الإثنين  09 حزيران 2025
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

مسؤول عسكري: الحرب اليمنية ستكون مستنقعا للسعودية وسبباً في إفلاسها

2019-09-26 09:03:36 PM
مسؤول عسكري: الحرب اليمنية ستكون مستنقعا للسعودية وسبباً في إفلاسها

 

الحدث - جهاد الدين البدوي

في حين أنه من البديهي أن يعاني معظم الأميركيين من فقدان الذاكرة التاريخية، إلا أن هذا ليس صحيحًا بالضرورة بالنسبة للجيش الأمريكي. وبينما كانت أمريكا وإيران تتسابقان نحو مواجهة عسكرية الأسبوع الماضي، شرح ضابط عسكري أمريكي رفيع المستوى متقاعد حديثًا ما أسماه "الغباء المتهور وغير الكفء والضعيف في كل شيء".

نشر موقع "ذا أمريكان كونزيرفتف" تقريرا للكاتب مارك بيري، يقول فيه إن ضابطا أمريكيا متقاعدا تساءل عن حماقة القرار الذي اتخذته السعودية عام 2015 للتدخل العسكري في اليمن.

وينقل الموقع عن الضابط الأمريكي قوله: " لم نتوقع غزو السعودية لليمن، وشعرنا بالصدمة، وكنا واضحين وقلنا لهم: لن تنتصروا وستقودون بلدكم للإفلاس، وتدخلون مستنقعًا، وكنا محقين".

وأضاف الضابط الأمريكي إن غزو المملكة العربية السعودية لليمن لتدمير تمرد الحوثيين (وإعادة حكومة عبده ربو منصور هادي) لم يفاجئ إدارة أوباما فحسب، بل قوبل باحتقار علني تقريباً من قبل الجيش الأمريكي. اعتبر كبار الضباط في قيادة العمليات الخاصة الأمريكية الحوثيين بمثابة مقاومة قوية لقوة القاعدة في اليمن وحتى جادلوا بأن أمريكا تتخذ خطوات لدعمهم.

وينقل الكاتب عن ضابط امريكي آخر: "كان الحوثيون مجرد بدائل لإيران فقط، لكنهم كانوا أيضًا شركاء هادئين ضد القاعدة". ومع ذلك، فقد عادوا في عام 2015 بسبب الغزو السعودي بدعم من تسع دول عربية، فإن احتمال أن يعتمد البنتاغون على دعم الحوثيين لم يكن فقط خارج الطاولة، وتوقع كبار المسؤولين في البنتاغون أن تقوم جماعة الحوثي بتقوية علاقتها مع ايران وهو أمر لم تكن تريده في المقام الأول. لهذا السبب اعتقدت شرائح رئيسية من الجيش الأمريكي أن الغزو السعودي كان قراراً خاطئاً.

لكن هذا لم يراه السيناتور الراحل جون ماكين الذي نظر للتدخل بطريقة مختلفة، ودافع عنه، وربطه بقرار الرئيس باراك أوباما توقيع المعاهدة النووية مع إيران، وقال إن هناك عددا من الأسباب الجيدة التي دعت السعوديين لإخفاء التدخل عن الإدارة في حينه، وأضاف: "هذه الدول التي تقودها السعودية لم تعلمنا أو تحاول التنسيق معنا، أو طلب مساعدتنا في هذا الجهد؛ لأنها كانت تعتقد أننا نقف مع إيران".

وينوه الكاتب أن القادة العسكريين سخروا من موقف ماكين، حتى في ضوء مكانته آنذاك، ويقول ضابط في القيادة المركزية: " السبب في أن السعوديين لم يبلغونا بخططهم، لأنهم كانوا يعرفون ماذا ستقوله أمريكا بالضبط، وهو (هذه فكرة سيئة)".

ونقل الكاتب ما قاله الخبير في شؤون اليمن مايكل هورتون: "بصراحة لا يستطيعون إدارة هذا الأمر.. لديهم الدمى كلها، لكن هناك عدد قليل يستطيع تشغيلها، فضباطهم حازوا على رتبهم بالترفيع وبقية الضباط لا خبرة لديهم، بالإضافة إلى أن قواتهم تم تجنيدها من القطاعات المتدنية في المجتمع السعودي، ولو علقوا في اليمن فلا أعرف كيف سيكون ولاء هؤلاء الجنود والضباط".

ويرى الخبير أن الحملة بدأت بشكل جيد من خلال القصف الجوي والحصار الذي أدى في البداية إلى إضعاف قدرات الحوثيين العسكرية، وتسببت بكارثة إنسانية ومجاعات وأمراض، مستدركا بأنه رغم الشك الأمريكي إلا أن الجيش الأمريكي زاد من جهوده، وقدم للتحالف الذي تقوده السعودية الدعم الاستخباراتي واللوجيستي، وكذلك النصح للضباط الإماراتيين الكبار، الذين كانوا يقودون القوات المعادية للحوثيين على الأرض.

ويضف الخبير خلال السنوات الثلاث المقبلة ، تعثر التدخل . بدأ حلفاء الرياض بتفكيك الحصار الذي أثر على ملايين اليمنيين ، حيث أثبتت قوة المرتزقة في الإمارات أنها لا تضاهي الحوثيين الذين استهدفوا حقول النفط السعودية بصواريخ سكود، وبدأ حلفاء السعودية بالخروج من التحالف، وكانت الإمارات آخرهم، فسحبت قواتها في تموز/ يوليو.

ويشير الخبير إلى أن جيش المرتزقة بقيادة الإمارات عانى من سلسلة من الهزائم المدمرة على طول الحدود السعودية، والأهم من ذلك، بدأ الحوثيين بتوطيد علاقاتهم مع طهران وهو ما سبق توقعه من قبل البنتاغون في بداية الاحداث عام 2015.       

ويفيد الكاتب الفشل الذي صاحب الجهود السعودية في اليمن أثار مخاوف الإدارة الأمريكية، فبعد أشهر من تولي ترامب للرئاسة، بدأ فريق الأمن القومي الاجتماع مع خبراء في الشرق الأوسط لاستكشاف سبل تسهيل خروج السعوديين من وحل الحرب اليمنية، وترافقت اللقاءات، التي قادها مستشار الأمن القومي في حينه الجنرال أتش آر ماكمستر، مع تقارير أمنية تقول إن التدخل السعودي في اليمن يعرض استقرار الحكومة السعودية للخطر على المدى البعيد، مؤكدا أن المسؤولين في العائلة المالكة استخدموا حرب اليمن للقيام بحملة تسريبات تهدف لإضعاف ولي العهد محمد بن سلمان.

ويضيف الكات أنه في أعقاب المشاورات قال مسؤول كبير في البنتاغون أن إدارة ترامب توصلت إلى استنتاجين: " الوضع ليس جيدا للعائلة المالكة، ويتعين على واشنطن ان تفتح باب المحادثات مع الحوثيين لإنهاء الحرب. وفي أيلول/سبتمبر، وكجزء من هذا المجهود أرسلت وزارة الخارجية ديفيد شنكر إلى الرياض للضغط علي السعوديين للانضمام إلى المحادثات المحتملة بين الولايات الامريكيه والحوثيين التي تستضيفها سلطنه عمان.

ويوفر هذا التاريخ سياقاً لضربات 14 أيلول/سبتمبر الصاروخية والطائرات بدون طيار على منشأة نفطية داخل المملكة العربية السعودية. وقد خلصت دوائر الاستخبارات الأمريكية منذ ذلك الحين إلى أن الهجوم، الذي شن من غرب إيران، تسبب في ما يقرب من 20 ضربة دمرت أربع خزانات نفط وعطلت معدات ضخ النفط المتطورة. وفي حين أن الضرر لم يحد من إمدادات النفط العالمية إلا بشكل مؤقت، إلا أنه تسبب في بهزات في أسواق النفط العالمية والبيت الأبيض.

ويلفت بيري إلى أن إدارة ترامب فكرت لفترة قصيرة في القيام بعمل عسكري قبل أن ترسل وزير الخارجية مايك بومبيو إلى الرياض، حيث أعلن عن إرسال تعزيزات عسكرية أمريكية لمساعدة السعودية على تحسين قدراتها العسكرية الدفاعية، وكجزء من استراتيجية التهديد والتلويح بالعصا.

ونقل الكاتب عن مسؤول مدني قوله: "نحن لسنا الطرف الوحيد الذي يدير القطع في المنطقة.. أظهر الإيرانيون على مدى العامين الماضيين أنهم قادرون على ضربنا وحلفائنا في الأماكن كلها".

ووفقاً لهذا المسؤول، انخرطت الولايات المتحدة وإيران في "نوع من الحرب بالوكالة بوتيرة منخفضة" في اليمن والسعودية والعراق وسوريا ولبنان ومياه الخليج الفارسي منذ أيار/مايو 2018، عندما انسحبت واشنطن من الاتفاق النووي. وبحسب أحد التقارير، فإن الصراع تصاعد إلى  صراع إقليمي متوسع على السلطة، شمل قصف ناقلات النفط، وضربات الطائرات بدون طيار على الموانئ الرئيسة، وضربات صاروخية على الرياض، وعمليات عبر الحدود السعودية تستهدف الجنود. وهجوم بدون طيار على مرتفعات الجولان.

وينوه الكاتب إلى أن الهجمات استمرت بالتوازي مع قرار إيران رفع مستوى دعمها للجماعات المسلحة التابعة لها في المنطقة، الأمر الذي أدى بدوره إلى جعل إسرائيل تقوم بغارات جوية للقواعد الإيرانية في سوريا ولبنان والعراق (مؤخراً). مشيرا إلى أنه في الوقت الذي لم تقد فيه المواجهات المتفرقة إلى مواجهة مباشرة بين أمريكا وإيران، إلا أنهما تسيران نحو الحرب.

 ويضيف الكاتب أن حسابات طهران الجديدة ("توسيع ساحة المعركة"، كما قال مسؤول مدني كبير في البنتاغون) تعني أن أي مواجهة أمريكية إيرانية يجب أن تأخذ في عين الاعتبار حلفاء إيران في المنطقة، بمن فيهم حزب الله، ما يعني تعرضها وحلفائها، مثل إسرائيل، للهجمات من هذه الجماعات.

ويتساءل المسؤول المدني في البنتاغون، قائلا: "هل رأيت الخريطة المنتشرة على (تويتر) التي تظهر إيران محاطة بالقواعد العسكرية الأمريكية؟.. احزر ماذا؟ لقد قرر الإيرانيون حصار السعودية، وفي الوقت الذي نحاصرهم فيه اقتصاديًا قرروا عمل الشيء ذاته، وكانت رسالة الأسبوع الماضي قوية وواضحة، إن لم نستطع تسويق نفطنا فإننا سنحرص لنمنعكم من تسويق نفطكم".

ويختتم الكاتب تقريره بالقول: على الرغم من كل صيحات السخرية الأمريكية وصخب مايك بومبو، فإن الولايات المتحدة تلعب بيد عسكرية ضعيفة على نحو متزايد - ويزداد الأمر ضعفًا.