الحدث المحلي
عقد ائتلاف عدالة بالتعاون مع مرصد السياسات الاجتماعية والاقتصادية وطاقم شؤون المرأة حوارية بعنوان "واقع الحركة النسوية الفلسطينية ومستقبلها " وذلك يوم الخميس 8 تشرين أول 2020، والتي ناقشت تاريخ الحركة النسوية الفلسطينية حاضرها ومستقبلها، وقد قدمت الندوة د. إصلاح جاد، واستندت مداخلتها على كتابها بعنوان "نساء على تقاطع طرق: الحركات النسوية الفلسطينية بين الوطنية والعلمانية والهوية الإسلامية."
افتتحت ناتاشا الخالدي، المديرة العامة لطاقم شؤون المرأة، الحوارية بالإشارة إلى الهدف من الندوة وهو مراجعة تجربة الحركة النسوية الفلسطينية، من أجل إيجاد أدوات جديدة للعمل. وأشارت إلى أن الحركات النسوية في دول الجنوب ارتبط عملها بالنضال ضد الاستعمار في مختلف أماكن تواجدها. وعلى الرغم من أن الحركة النسوية الفلسطينية كانت قادرة على تحقيق العديد من الإنجازات، إلا أنها واجهت العديد من التحديات، وهي بحاجة لتطوير الرؤية والأدوات.
من جهتها، قدمت إصلاح جاد خلفية تاريخية للحركة النسوية الفلسطينية، وقد ركزت جاد في مداخلتها على العلاقة بين التحرر الوطني وتحرير المرأة خلال المراحل المتعاقبة والمختلفة للنضال الفلسطيني، وأشارت إلى أن الحركة النسوية بدأت بالتبلور مع بدايات ظهور الحركة الوطنية الفلسطينية، على عكس الحركات النسوية في مناطق أخرى من العالم والتي بادرت النساء فيها من أجل تشكيل حركات تدافع عن حقوقهن وتناضل ضد الاستعمار. وقد قسمت جاد المراحل التاريخية للحديث عن تاريخ الحركة النسوية إلى: ما قبل النكبة، ما بعد النكبة، فترة منظمة التحرير، فترة ظهور الحركات الاسلامية، فترة ما بعد أوسلو.
وتفصيلاُ للمراحل التاريخية التي تطرقت لها في الحوارية، وضحت جاد أن الحركة النسوية في الثلاثينيات والأربعينيات كان مكونة بشكل أساسي من نساء الطبقة الوسطى والبرجوازية من العائلات الكبيرة في المدن، ولم تنظر للنساء الريفيات على أنهن شريكات في الحركة النسوية. وتبعاً لذلك شكَلت نكبة 1948 حدثاً تاريخياً أعاد الاعتبار لثورة 1936 من حيث مراجعتها تاريخياً كثورة فلاحين شارك فيها النساء والرجال، ومن هنا لعبت التنظيمات السياسية التي تشكلت بعد النكبة دوراً في دفع النساء للمشاركة في العمل السياسي بعيداً عن الارتباطات العائلية، بل استناداً إلى أيدولوجية هذه الأحزاب (التقدمية والبعثية في تلك الفترة)، وقد ساعد في ذلك وصول النساء إلى الجامعات.
كما تطرقت إلى دور النساء داخل منظمة التحرير الفلسطينية خلال فترة تواجدها في بيروت، وقبل ذلك، وقد أطلقت على التوجه النسوي في تلك الفترة مصطلح النسوية المحلية/ Homemade Feminism بمعنى التعامل مع قضايا النساء ومعالجتها في حال ظهورها. كما عرّجت جاد على دور النساء من المدن والقرى والمخيمات خلال الانتفاضة الأولى، والتي لم تفصل القضايا الوطنية عن قضايا النساء. وتحدثت عن تأثير اتفاقية أوسلو على الحركة النسوية الفلسطينية من حيث تبنيها للخطاب الحقوقي الدولي، وعلى شكلها التنظيمي، ونقل عملها من الجمع بين الكفاح الوطني وتحرير المرأة إلى استهداف الدولة للمطالبة بحقوق المرأة، وعلى إثر ذلك تحولت العديد من المنظمات النسائية الجماهيرية إلى منظمات غير حكومية، مما أدى إلى إفراغ عملها من الطابع السياسي، وتزايد دور الأحزاب الإسلامية في هذا المجال.
كما تطرقت إلى وجود خطابين متوازيين داخل المجتمع الفلسطيني فيما يخص النساء، وقد ظهر بشكل أوضح بعد الانقسام، خطاب النساء العلمانيات وارتباطهن بالمجتمع المدني، وخطاب وصورة النساء الإسلاميات، اللواتي تم النظر لهن كمعاديات لحقوق المرأة، وترى جاد أن هذه تصورات رمزية تعيق الوصول لأرضية مشتركة بين الخطابين.
وتطرق الحضور إلى مجموعة من القضايا منها: الجدل بين المطلبي والتغيير الجذري، وحول مدى واقعية ما تقدمه المؤسسات والأطر النسوية التي تنادي بتغييرات جذرية على مستوى علاقات القوة داخل النظام، وتجاهل الهموم اليومية للنساء والتي تتقاطع مع القضية المطلبية كإصلاح القوانين والتعامل مع حالات العنف، كما ناقش الحضور ضعف الأطر النسوية الموجودة حالياً، وضرورة العمل على تأسيس حركة نسوية ديمقراطية جامعة، كما تم طرح قضية قضية المرأة والحزب وتأثير البنية الحزبية على قضايا المرأة، وأكدت المتحدثتان على ضرورة إيجاد أرضية مشتركة للأطر والحركات النسوية من مختلف المشارب الفكرية لتعزيز قدرة النساء على قيادة التغيير على المستوى السياسي والاجتماعي والاقتصادي والثقافي.