الثلاثاء  19 آذار 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

تمسكي بقلبك جيدًا ولا تلعبي مع الأطفال

أيات ياغي

2019-12-18 09:52:47 AM
تمسكي بقلبك جيدًا ولا تلعبي مع الأطفال
تعبيرية

 تراه كاملًا، تبدو ملامحه مكتملة النضج، صوتٌ رخيمٌ وعقلٌ سليمٌ وأفكار واضحة وخطط مستقبلية وأحلام كبيرة تبدو تسيل وتجري لا يوقفها كائنٌ كان، له قلب يخفق وعينان تلمعان.. فينطلق اللسان!

يمشي بزهوّ يرسم ابتسامة ويرتدي زي الشجعان.. "باتمان أو سوبرمان"، لكنه لا يمتطي حصانًا أبيض وليس بفارس الزمان، ليس مهما أبدًا.. المهم أنه ارتدى هذا الزي ليغدوَ أكثر جرأة وانطلاقًا فيحاكي بدر الزمان.

بدر الزمان خلعت كندرة سندريلّا، فهي تعي أن هذه دنيا عمل ولا يمكن لحذاء زجاجي أن يساعدها في هذه المهام، فجاء العاشق الولهان وابتسم ابتسامة أزاحت عن صدرها كل غم وهم، حتى كادت أن تظن أن للحياة ألوان، وأن في الخلفية موسيقى تعزف ألحان، وأنها لربما لربما وجدت صديقًا شريكًا صاحبًا أبًا زوجًا أخًا ينوي البقاء، الاستقرار، يجلب الراحة تتكئ عليه عندما يغدر بها الزمان.

كم ظلمنا الزمان والدنيا وأنصفنا صاحب الابتسامة المستقل بنفسه المعتد بذاته صاحب القرار والإرادة، صاحب العيون اللماعة والأفكار النيرة، فجأة وبعد أن ابتسمت له هي الأخرى وأرسلت كما من إشارة توحي أنها أملٌ وفرحة، حب صادق بعد طول انتظار، فجأة يطلق الولهان طلاسم وتخاريف كانت قد ظنّت أنها ولّت واندثرت مع انقضاء عصور وأجيال وتاريخ تراكم عليه الغبار! ما إن قالها حتى انتفض الغبار وعاد التاريخ من قبره وانطفأت أضواء عقله وأغلق باب قلبه وبات الولهان واعيًا واقعيًا: اسمعي يا بدر البدور، أنا ملك الزمان وطلباتي الآتي، لست فارسًا أنا أميرٌ آمرٌ أطلب فتلبين، وبكلمتين اثنتين تتغيرين وتصبحين كما أعتقد أني أريد ولكني لا أدري ربما أيضًا تتغير أمنياتي فلتتغيري بدورك يا حياتي وفقًا لطلباتي وشهواتي، وقبل أن يقول أبرا كدابرا.. ألصق أمنياته بمن منحته حياته، أمه العينين، صاحبة الفضل في تنشئة العقل الرزين والأفكار الرجعية والطموحات الغبية! من جعلته أميرًا وأعلنته ملكًا وجعلته يصدق أنه الأول والأخير ولا يوجد من ينافسه على قلب أية أميرة، من يطلب ويتمنى من يحلم فيصير. من جعلت من عقله غرفة صغيرة تنبت فيها أفكار تكبر وتصير فتتحقق.. (طبعًا في مخيلته فقط).

بدر البدور صديقتنا قالت لصاحب العقل الواعي لن أصير، فلترجع من حيث أتيت ولتبقى أفكارك بعيدًا عني فإني حين لمحتك ظننت أنك رجلٌ صاحب قرار، حينما تحب تعي وتفهم، ليس الحب إعجابٌ بل هو قرارٌ ووعي، لست أميرة ولست بمن يمكن لها أن تمسح كل ما كان لخاطر من سيكون أو لا يكون.

لبدر الزمان صديقات، من خولت لهن أنفسهن أنهن قابلن رجالًا، أطفالًا متنكرين، في أحضان أمهاتهم يبكون، ويتبكبكون، ويشكون الهموم! نعم أمي بتحمل همي! لكن الأغنية لفيروز لا أهمية لها هنا. القرار انفرادي بحت، فإن كانت هناك النية الصادقة لاختيار شريكة أو شريك، فنحن جميعًا نعلم أن النهايات يمكن لها أن تكون سعيدة ولو بشكل مؤقت، لكن الأطفال البكاؤون، المتذمرون، المتثاقلون من المشاعر، المتلاعبون بالمصائر، الخائنون للقلوب، لأمهاتهم يرجعون، فيُحضنون، فينسون الوعود كما الأطفال تمامًا، لا يتوانون عن الانسحاب، والاختباء وراء ماما وبابا للاحتماء، جبن وغباء! فلا حسيب ولا رقيب.. ينهون الأحلام في شهر ديسمبر! يأتون ويرجعون يريدون ولا يعلمون، ينوون ويخلفون، يحلفون ويكذبون، ويختبؤون وراء عادات ومجتمع وحجج بغطاء دين.

منهم من يهوى ويسقط سريعًا، يدعي الرجولة وسرعة البديهة، من يَعدُكِ أولًا يسقط سريعًا! القاعدة الأولى في الحب، ومن يغمره الحب أولًا سيعاني كثيرًا، ومن ينشر انفتاح أفكاره يغلق أبواب عقلك أولًا، منهم من يخبرك أنك الأولى والأخيرة ويَصدق، لكن الأطفال يكذبون كثيرًا فهم يعلمون أن لا حساب قبل النضج ولا عقاب للأطفال، ولا جهنم لغير بالغ راشد عاقل.. فهذه شروط الزواج يا عزيزتي فاحفظيها.

بعد معركة مع الوعي.. بعد محاولات الخروج من الحفرة العاطفية النتنة المليئة بروائح الكذب والسذاجة والغباء، بقدرة قادر يصبح الطفل رجلًا وصاحب إرادة حرة أيضًا (أبرا كدابرا)، فيختار البديل الشريك الونيس بسرعة فائقة ليخبرك عزيزتي أنه قادر! لكنك الآن تعلمين أن الحب وحده لعبة أطفال، وأن اللعب مع الأطفال فستق فاضي فلتخرجي من هذه اللعبة، وابقي حكمًا أو جمهورا.

صديقتي تقول: هناك جملة سحرية يخطئ أشباه الرجال بها فيقولون: ماما وبابا. لا عيب في ماما وبابا! العيب في أن تكونا مجتمعتين في سطر واحد فيبدو وقعها على السمع ثقيلًا، مؤشرًا خطيرًا، دلالة واضحة على لعبة كئيبة ليست حتى ممتعة في الحب، فهي غالبًا تنتهي سريعًا وتبدو سخيفة جدًا وليست بمستوى اللاعبة، فهنا أقول قولي وأنسحب.

غريبة هذه اللعبة، شروطها تتغير لكن الإشارات والدلالات واضحة، الحب يأتي سهوة في مراحل اللعبة، لكنه ليس شرطًا من شروطها، فلتمسكي عزيزتي بقلبك جيدًا ولا تلعبي مع الأطفال.