الجمعة  29 آذار 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

إيقونة اليسار المغربي ترصد التداعيات الاجتماعية لحالة الطوارئ الصحية على المواطن المغربي/ بقلم: أحمد رباص

2020-05-27 10:18:09 PM
إيقونة اليسار المغربي ترصد التداعيات الاجتماعية لحالة الطوارئ الصحية على المواطن المغربي/ بقلم: أحمد رباص
أحمد رباص

 

استجابة لدعوة من فرع الحزب الاشتراكي الموحد بمدينة بوزنيقة، قامت نبيلة منيب، الأمينة العامة لنفس الحزب، بتأطير لقاء رقمي حول التداعيات الاجتماعية لحالة الطوارئ الصحية على المواطن المغربي. انطلق هذا اللقاء على الساعة التاسعة من مساء يوم الثلاثاء 26 ماي الحالي في بث مباشر على الصفحة الرسمية للحزب في موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك.

في بداية حديثها، أشارت منيب إلى ارتباط الآثار الاجتماعية بالنشاط الاقتصادي للبلدان، حيث يجري الحديث اليوم عن تجميد ما يفوق 50 % من الاقتصاد العالمي وعن توقف 1,5 مليار نسمة عن السفر علما بأن 3,5 مليار نسمة هم الآن تحت الحجر الصحي. وانطلاقا من خبرتها كفاعلة سياسية متتبعة للشأن الوطني العام، لاحظت المتحدثة أن هذه الأزمة المركبة كانت موجودة من قبل، إلا أنها استفحلت بسبب الجائحة وكثرت مظاهرها في بلادنا لأن لنظامنا الاقتصادي طابع خاص لكونه ينتمي إلى المنظومة المغربية الاستثنائية.

لتوضيح فكرتها، قالت الأمينة العامة إنه من الممكن تسمية النظام الاقتصادي المغرب بالنيوباتريمونيالي، لأنه يسمح بتراكم الثروات والأموال في أياد قليلة بحكم سيادة الريع والاحتكار والفساد الاقتصادي وغياب توزيع عادل للثروة. وإذا كانت عندنا قبل الجائحة - تقول الفاعلة السياسية الاشتراكية - فوارق اجتماعية ومجالية صارخة أدت إلى حدوث احتجاجات بمعدل 50 احتجاجا في اليوم الواحد عبر جهات المملكة، فلا يستبعد أن يعرف الوضع الاجتماعي ببلادنا مزيدا من التأزم.

وفي نفس السياق، أوضحت منيب أنه يمكن قياس تلك التفاوتات اعتمادا على مؤشرات من بينها معدل البطالة الذي حدد رسميا في 10,3 %، بينما هو يتجاوز 45 % عندما يتعلق الأمر بالشباب الذين يعانون من هشاشة خطيرة سيما وأن 2,5 مليون شاب مغربي بدون تعليم أو تكوين أو تأهيل لأن المدرسة لفظتهم ولم يجدوا فرصة ثانية تسمح لهم بالعودة إليها. ومن بين تلك المؤشرات هناك 5 ملايين شاب كانوا يشتغلون في القطاع غير المهيكل واليوم باتوا من المتضررين بالدرجة الأولى لأن الحجر الصحي حال دون مزاولة أنشطتهم اليومية. فلو كانت الدولة المغربية - تلاحظ منيب - تعتمد نظاما اقتصاديا ديمقراطيا يسمح بحرية المنافسة لأحصت هؤلاء الشباب من ذوي المهارات وقامت بإدماجهم في الاقتصاد الوطني المهيكل. وباعتبار الفقر أبرز مؤشر دال على التفاوتات المجالية، تعلن المتحدثة أنه سبب بؤس العديد من سكان بعض الجهات.

من بين المتضررين من الجائحة، ذكرت نبيلة منيب الملايين من التجار والحرفيين والفنيين الذين طلب منهم إغلاق محلاتهم لضرورة الحجر الصحي، وهم الآن بدون دخل مع أنهم يعيلون أسرا تتكون من 3 أو 4 أو 5 أفراد. كما ذكرت مزاولي مهنة المحاماة ومهن أخرى من ضمن المتضررين. فاستنادا إلى الأرقام التي تقدمت بها الدولة المغربية، هناك 62 % من المقاولات الصغيرة والمتوسطة توقف نشاطها ما أدى إلى استفادة 900 ألف أجير مسجل في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي من مساعدة مالية، إلا أن الخوف من فقدان الشغل ينتابهم جميعا لأنهم لا يعرفون متى سيبدأ الإقلاع الجديد للنشاط الاقتصادي في بلادنا، وهل ستعود الشركات التي أغلقت أبوابها إلى نشاطها السابق أم ستظل مغلقة، وحتى إذا قدر لبعضها استئناف العمل فلن تسترجع مستخدميها بأكملهم نطرا لضرورة احترام التباعد الجسدي.

وفي حديثها عن صنذوق كرونا الذي ساهم فيه بعض المواطنات والمواطنين بالإضافة إلى مؤسسات في القطاعين العام والخاص، قالت منيب إن الدولة أنشات هذا الصندوق لما هو مستعجل وكذلك لمساعدة هؤلاء الذين فقدوا الشغل وأولائك الذين كانوا فاعلين في القطاع غير المهيكل. في هذا الإطار، تحدثت الارقام الرسمية عن كون 4 ملايين و300 ألف أسرة استفادت من الصندوق المذكور. في مقابل ذلك، هناك شكايات يقول أصحابها بعدم استفادتهم رغم حيازتهم لبطاقة راميد التي تضمن التغطية الصحية للفقراء. ورغم أن لجنة اليقظة الاقتصادية أخذت سكان القرى بعين الاعتبار، إلا أن غياب الطرق والشبابيك البنكية وتفشي الأمية، فما بالكم بجهلهم كيفية استخدام الطرق الجديدة في التواصل الرقمي التي تبنتها الدولة كآليات تقنية لتسلم المساعدة المالية.ومع ذلك، ترى نبيلة منيب أنها لا تتكلم عن الشرخ الرقمي رغم أهميته، ولكنها تتكلم عن الشرخ الاجتماعي الذي حكم على عدد كبير من الناس بإفشال الحجر الصحي لأنهم كانوا مجبرين على الخروج إلى الشارع لكسب قوتهم اليومي. أما سكان البادية فقد تأزم وضعهم المعيشي لما قررت الدولة التوقيف المؤقت لأسواقهم الأسبوعية نظرا لظروف الحجر الصحي وتحسبا لتفشي الوباء دون ان تفكر في بدائل مناسبة. وما ضاعف من معاناة هذه الساكنة الجفاف الذي ضرب البلاد خلال هذه السنة، ناهيك عن قلة ذات اليد وعدم توصلهم بالإعانة ولو كانت غير كافية.

وفي رد مباشر على مرددي أسطوانة "قولو العام زين"، ألمحت منيب إلى أن ثلثي سكان المغرب يعيشون إما على عتبة الفقر او تحتها، ما يبرهن على أننا نعيش في وضعية لا نحسد عليها وزادتها الجائحة بؤسا على بؤس. بعد ذلك، تشير المتحدثة إلى ما ينتاب المتضررين من تداعيات الجائحة من مخاوف من انعدام إمكانية ضمان كرامة وعيش أسرهم، وقد يترتب عن ذلك وضع اجتماعي صعب قابل للانفجار إذا لم تنتبه إليه الحكومة والدولة المغربية في حينه ولم تقترح بسرعة حلولا من شانها إنجاح الحجر الصحي وفي رد مباشر على مرددي أسطوانة "قولو العام زين"، ألمحت منيب إلى أن ثلثي سكان المغرب يعيشون إما على عتبة الفقر أو تحتها، ما يبرهن على أننا نعيش في وضعية لا نحسد عليها زادتها الجائحة سوء على سوؤ بؤسا على بؤس. بعد ذلك، تشير المتحدثة إلى ما ينتاب المتضررين من تداعيات الجائحة من مخاوف من انعدام إمكانية ضمان كرامة وعيش أسرهم، وقد يترتب عن ذلك وضع اجتماعي صعب قابل للانفجار إذا لم تنتبه إليه الحكومة والدولة المغربية في حينه ولم تقترح بسرعة حلولا من شانها إنجاح الحجر الصحي والتخفيف من معاناة هؤلاء الناس الفقراء الذين يشكلون جزءا كبيرا من ساكنة هذا الوطن.

وبما أن السيدة نبيلة منيب تستحضر في ذهنها جميع المغاربة الذين طالتهم تداعيات كرونا، فقد توقفت عند الأزمة التي واجهت مغاربة الشتات منذ الإعلان عن حالة الطوارئ الصحية وما اقتضته من إغلاق للمنافذ الجوية والبحرية والبرية في وجه الوافدين منهم إلى أرض الوطن والعائدين إلى بلدان إقامتهم. هناك منهم من دخلوا إلى المغرب وبقوا عالقين هنا بدون أمكانيات مادية، ولم تفكر فيهم الدولة مع أنهم ليسوا كلهم أغنياء قادرين على توفير مستلزمات العيش في انتظار السماح لهم بالسفر. وبين هؤلاء العالقين يوجد مرضى ونساء حوامل، وتجار مغاربة لم يسمح لهم بالرجوع إلى بلادهم وذويهم وحيل بينهم وعبور حدود مدينتي سبتة ومليلية المحتلتين. يضاف إلى أولئك 28 ألف مغربي سافروا إلى الخارج لقضاء مآربهم او للسياحة فإذا بهم يجدون أنفسهم عالقين دون قدرة على الرجوع إلى أعمالهم وأولادهم.

كل الدول - تقول السيدة منيب - رتبت عودة مواطنيها إلا الدولة المغربية التي تركت مواطنيها عالقين وتأخرت في إنقاذهم والسماح لهم بالعودة باستثناء 20 % منهم تعاونت معهم نظرا لظروفهم الخاصة. أما الباقون فقد عبروا عن شعورهم باليتم لأن الدولة تركتهم وشأنهم ولم تسمح لهم بالدخول ليمتثلوا للحجر الصحي بالقرب من أولادهم وعائلاتهم.

إلى هؤلاء الضحايا، تضيف المتحدثة نزلاء السجون المغربية الذين لا تعتبرهم أعداء لنا، ولئن قاموا بجنحة فقد قال القضاء كلمته فيهم. وبناء على توصية من المرصد العالمي للسجون تقضي بالنقص من الاكتظاظ بداخلها، تقترح الأمينة العامة الإفراج عن مقترفي الجنح الصغيرة على أساس أن ما قضوه من العقوبة الحبسية كاف لإعادة تربيتهم. غير أنها ترى أن الأسبقية يجب أن تكون للمعتقلين السياسيين لأن العالم يعرف تسونامي كوفيد-19 ونحن مقبلون على عالم جديد ولا يمكن الإبقاء على ظاهرة الاعتقال السياسي للنشطاء والصحافيين والمدونين الذين دائما تلفق لهم تهم وتستغل كل الفرص لإهانتهنم والزج بهم في السجون في كل المناسبات.

ومن أجل تفادي انفجار الوضع الاجتماعي بعد رفع حالة الطوارئ، تدعو السيدة منيب القائمين على السلطة في البلاد إلى التفكير في كيفية سريعة وناجعة لاحتواء هذه الأزمة الاجتماعية. إلا أنها تلاحظ بهذا الصدد أنهم لم يعلنوا عن الأرقام التي وصلت إليها حاليا البطالة وعن عدد الشركات التي أغلقت أبوابها. من هذا الصمت تستنتج المتحدثة أن الأزمة خانقة ومرشحة لأن تستفحل. كما ترى أن التخوفات المعبر عنها على المستوى العالمي من عودة السلطوية وضرب الحريات أصبحت عندنا في المغرب واقعا نعيشه عن قرب، حيث رأينا التجاوزات التي حدثت بدعوى إجبار الناس على البقاء في منازلهم.

انسجاما مع هذا الطرح، تقول منيب إن الدول الاستبدادية وغير الديمقراطية غالبا ما تستغل حالة الطوارء للإمعان في التضييق على الناس وضرب الحريات وسن قوانين تتعارض مع الدستور ومنظومة حقوق الإنسان مثلما هو الشأن في قانون تكميم الأفواه تحت رقم22/20 الذي حاولت الحكومة تمريره في عز الأزمة الوبائية الحالية لولا ردود الفعل الغاضبة التي أثيرت على مواقع التواصل الاجتماعي مباشرة بعد تسريب بضعة بنود من مسودة مشروع القانون.

تأكيدا منها على إصرار الدولة المغربية على السير في هذا الاتجاه، ذكرت الأمينة العامة قانونا آخرر عملت الحكومة في هذه الظروف على تمريره بالمصادقة عليه ويقضي بتفويت أراضي الدولة لشخصيات غير معروفة حتى من قبل الحكومة نفسها، في حين أنه من المفروض أن توزع تلك الأراضي على الفلاحين بناء على معايير مقبولة لا على معايير دولة الريع والامتيازات.