الخميس  25 نيسان 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

كيف يشكل السلام الاقتصادي مدخلا لإدارة الاحتلال؟

2019-05-24 08:16:42 AM
كيف يشكل السلام الاقتصادي مدخلا لإدارة الاحتلال؟
صورة تجمع بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وصهره ومستشاره كوشنير ورئيس وزراء الاحتلال نتنياهو


الحدث - إبراهيم أبو صفية

كخطوة أولى على طريق صفقة القرن، تتحضر دولة البحرين احتضان المؤتمر الاقتصادي تحت عنوان "السلام من أجل الازدهار" أواخر يونيو/ حزيران المقبل، يشارك فيه رجال أعمال من مختلف دول العالم إضافة إلى وزراء خارجية بعض الدول، حيث يهدف هذا المؤتمر إلى التشجيع على الاستثمار في الأراضي الفلسطينية كجزء أول من خطة (صفقة القرن)، إذ يسعى إلى حشد الدعم للاستثمارات الاقتصادية المحتملة.

وعودة إلى مسار السلام في المنطقة العربية والإسلامية؛ تعثرت التسوية السياسية بين الفلسطينيين و الإسرائيليين في أعقاب توقف المفاوضات وتنصل "إسرائيل" من التزاماتها التي وقعتها في "أوسلو"، حيث بدأ البحث عن مسار آخر يدعم التسوية ويكون مدخلا للحل السياسي، فتوجهت الأنظار حوله ما طرحه لإسرائيليين من الحل عبر السلام الاقتصادي، غير أن هذه الفكرة جاءت أيضا ضمن المفاوضات بين السلطة و"إسرائيل" منذ بداياتها، فإلى جانب البعد السياسي والأمني طرحت العلاقة الاقتصادية المتمثلة في “بروتوكول باريس الاقتصادي”.

وتسعى "إسرائيل" من خلال دعمها مشاريع السلام الاقتصادية إلى تحسين الوضع الاقتصادي في الضفة الغربية من أجل قتل أي فعل مقاوم من الممكن أن يؤثر على أمنها، إضافة إلى المراوغة السياسية حتى تستكمل بناء مشاريعها الاستيطانية، والتي باعتقادها أنها ستكون الحل في ما بعد خاضعا للواقع في حينه، وكذلك من أجل إحياء مفاوضات التسوية من هذه البوابة؛ لأن تحويل القضية الفلسطينية إلى قضية اقتصادية تشكل ربحا للاحتلال وتجسيدا لروايته في استملاك الأرض.

و يقوم "الحل الاقتصادي" المتمثل بـ"صفقة القرن" على مبدأ التفويض المزدوج، وهو مبدأ بالأساس بريطاني استعماري قديم، تم تطبيقه في بعض دول أفريقيا الواقعة تحت انتدابها، حيث يفترض هذا المبدأ أن الاقتصاد والمتمثل اليوم في (مؤتمر البحرين-صفقة القرن) مدخلا مهما لإدارة أي احتلال بما يضمن مصالح المستعمِر، ويقوم على ثلاثة مبادئ عملية،  أولا: اختراق النظام الاستعماري للهياكل والمؤسسات الأكثر تقليدية لضمان الإدارة الفعالة للحالة الاستعمارية، ومن هذا المنطلق أصبحت المحاولات الأمريكية ظاهرة في اختراق بعض العائلات في فلسطين والنخب. ثانيا: إدخال التغييرات اللازمة في المؤسسات التقليدية لتعزيز المصالح الاستعمارية (من مؤسسات سلطة يفترض أن تتحول لمؤسسات دولة إلى مؤسسات حكم ذاتي أو بالأحرى مؤسسات اقتصادية يديرها الاحتلال سياسيا وأمنيا بالإضافة القائمين على "الحل الاقتصادي". ثالثا: خلق شروط مختلفة ومنفصلة من التعامل بمنهجية الجغرافيا. (شروط سياسية واقتصادية مختلفة في الضفة وغزة).

ويقول المحلل لسياسي غسان الخطيب، إن المدخل الاقتصادي لحل الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي هو المعتمد من قبل الحكومة الإسرائيلية في السنوات الأخيرة، لذلك تبنت أمريكا هذا المدخل كما تبنيها للمواقف الإسرائيلية في القضايا الأساسية كالقدس واللاجئين والجولان، وهي تخلت عن محاولاتها بالبحث عن حل سياسي وانسجمت مع الموقف الإسرائيلي الذي يهدف لإدارة الاحتلال بالأسلوب الاقتصادي.

وأوضح الخطيب لـ"الحدث" أنه هذا الأسلوب لن ينجح (معالجات القضايا السياسية بالقضايا الاقتصادية)، وكثيرا ما فشلت أي محاولة قائمة على هذه الفكرة، مشيرا إلى أنه في سبعينيات القرن الماضي، عملت "إسرائيل" على استراتيجية التنمية الاقتصادية في الضفة، وقامت بمشاريع كبيرة من أجل أن تبقى الأمور هادئة، إلا أنها تفاجأت بالانتفاضة الأولى بعد فترة وجيزة.

وبين أنه منذ وصول بنيامين نتنياهو لسدة الحكم في "إسرائيل" انتهج "السلام الاقتصادي" إلا أنه فشل تكرارا.

وحول مؤتمر "السلام من أجل الازدهار"، قال الخطيب إن هذا المؤتمر لن يتكلل بالنجاح وسيفشل بسبب الغياب الفلسطيني، إضافة إلى أنه يسعى لإيجاد مستثمرين ورجال أعمال يقيمون مشاريع كبيرة بالضفة الغربية المحتلة ولن يقبل أحد بذلك؛ بسبب أن القيود التي تفرضها " إسرائيل" منفرة لأي عمل.

وأشار إلى أنه من الأسباب التي ستجعل المؤتمر فاشلا، أن البرامج الاقتصادية التي ستطرح تتعارض مع البرامج الاستيطانية، لافتا إلى أن الاستثمار من المتوقع أن يكون في المناطق المصنفة " ج" ولكن " إسرائيل " سترفض بسبب مشاريعها الاستيطانية.

وأضاف أن "إسرائيل" تهدف للسلام الاقتصادي بمنظورها فقط أي بإمكانها أن تسهل المشاريع التي لا تمس جوهر القضية الاستيطانية، وكذلك تمرير بضائع بما يتلائم مع أمنها ومصالحها، وهذا يختزل بأن هناك تعارضا بين متطلبات التنمية التي تحقق السلام الاقتصادي وبين متطلبات وبرامج الاستيطان استكمال مشروعها الاستعماري، لذلك الفشل محتوم.

وأوضح الخطيب، أن "إسرائيل" ستحد من الدور السياسي للسلطة الفلسطينية أكثر، ومنحها فقط التركيز على الجوانب الخدماتية الاقتصادية والإدارية، حيث إن هذه النقطة تمثل الصراع اليوم بين السلطة و"إسرائيل". مشيرا أن "إسرائيل" معنية ببقاء السلطة ولكن بتعريف يقوم على أنها "سلطة حكم ذاتي" أي ادارة أمور الناس، ولكن السلطة تعرف نفسها بأنها في مرحلة نحو الدولة.

وأشار إلى أن مؤتمر المنامة ومشروع الحل الاقتصادي سيفشل ولن ينتج عنه أي شيء يتعلق بحياة الناس، وأن هذا المؤتمر جاء لحفظ ماء وجه الإدارة الأمريكية التي أجلت صفقة القرن عدة مرات وتريد تأجيلها مرة جديدة ولكن أرادت من هذا المؤتمر أن يكون خطوة أولى " كجس نبض".

بدوره قال الخبير الاقتصادي والسياسي الفلسطيني هيثم دراغمة، إن أي مؤتمر يعقد من أجل السلام ولا يوجد فيه طرفا الصراع سيفشل، ولأن الفلسطينيين لن يشاركوا في مؤتمر المنامة ستقل أهميته، مشيرا إلى أن السؤال الآن هو ما الذي يتوقع أن ينتج عن هذا المؤتمر تجاه الفلسطينيين.

وأوضح دراغمة لـ "الحدث" أن هذا المؤتمر جاءت به أمريكا  ليسوق بضاعة نادا بها نتنياهو من زمن وهي "السلام عبر الحل الاقتصادي"، مشيرا إلى أن الفلسطينيين اليوم لن يقبلوا بأي حل دون الحل السياسي.  

ولفت إلى أن الاحتلال يسعى لتأجيل الحلول السياسية لأبعد مدى ممكن، من أجل ترسيخ أمر واقع جديد يفرض على الفلسطينيين مستقبلا.

وبين دراغمة، "صحيح أن المؤتمر سيعقد في المنامة في البحرين ولكن الخوف يكمن بأن المستضيف دولة أخرى.. ".

وأكد على أن الفلسطينيين هم الطرف الأهم اليوم، ولن ينجح هذا المؤتمر بدون الموافقة الفلسطينية، ولا يوجد في الشارع الفلسطيني من يقبل به، لذلك لن يكون له أي تأثير سلبي على حياة الفلسطينيين. مشيرا إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية و"إسرائيل" لن تستطيعا تغيير القيادة الفلسطينية مهما تطور موقفهم ضد صفقة القرن.

وفي ذات السياق، قال الكاتب والمحلل السياسي، د.عادل سمارة، إن الاحتلال غير معني بالمشروع الاقتصادي؛ لأنه يواصل في نهب الضفة الغربية والقدس، وكذلك متأصل في قضيتين الأولى الجانب الرأسمالي لسلطة الاحتلال، إضافة لليهودية كيهود الذين يسعون لتحقيق الأرباح لا التبرع للآخرين.

وأوضح سمارة لـ" الحدث" أن الاحتلال الإسرائلي لو أراد حلا اقتصاديا فإنه لن يقود عملية الإنتاج ويحاصرها، ويستمر في ممارسة مشاريعه الاستيطانية.

وبين أن هذه الحلول هي بمثابة محاولة رشوة للفلسطينيين بالمال مقابل التخلي عن قضيتهم وهذا لن يحصل، ومن يقبل لن تكون له حاضنة شعبية ووطنية، وأن فعلا مقاوما واحدا من الممكن أن ينسف هذه المشاريع.