الإثنين  07 تموز 2025
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

خبراء: إيران مستعدة للحرب الكبرى المقبلة في الشرق الأوسط

2020-01-16 04:15:54 PM
خبراء: إيران مستعدة للحرب الكبرى المقبلة في الشرق الأوسط

 

 الحدث- جهاد الدين البدوي

نشرت مجلة "ناشيونال إنترست" مقالاً للخبير في الأمن القومي جوناثان روه، قال فيه إن الصراع يلوح في الشرق الأوسط، وإيران تسير على الطريق الصحيح لتحقيق النصر، وإن هجومها المفاجئ في سبتمبر/أيلول على منشآت النفط السعودية وعدم الرد الصارخ هو صورة مصغرة عن كيفية انشغال طهران بكسب استراتيجية اليد العليا على الولايات المتحدة وحلفائها.

وأضاف الخبير روه، "باستخدام أسراب من الأسلحة الحديثة الدقيقة وبعيدة المدى؛ يمكن لإيران وحلفائها بمصداقية أن يهددوا الآن بشن هجمات كارثية محتملة ضد أهداف استراتيجية حيوية في جميع أنحاء المنطقة. وهذا يعتمد على ثلاثة عوامل: الأسلحة المتطورة في إيران، والتوسع الإقليمي في تطويق أعدائها، والافتقار إلى العمق الاستراتيجي الذي يمتلكه هؤلاء الأعداء".

ومما يثير الدهشة أن إيران تبني هذا النفوذ على الرغم من العقوبات، والقوات العسكرية التقليدية القديمة، وميزانية دفاعية صغيرة، وبدون أسلحة نووية. وبدلاً من ذلك، فإنها تخلق مزايا هجومية واضحة عن طريق زيادة دقة ومدى صواريخها الباليستية والطائرات بدون طيار.

يوضح الكاتب: على الرغم من أن إيران تلقي اهتمامًا أقل على نواقل الأسلحة النووية، إلا أن التقدم الإيراني في مدى وفتك ودقة صواريخها الباليستية التقليدية قصيرة المدى هي على الأقل مدعاة للقلق. كما أنها تنتج صواريخ باليستية مضادة للسفن محسنة التوجيه مع قدرتها على المناورة.

 ونوه الكاتب أنه يتم تجاهل صواريخ كروز على الرغم من أنها أكثر أهمية. فلدى إيران صواريخ كروز هجومية برية على نحو متزايد، كتلك التي استخدمت لتدمير منشآت بقيق النفطية، وبعضها يمكنها تغطية منطقة الشرق الأوسط بأكمله. وإيران أيضاً تنتج صواريخ كروز طويلة المدى مضادة للسفن، يتم إطلاقها من بطريات أرضية أو عبر أسراب من الزوارق الصاروخية، والتي وصفها تقرير البنتاغون الأخير "السفن الرئيسة" للأسطول الإيراني في الخليج الفارسي. كما تقوم إيران بتطوير صواريخ باليستية تطلقها الغواصات.

وبحسب الكاتب فإن الطائرات بدون طيار تشكل -على وجه التحديد المركبات الجوية والبحرية السطحية غير المأهولة- المحطة الثالثة من ثالوث طهران للردع. وغالباً ما تسمى "ذخيرة الرجل الفقير"، تستخدم إيران وحلفاؤها هذه الهجمات على غرار الهجمات الانتحارية، وغالباً ما يضاعف حجم الرأس الحربي فيها. في الآونة الأخيرة، قامت إيران بتحسين دقة هذه الأسلحة، جزئياً من خلال النماذج الغربية التي تم الاستيلاء عليها بالهندسة العكسية.

يرى الكاتب أنه بفضل هذه التطورات، أصبحت الطائرات والصواريخ الإيرانية "أسلحة ذات فاعلية شاملة" عند استخدامها في أسراب لتطويق حتى الدفاعات المتطورة. وتقوم طهران بتصدير هذه الأسلحة في الإقليم، كما ويمتلك حزب الله في لبنان والحوثيون في اليمن ترسانات متنامية من الأسلحة عالية الدقة التي توفرها إيران، كالصواريخ الباليستية والطائرات بدون طيار، كما تحاول إيران تدريب مجموعات من حزب الله لتحويل آلاف الصواريخ غير الموجهة وقذائف المدفعية من العيار الكبير إلى أسلحة موجهة. كما تقوم إيران بتزويد الفواعل من غير الدول في سوريا والعراق بطائرات بدون طيار.

يضيف الكاتب، إلى جانب المدى المتزايد من الأسلحة الدقيقة، يطوق الانتشار الإيراني خصوم طهران بمجالات متداخلة من الصواريخ الدقيقة بعيدة المدى، أو كما يطلق عليها الإسرائيليون "حلقة من النار". وبصورة متزايدة، يمكن استهداف بلدان الخليج من إيران والعراق واليمن؛ ويجب على "إسرائيل" أن تقبل الضربات من لبنان وسوريا والعراق وفي النهاية اليمن أيضاً. ويمكن ضرب القوات الأمريكية من أي من الشواطئ الإيرانية.

يرى الكاتب بأن هذا التطويق يعزز القوة الكلية التي يمكن لإيران استخدامها ضد خصومها، حتى على مسافات بعيدة. بالإضافة إلى ذلك، لدى طهران مبادرة للهجوم من الاتجاه الذي تختاره، أو من عدة اتجاهات في وقت واحد، بينما يواجه المدافعون بمهمة عبثية متمثلة في توفير حماية بـ 360 درجة.

كما أن هذا التهديد متعدد الاتجاهات يجبر أعداء إيران على نشر جهودهم المضادة بشكل أدق: لسنوات كان السعوديون والإماراتيون غارقين في اليمن، واليوم تلعب "إسرائيل" لعبة الضرب على جبهات متعددة.

 ينوه الكاتب بأن هذا العمق الاستراتيجي لإيران يزيد من تآكل خصومها، الذي يقتصر بالفعل على أعداد صغيرة للغاية في أهداف مهمة للغاية. وباستخدام أسلحتها الجديدة وتوسعها الإقليمي، فإن طهران تراكم نفوذاً استراتيجياً كبيراً من خلال الاحتفاظ بهذه الأهداف الحاسمة كرهينة.

يضيف الكاتب بأنه حاليا ينتشر حوالي 60 ألف جندي من القوات الأمريكية في الشرق الأوسط، ولكنها تتركز في القواعد العسكرية في العراق، وعدد قليل في القواعد الجوية والبحرية في الخليج الفارسي، وعلى متن السفن الحربية. ويعمل حلفاء أمريكا من خلال حفنة من القواعد الجوية والبحرية أيضًا.

ووفقا للكاتب، فإن السعودية والإمارات "وإسرائيل" تعتمد على بضعة موانئ فقط، وعلى بواخر عملاقة وسفن حاويات تسير بخطى بطيئة، وذلك من أجل منفعتها الاقتصادية. بالإضافة إلى محطات توليد الكهرباء والمنشآت الكيماوية ومحطات معالجة المياه قليلة، كما أن مهاجمة الموقع الرئيس لتحلية المياه في السعودية قد يؤدي فعليًا إلى انقطاع إمدادات المياه في البلاد لمدة عام. كما تركز المشاريع الخليجية الكبرى مثل ناطحات السحاب والمطارات على الأصول القيمة في الأهداف الفريدة الكبيرة.

على مدى سنوات، استهدف الحوثيون على وجه التحديد هذه الثغرات، مستخدمين الصواريخ الدقيقة والطائرات بدون طيار ضد مباني الحكومة السعودية والقواعد العسكرية والمطارات وخطوط الأنابيب ومحطات الضخ، بالاضافة إلى السفن التجارية وناقلات النفط الأمريكية وسفن البحرية الأمريكية، والقوات الحليفة المنتشرة حول المنطقة الحيوية في باب المندب .

وأضاف الكاتب أنه في الآونة الأخيرة استهدفوا مدرجات الطائرات السعودية، "في الواقع فإن سعي إيران لإطلاق الصواريخ الدقيقة وبعيدة المدى والطائرات بدون طيار يعني أنها يمكن أن تهدد الآن ليس فقط القواعد العسكرية والمدن الكبرى، بل الأهم من ذلك هو توجيه الضربات على أهداف كالبنية التحتية والحيوية مثل مراكز القيادة العسكرية، وحظائر الطائرات، والموانئ، وتقاطع الطرق السريعة، وأبراج التبريد والقصور والسفارات".

يتابع الكاتب: ونظراً لهذا السياق الأوسع، فإن أهمية الهجوم تتجاوز بكثير النفط. في 17 دقيقة فقط، قامت 18 طائرة بدون طيار وسبعة صواريخ كروز بالتحليق لمسافة 400 ميلاً من الشمال الشرقي على مسارات منخفضة وبمناورة عالية، فيما تسببت بأضرار كبيرة لمبان متعددة في أكبر منشأة لمعالجة النفط في العالم. في نفس الوقت، وجهت الدفاعات السعودية إلى جنوب غرب اليمن. وأفادت التقارير أن إيران تعتبر مهاجمة ميناء بحري أو مطار أو قاعدة عسكرية أمريكية قبل اختيار الهجوم على منشأة ابقيق.

ولعل الأكثر دلالة أن الرياض لم تفعل شيئاً رداً على ذلك، بينما قامت واشنطن فرض العقوبات كصفعة لإيران. وهذا يسلط الضوء على مدى ترجمة تطور إيران ونشرها للأسلحة الدقيقة بعيدة المدى إلى مزايا استراتيجية حقيقية.

قبل فترة طويلة من هجمات ابقيق، تحوطت الإمارات بالفعل تجاه إيران -بما في ذلك إنها العمليات ضد الحوثيين. كما بدأت الإمارات في مناقشة قضايا الأمن البحري مع إيران، حتى في الوقت الذي شاهدت فيه القوات الإيرانية تعتدي على حرية الملاحة في الخليج الفارسي.

منذ هجمات ابقيق، بدأت الرياض بانتهاج سياسات هادئة على خطى الإمارات، في حين أن الولايات المتحدة أبدت تردداً واضحاً في التصعيد بما لا يتجاوز العقوبات الاقتصادية.

يؤكد الكاتب بأن "إسرائيل" أكثر استباقية ضد إيران. ومع ذلك، فإن حزب الله هو القوة القابضة، يقيد حرية فليق القدس. ومن جانب آخر تتسامح "إسرائيل" أساساً مع إطلاق الصواريخ بانتظام من غزة، كإلهاء عن جبهتها الشمالية.  كما يهدد حزب الله بالانتقام الشامل أي تحرك إسرائيلي أكثر قوة ضد إيران.

يضيف الكاتب بأنه حتى الآن وجهت كل من إيران و"إسرائيل" أكبر لكماتهما. ولكن طهران وحلفائها يمكن أن يلحقوا ضرراً أكثر خطورة بكثير من هجوم ابقيق-إذا اختاروا القيام بذلك. ويحذر المسؤولون الأمريكيون و"الإسرائيليون" من أن طهران لن تُردع، ونتوقع المزيد من الهجمات.

ووفقاً لذلك، فإن استراتيجية الولايات المتحدة الحقيقية "الضغط الأقصى" ستتجاوز العقوبات، لردع واضعاف استخدام إيران للأسلحة الدقيقة في المقام الأول. كما أن تعزيز إدارة ترامب مؤخراً للدفاعات الصاروخية الباليستية الخليجية، وإن كان ضرورياً، غير كافية. مضيفاً أنه يمكن لأنظمة الدفاع الصاروخية بما في ذلك الأنظمة القريبة أن تكشف وتهزم ترسانة إيران بشكل أفضل. وعلى الرغم من صعوبة الأمر، فإن الولايات المتحدة وحلفائها الإقليميين بحاجة أيضا إلى تنسيق دفاعاتهم الصاروخية.

ووفقاً للكاتب، فهذا الإجراء يستغرق بعض الوقت، وعلى الفور، يمكن للولايات المتحدة وغيرها البدء بفرض حظر الأسلحة التي تفرضه الأمم المتحدة على إيران؛ على اليمن أيضاً، من خلال منع عمليات نقل الاسلحة التي تقوم بها طهران. ويتعين على الولايات المتحدة أيضاً أن تضمن "لإسرائيل" امتلاك الأسلحة لمواصلة التصدي للانتشار الإيراني.

يختتم الكاتب مقالته بالقول: يؤكد المسؤولون الأمريكيون بحق على ضرورة استعادة الردع ضد إيران. إن الوصول إلى ذلك يتطلب من الولايات المتحدة أن تضغط بإلحاح حقيقي ضد خصم يكتسب بالفعل اليد العليا الاستراتيجية في الشرق الأوسط.