الثلاثاء  19 آذار 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

جدٌ حنون أم رئيس ديموقراطي؟ / بقلم: زياد البرغوثي

2019-08-23 02:01:56 AM
جدٌ حنون أم رئيس ديموقراطي؟ / بقلم: زياد البرغوثي
زياد فوزي البرغوثي

الحدث مقالات - زياد البرغوثي

سيادة الرئيس محمود عباس سيد البلاد، والآمر الناهي في شؤون السلطة والعباد...

عندي من الأبناء ثلاثة، أكبرهم ستة وعشرون عاماً وأصغرهم اثنان وعشرون عاماً، ثلاثتهم بلغوا الفطام في عهد أوسلو وبلغوا سن الرشد في عهدكم الميمون.

درسوا مع أحفادك في مدارس الوطن، وتخرجوا من أهم الجامعات وحصلوا على أعلى الشهادات، وهم يمثلون مع أقرانهم طليعة جيل الشباب الفلسطيني، المعتز بتاريخ شعبه والمتمسك بقضيته وهويته، والمؤمن بحتمية التحرر والاستقلال، والمؤمن بالعمل بروح الفريق الواحد، دون الالتفات إلى اللون السياسي أو المعتقد الأيدولوجي، فالدين لله والوطن للجميع.

لقد عاش هذا الجيل مراهقته على أخبار الفساد والتنسيق والترهل الإداري والألقاب والتجاوزات.

والكثير منهم تشكلت شخصياتهم واشتد عودهم في بلاد الغرب، بلاد الديموقراطية وحقوق الإنسان والمساءلة والحريات.

لقد قرأ هذا الجيل في المنهاج يا سيادة الرئيس، بأن الشعب هو مصدر السلطات في الدولة وأساس الحكم، وأن الديموقراطية تقوم أساساً على مبدأ سيادة الأمة، هذا الجيل لم يأخذ فرصته في حقه المقدس، ولم يمارس الحياة الديموقراطية طيلة فترة حكمكم لأكثر من أربعة عشرة سنة، لم يضعوا خلاله ورقة واحدة في صندوق انتخاب، عدا صناديق لجان الصف في المدارس والمعاهد والجامعات.

سيادة الرئيس..

أصعب اللحظات اليوم أن تجلس مع الأبناء والأحفاد وتكون عاجزاً عن الرد على سيل الأسئلة والاستفسارات عن حقيقة المشهد وجدوى بقائه بكل التفاصيل والتشوهات.

إن معظم الآباء في بلدنا الحبيب، يعيشون تناقضات المشهد ويدفعون ثمن هذه التناقضات ما بين قداسة مواجهة المحتل بكل الطرق المشروعة، والحرص على عدم إهدار حياة فلذات أكبادهم في المواجهات على الحواجز، ليس خوفاً من تقديمهم قرابين على طريق الحرية والاستقلال، ولكن لعجزنا عن تقديم إجابات على أسئلة مشروعة، فما معنى الشهادة أو الأسر أو الإعاقة تحت حراب أوسلو، وقد اكتسب النظام الشرعية اليوم من اتفاق لا يحقق لهم الحد الأدنى من تطلعاتهم وطموحاتهم وكرامتهم!.

شعور لا يُحسد عليه الآباء ولا يُسَر به الأبناء..

سيادة الرئيس..

لقد حاولنا مثلكم تهيئة عيشة مريحة رغدة للأبناء والأحفاد، ولكن ماذا هيئنا لمستقبلهم؟

الأبناء والأحفاد في القرن الواحد والعشرين لا يريدون الأكل والشرب والمقاهي والأراجيل، بل يريدون حياة كريمة تظللها الديموقراطية وتحميها الشفافية وتضبط إيقاعها الحرية الشخصية، يريدون انتخابات ومرشحين يمثلونهم، يشاركونهم أفكارهم وتطلعاتهم ويفجرون طاقاتهم، ولن يقبل الأحفاد بعد اليوم بالأوضاع والظروف السياسية سبباً للتأجيل والتأويل.

الانقسام والقدس لن يقفوا عائقاً أمام إجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية، سنحافظ على وجودهم في المجلس المنتخب بل سنوحد الوطن بهم، بعد أن فشل السياسيون بإنهاء الانقسام وإعادة الوحدة لشقي الوطن.

سيادة الرئيس..

لن نرضى في القرن الواحد والعشرين، في زمن الإبداعات والتكنولوجيا والعالم الصغير، أن يعيش الأحفاد على ثقافة المزايدات الفصائلية والتشكيك والتخوين.

نريد أن نحمي وجودهم على هذه الأرض

أبناؤنا.. أبناء القرية الصغيرة

أبناؤنا.. أبناء الحرية

هل سيعيش الأحفاد على ذكرى الجد الديموقراطي

يوماً يا سيادة الرئيس.؟

أنت الوحيد من يقرر الجواب!