويحمل رسالة سامية، من خلال استخدام مهاراتهم الجسدية في سياق حكواتي سردي.

جاءت فكرة عرض "سراب"  لتلقي الضوء على روايات اللاجئين في كل بقاع العالم، والمصاعب التي واجهتهم، ليس كرواية حديثة في طرحها، وإنما كرواية متكررة تاريخيا في أحداثها.

وفي حديث خاص لـ "الحدث"، قالت هزار العزة وهي عضو في مدرسة السيرك "سراب"، إنهم قبل أن يشرعون أي عرض يبحثون في عدة قضايا مختلفة، وكانت القضية الأبرز في تلك الفترة هي قضية اللاجئين سواء من سوريا أو العراق أو اليمن وغيرها من البلدان، وهذا ما فتح أعيننا على  قضايا اللجوء ليست فقط في الشرق الأوسط وأنما اللجوء كقضية عالمية.

وبحسب العزة، فإن العرض لم يتناول فقط البلدان التي هجروا منها بسبب الحروب والأوضاع الصعبة، بل وتناول أيضا الدول التي استقبلت اللاجئين، مضيفة أن "البلدان والنظام الدولي لهما دور أساسي في استمرار مشكلة اللاجئين، وعندما نسمع عن الدول الغربية الديمقراطية تسقط هذه المسميات عند النظر إلى أحوال اللاجئين فيها، وكانت هذه الفكرة أيضا ضمن عرض (و ليأتي هنا صوت)".

وأشارت العزة، إلى أن  كلمة "سراب" تم اختيارها لوصف الأحلام والطموحات التي حملها اللاجئون بداخلهم طوال رحلة اللجوء جاعلين منها قارب النجاة من واقع بلدانهم الغارقة في الحروب، و لتأتي النتيجة عكس ما توقعوا،  لتصبح "سراب" هي رسالة خيبة حملها كل لاجئ.. "مجبرون غير مخيرين بتنا في ترحالٍ لا يعرف أحد منتهاه.. وجهتُنا مجهولة، نتنافسُ للوصولِ إلى المجهول، نرى أمامَنا أحلاماً وأمنيات نطمح بالوصولِ إليها، نواصلُ تِرحالَنا نحوَ وهمٍ لا يمكنُ وصفَه بأكثر من سراب! نصل أخيراً لكن هل وصلنا مرادنا؟ ما هو مرادنا؟ بعد جوبانِ البرِ والبحار واجتيازِ العقباتِ والحواجزِ نصلُ إلى ما ليسَ في الحسبان نصلُ إلى ذلك السرابُ الذي لم يبدُ كما رأيناه في مخيلةِ أرواحِنا فقد كان فعلاً سراباً!".

ولم يرتكز العرض وفقا لـ "العزة" فقط على طرح قضية اللجوء في حد ذاتها وإنما الهدف هو ردة فعل الجمهور ما بعد العرض، وأوضحت أن "هدفنا يرتكز على رفع الوعي  المحلي والدولي سواء على المستوى الشعبي أو المستوى السياسي حول هذه القضية، وجعلنا العرض مركبا يستفز لديهم العديد من التساؤلات، ومجرد خروج الجمهور بهذه التساؤلات، والبحث عن إجابتها فهذا إنجاز بالنسبة لنا".

يشار، أن العرض جاب العديد من القرى والمدن الفلسطينية، لينتقل عرضه بجولات متعددة أيضا إلى خارج فلسطين، وكان قد حاز عرض "سراب" على جائزة المساواة لعام 2018، المقدمة من قبل مهرجان جينت الفني، الذي ضم مختلف العروض الفنية من أنحاء العالم.