الأربعاء  01 أيار 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

مرتزقة "إسرائيل" في شوارع الضفة الغربية

2019-02-03 08:49:06 AM
مرتزقة
مسستوطنون بحماية جيش الاحتلال

 

الحدث ــ محمد بدر

حتى ظهور الدولة القومية، ظل المرتزقة الشكل الأكثر وضوحا للتشكيلات العسكرية التي تقاتل تحت إمرة قادة سياسيين ونبلاء وتجار، واعتمدت الإمبراطوريات المتعاقبة على المرتزقة لتوطيد حكمها وبسط نفوذها وإشاعة أجواء الخوف لدى المعارضين. وبقي المرتزقة المورد الأساسي لتشكيل الواقع السياسي والعسكري والأمني، حتى جاءت الدولة الحديثة وبنت تشكيلاتها العسكرية على أساس خطاب سياسي وظهر ما يعرف بالبندقية المفكرة أو البندقية الأخلاقية. وإذا ما تجاوزنا الجدل حول أخلاقية الدولة، إلا أن الجيش نسبيا أصبح مؤسسة تتبع الدولة وأهدافها وليس النظام السياسي ونخبته.

في تسعينيات القرن الماضي، أعادت الدول فكرة المرتزقة للحياة من جديد ولكن هذه المرة تحت عناوين "رأسمالية استهلاكية"، فظهرت الشركات الأمنية التي تقدّم الخدمات الأمنية للدول والأفراد والنخب. وأدت هذه العودة لفكرة المرتزقة، لظهور فكرة "المنتج الأمني"، وتركّز عمل هذه الشركات في المناطق أو الجبهات التي يمكن أن يشكل مشاركة الجيش فيها إحراجا للمفاهيم الأخلاقية التي يرفعها، وإذا ما توسعنا في تشخيص الظاهرة، فإنه يمكن اعتبار بعض "التشكيلات العسكرية" التابعة للدولة، عبارة عن مرتزقة، ومنها فرق مكافحة الشغب والفرق الخاصة..والخ. وحتى وصف هذه التشكيلات بالأمنية وليس بالعسكرية، له هدفان، الأول إخراج الجيش من تهمة ما تقوم به هذه التشكيلات، والثاني أخلقة هذه المجموعات على اعتبار أنها "أمنية" بمعنى تحقق "الأمن".

في حالة "إسرائيل"، فإنه لا يمكن الفصل بين العام والخاص في "عالم الأمن"، خاصة وأن "المجتمع الإسرائيلي" يشكل حالة استعمارية بكل أبعادها وأهمها العسكرية. ولا يمكن الفصل بين الجندي الذي يقتل ويصادر الأرض الفلسطينية وبين المستوطن الذي يسكن هذه الأرض كأداة من أدوات السيطرة على الجغرافيا. سعت "إسرائيل" منذ بدايات الاحتلال لإشراك "الكيانات الخاصة" في الحالة الأمنية العسكرية كأذرع عسكرية لـ"الدولة اليهودية"، ومن هنا جاءت فكرة تسليح المستوطنين وتدريبهم على السلاح.

إن المستوطنين هم التمثيل الأبرز للمرتزقة المستخدمين من قبل "الدولة"، وهم الأداة الأهم بيد "إسرائيل" لقهر الفلسطيني بدون تبعات أخلاقية وقانونية. ولذلك، فإن المستوطن عبارة عن مرتزق ينتج "خدمات أمنية" لـ"الدولة" وليس العكس، وهو اليد الضاربة التي تحقق لـ"إسرائيل" الردع في الضفة الغربية وتحقق لها كذلك التوسع، وهو ما يفسر ظهوره العنيف في كل مرة تقع فيها عملية فدائية، في محاولة من "إسرائيل" لردع الفلسطينيين وعقابهم. ومن المهم التأكيد، أن الخطاب "اليساري" الإسرائيلي المبني على الفصل بين حقيقة الدولة وسلوك الحكومة، على اعتبار أن الحكومة اليمينية هي التي تنتج فعل المستوطنين، ما هو إلا خطاب يحاول إخفاء العلاقة الحقيقية بين "الدولة" والمستوطنين".