الجمعة  03 أيار 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

الإغاثة الزراعية: زيادة رقعة الأراضي المزروعة تبغا أثرت على المزارعين أنفسهم باعتقاداتهم الخاطئة

الزعتر أثبت أرباحه الانتاجية بأضعاف أرباح التبغ رغم قلة زراعته

2015-02-10 01:47:33 AM
 الإغاثة الزراعية: زيادة رقعة الأراضي المزروعة تبغا أثرت على المزارعين أنفسهم باعتقاداتهم الخاطئة
صورة ارشيفية
لا بد من تنظيم قطاع الزراعة وإيجاد ضوابط لكافة المزروعات
 
الحدث – محمد فايق
 
عزوف العديد من المزارعين عن مهنتهم الأصلية وهي الزراعة.. وتركيز العديد منهم على زراعة صنف معين بعيدا عن احتياجات السوق والجدوى الاقتصادية له.. رغم وجود أصناف قد يكون لها جدوى اقتصادية أفضل.. أدى إلى اعتبار القطاع الزراعي الفلسطيني قطاعا غير منظم.
انتشرت في السنوات القليلة الماضية زراعة التبغ بشكل كبير، حتى وصلت مساحة الأراضي المزروعة تبغ  إلى ما يقارب 20 ألف دونم، والنتيجة حصول فائض في الانتاج وإغراق السوق.. ورغم محاولة وزارة الزراعة والمؤسسات ذات الاختصاص لحل الاشكالية إلا أن أي نتيجة لم تظهر في هذا الموضوع.
وفي هذا السياق، توجهت "الحدث" إلى الإغاثة الزراعية الفلسطينية لاستيضاح اشكالية القطاع الزراعي والمزارعين، وأين الأخطاء الموجودة وكيفية تصويبها.
وقال مدير برنامج تطوير الأراضي في الإغاثة المهندس مقبل أبو جيش إن قضية زراعة التبغ تعتبر قضية شائكة، واليوم نتحدث عن وجود 20 ألف دونم في الضفة الغربية يزرع فيه التبغ فقط، ومعظم هذه الأراضي في محافظة جنين، ما أدى لحصول فائض ضخم في الانتاج.
الجدوى الاقتصادية للتبغ ليست كما يتوقعها المزارعون
وأضاف أن المزارعين يعتقدون أن زراعة التبغ ستعود لهم بدخل كبير في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة، لكن ذلك ليس دقيقا، حيث أن الجدوى الاقتصادية لزراعة التبغ عند حساب متوسط صافي أرباح في السنة 2000 شيقل للدونم الواحد، في حين أن الزعتر على سبيل المثال رغم صغر مساحة الأراضي المزروعة تعود بجدوى اقتصادية أكثر بالضعف على الأقل للمزارع.
وأشار أبو جيش إلى أن الأراضي المزروعة زعتر في الضفة الغربية تبغ 8 آلاف دونم، مناصفة مروي، وبعلي، وتنتشر في منطقتي طولكرم وقلقيلية بسبب وفرة المياه خاصة للزعتر المروي.
زراعة الزعتر لها مستقبل واعد
وأوضح أن متوسط صافي أرباح الزعتر المروي في السنة 6000 شيقل للدونم الواحد، فيما أن البعلي 3000 شيقل، وهذا يؤكد أن تفكير المزارعين بأن التبغ هو الأفضل لهم خاطئ، عدا عن الأضرار التي تنجم عن زراعة التبغ على الأرض.
ويعتقد المهندس أبو جيش أن قلة الأراضي المزروعة زعتر يعود لحاجة هذه النبتة إلى المياه بشكل كبير، فيما أن التبغ لا يحتاج إلى المياه، غير أن الإغاثة لم تتدخل في موضوع زراعة التبغ لأن تدخلاتنا بشكل عام يكون لمساعدة المزارعين وإدخال أنواع محاصيل جديدة للزراعة، إضافة للمساهمة في تسويق عدد من المحاصيل المهمة عبر شركة ريف غير الربحية التابعة للإغاثة، فيما أننا لا نشجع زراعة التبغ ولا يمكن أن نساعد على تسويقه، مبينا أن شركة ريف تساعد المزارعين عبر التعاونيات على تسويق الزعتر وتصديره إلى الخارج إضافة إلى الفريكة ومزروعات أخرى.
وأوضح أن توجه المزارعين لزراعة الزعتر بهذا الشكل كان قبل سنوات ليست بالبعيدة، كما أن الربحية التي توفرها رائعة وأعطت إغراء للمزارعين للتوجه نحو زراعتها، كما أن الإغاثة الزراعية قامت بتوزيع عدد من النشرات التوعوية وتنظيم ورش عمل لمساعدة المزارعين على التعرف على هذه الزراعة، ودعمهن في ذلك، معربا عن أمله في زيادة رقعة الأراضي المزروعة في الزعتر.
بدوره، استعرض مدير عام الإغاثة الزراعية المهندس خليل شيحة أبرز الصعوبات أمام المزارعين وهي الاحتلال الإسرائيلي من خلال حرية الوصول إلى الأراضي خاصة القريبة من المستوطنات والطرق الالتفافية، إضافة للحصول على المياه، والوصول إلى الأسواق سواء الداخلية أو الخارجية ما يؤثر على قدرة المنتج الزراعي الفلسطيني على المنافسة.
وقال إن المجموعة الثانية من المعيقات هي البعد الفني المتعلق بصغر حجم المساحات الزراعية وبالتالي الصعوبة في تحقيق عائد مادي كبير، إضافة إلى المناطق الجغرافية الخاصة في المنطقة مثل المناطق الجبلية، أما البعد الثالث له علاقة بارتفاع تكلفة مدخلات القطاع الزراعي، والأمراض الزراعية خاصة تلك العابرة للحدود التي يصعب التحكم فيها بسهولة.
وأشار إلى أن تدخلات الإغاثة الزراعية تكون في أكثر من مستوى ضمن خطة وليس استجابة لما يحدث، ونحن نعمل في القطاع الزراعي على سلاسل القيمة بما يعود بالربحية على المزارعين وتنافسيتهم، خاصة على مستوى زيادة مساحة الأراضي المزروعة من خلال استصلاح الأراضي وشق طرق زراعية، وتحسين المحصول، وإنشاء آبار جمع، وخزانات معدنية لتوزيع المياه بشكل أكبر، وإدخال محاصيل زراعية جديدة غير موجودة في الأسواق عائدها جيد على المزارع، بما يعود أيضا على الجودة للمزارعين، ما يضمن وجود منتجات زراعية وطنية بجودة عالية.
وأوضح أن 70% من الربح هو في الحلقة التي ما بعد الإنتاج، "يوجد مرحلتين ما بعد الحصاد والتسويق، المزارع الذي يبيع منتوجه على بوابة المزرعة يفقد الهامش الكبير، السعر الحقيقي للمنتج الزراعي يحدد بعد الحصاد؛ هناك مرحلة تغليف وتعبئة بعدها وهذا ما يزيد الأرباح، ومن يحصل على هامش الأرباح هم من يعملون في تسويق المنتجات الزراعية بعد عملية الحصاد".
هنالك ضرورة ملحة لتنظيم زراعة التبغ
وشدد على ضرورة تنظيم تدفق كافة المنتجات في السوق، ومراعاة احتياجات المستهلك ومصالحه واحتياجات المنتج وأطراف العملية المختلفة بتوازن، بما يعود بالاستفادة للجميع، ولا بد من تنظيم القطاع الزراعي وتنظيم الانتاج وتوزيع الانتاج على محاصيل مختلفة كي لا يكون هنالك اختناقات تسويقية وتدني في الأسعار، إضافة إلى بناء نظام توعوي.
وأشار إلى أن الإغاثة تعمل على إيجاد ما يسمى ترخيص للمنشآت الزراعية، بما يساعد على أخذ الموافقة للمواصفات اللازمة بناء على الدراسات المناخية، ونوعية الهياكل والإنشاءات التي يعمل بها.
وقال "لا بد من تنظيم هذا القطاع كي لا يكون مؤثرا على الاقتصاد بشكل عام، هنالك أسر مرتبطة بزراعة التبغ منذ عقود، لكن لا يجب أن يتحول أثر الموضوع إلى تدميره بشكل كامل، وتأثيره السلبي على الاقتصاد الوطني".
وأضاف "هنالك مزارعين دخلوا على خط زراعة التبغ حديثا، ومزارعين آخرين لهم في هذا القطاع منذ عقود طويلة، يجب منع دخول آخرين لهذا القطاع، ووضع رقابة على (الحيازات الزراعية) التي تزرع في هذا الموضوع، ورقابة على الانتاج كيف يتم تصريفه كي لا يضر في الاقتصاد من خلال الرسوم المفروضة على الدخان التي تعود بدخل كبير على خزينة السلطة، وفرض رسوم وغرامات على المخالفين لذلك".
تدخلات الحكومة في تنظيم الزراعة قليلة جدا
وأوضح أن تدخلات الحكومة قليلة في موضوع تنظيم وضبط السوق، وعادة يتركون السوق لنفسه على اعتبار أنه سوق مفتوح، بحسب العرض والطلب والتوازن، وبحسب السوق المفتوح الكل مسموح له أن ينتج ويستهلك، العرض والطلب يحدد عمليا أين يتوازن السعر، وأين يمكن أن يكون هنالك تركيز في قطاع معين، وفي ضوء سوق حر ومفتوح، رغم أن السوق الفلسطينية ليس سوق ناضج نهائيا وليس حرا لأنه معرض للانتهاكات الإسرائيلية، وسوق بحاجة لتنظيم، هنالك أضرار كثيرة بترك السوق لآلياته، قد يظلم المستهلك بشكل كبير نتيجة تغيرات عمليات القطاعات الانتاجية خاصة مع زيادة الانتاجية.
وشدد  شيحة على ضرورة تنظيم السوق، لأنه قد لا يكون ناضج لتحمل التوازن، وبالتالي هذا الموضوع بحاجة لتدخل، مبينا أن الحكومة ترفع يدها عن التدخل عندما ترى أن هنالك توازن في كل السياسيات الاقتصادية والاجتماعية لكن هذا ليس موجودا الآن.
وقال إن موضوع تنظيم زراعة الأراضي من مسؤولية وزارة الزراعة بحسب السياسات التي تتبعها، ومن فترة طويلة نحاول أن نوصل للمزارعين أنه ليس من الضروري إن كان هنالك زراعة معينة نجحت وكانت بعائد مالي جيد أن نتوجه كلنا لنفس الزراعة، هذا تفكير خاطئ ويؤدي إلى حدوث مشاكل في الأرض والتربة في المستقبل، إضافة إلى أن كل نمط انتاجي له استثماراته الخاصة به.
وأضاف أن وزارة الزراعة يجب أن تهتم بشكل أكبر في هذا الموضوع، مشيرا إلى أن المزارعين لم يبدوا تعاون واستجابة في هذا الموضوع، لكن إن تم ذلك وكان هنالك تنظيم كامل لكافة المزروعات يمكن أن نقول أن هنالك قطاع اقتصاد زراعي.
ورأي أن قضية تضمين الأراضي لزراعتها التبغ أو غيره، وتشغيل مزارعين فيها كعمال، تجريد لصيغة المزارعين، وتحويلهم لعمال، هذه فكرة سيئة وفي الآخر هي تجريد المزارعين من مقومات صمودهم وقطاعهم، وهذا من أكثر الأنماط ضررا فيما يتعلق في الحفاظ على الأراضي والمشروع الوطني بشكل عام، "من يزرع على أساس الربح يكون هامشه الربح فقط، ومن المكن أن يترك الأرض بعد سنة أو سنتين في حال لم تربح، لكن في حال خلع المزارع من أرضه وتحول لعامل يمكن أن تكون هذه الأراضي ألا تزرع وتخرب".
تنوع السلة الانتاجية السبيل الأضمن للمزارع
وشدد على ضرورة تنوع السلة الانتاجية الزراعية، لأن الناس يعتمدون على المزروعات المهمة للغذاء وبالتالي يضمنون استهلاكهم من بعض الخضروات والقطاع الزراعي، لافتا إلى أن 34-37% من دخل الأسر الفقيرة يذهب على استهلاك الغذاء والمواد الأساسية.
وأوضح أن هنالك عدد من المزروعات تراجعت في فلسطين مثل العنب، والتين، لكن من الجيد دخول أنواع مثل الأسكدنيا والجوافة إلى القطاع الزراعي الفلسطيني، مبينا أنه في عام 2009 كانت أول مرة يزرع فيها الفراولة في فلسطين، كنا تستهلك 750 طن سنويا، ومن لحظة إدخالها أصبح هناك كفاية انتاج منها، وهذا أمر مهم وجود أصناف جديدة لها عوائد جيدة للمزارعين، بدلا من تركيز المزارعين على نوع معين وإغراق السوق به.
وقال إن مشكلة مزارعين التبغ ظهرت منذ سنوات محددة، لكن المهم أنه لا يجب تخريب الأراضي وإيجاد فائض في الانتاج بشكل كبير، يجب تدخل وحل هذه القضية حفاظا على المصلحة الوطنية، هنالك اقتصاد يتضرر نتيجة التهريب الذي يحصل في الدخان والتبغ وهو عائد للخزينة لا يمكن التضحية فيه أو مجاملة مزارع على حساب الخزينة.
وأضاف نحن نحترم هذا السوق بتنظيمه وعدم الإضرار في كافة المناطق ومحاصرته في منطقة معينة.