الجمعة  26 نيسان 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

مجلة أمريكية: قد تكون طهران أقل انفتاحاً من أي وقت مضى على التهديدات أو الاقناع

2020-11-18 08:58:41 AM
مجلة أمريكية: قد تكون طهران أقل انفتاحاً من أي وقت مضى على التهديدات أو الاقناع
علم إيران

الحدث- جهاد الدين البدوي

نشرت مجلة "فورين أفيرز" الأمريكية مقالاً للكاتبين جامشيد ك. تشوكسي أستاذ متميز ورئيس قسم الدراسات الأوروبية الآسيوية المركزية بجامعة إنديانا – بلومينجتون، وكارول تشوسكي أستاذة مساعدة في الاستخبارات الاستراتيجية في كلية جامعة إنديانا للمعلوماتية والحوسبة. وتناولا في افتتاحيته أنه على مدى السنوات الأربع الماضية، كانت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تفرض عقوبات على إيران بدلاً من اتباع سياسة خارجية. فانسحبت الولايات المتحدة من الاتفاق النووي الإيراني لعام 2015 وفرضت من جانب واحد عدة جولات من العقوبات. قد تأمل إدارة جديدة برئاسة الرئيس المنتخب جو بايدن في عكس مسار الضرر وتجديد المشاركة البناءة، لكنها ستجد أن إيران تغيرت كثيراً.

يقول الكاتبان أن إيران لم تقف مكتوفة الأيدي في السنوات الأربع الماضية، في انتظار استئناف الاتفاق النووي بشكل سلبي. وبدلاً من ذلك، تعاونت الجمهورية الإسلامية مع جمهورية الصين الشعبية وروسيا الاتحادية لتحسين وضعها العسكري ودعم اقتصادها. وتشارك الصين وروسيا الآن بشكل متكامل في شؤون إيران، من البنية التحتية للنفط والموانئ إلى قدراتها الدفاعية. وكانت نتيجة هذا التعاون العميق جعل إيران أقل عرضة بكثير مما كانت عليه من قبل، إما لحملة ترامب من "الضغط الأقصى" أو لمشاركة بايدن المأمولة.

الصين تدخل الخليج:

يلفت الكاتبان أنه بالعودة لعام 2016، أرست طهران وبكين الأساس لما سيصبح شراكة شاملة والتي ستدوم لمدة 25 عاماً، وهي جزء من مبادرة الحزام والطريق الصينية. ولكن العلاقة بين البلدين تعود إلى ما هو أبعد من ذلك، إلى الوقت الذي كانت فيه إيران في مركز طريق الحرير. واليوم، لا يرى قادة إيران في الصين وسيلة لتخفيف الخناق على العقوبات التي تفرضها واشنطن فحسب، بل أيضاً مصدراً للمساعدات المالية والتكنولوجية والعسكرية التي قد تساعد في التصدي للضغوط الأميركية.

يشير الكاتبان بأن الصين نصبت نفسها المدافع عن السيادة الوطنية، وهي القضية التي قدمتها من خلال انتقادها لسياسة العقوبات الأمريكية تجاه إيران. وكتب شانغ جون الممثل الدائم للصين لدى الأمم المتحدة، أن العقوبات الأمريكية على إيران "خالية من أي تأثير قانوني أو سياسي أو عملي". وقد اتهمت وزارة الخارجية الصينية الولايات المتحدة بأنها " انتهكت القانون الدولي مراراً" وحثت واشنطن على " التوقف عن التشبث بالطريق الخطأ" فيما يتعلق بإيران. وفي تشرين الأول/أكتوبر، أضافت وزارة الخزانة الأمريكية عقوبات على المزيد من البنوك الإيرانية. وردت الصين باستضافة وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف لإجراء محادثات في اليوم التالي.

يضيف الكاتبان بأن الصين خصصت ما يقرب من 400 مليار دولار من الاستثمارات لتحديث صناعات النفط والغاز والبتروكيماويات في إيران ولتحسين النقل البري في البلاد. وتقوم الصين بتمويل وتجهيز الموانئ الإيرانية في شاباهار وجشك، وكلاهما بالغ الأهمية لمشروع خط أنابيب من شأنه أن يسمح لطهران بتجاوز نقطة الاختناق في مضيق هرمز في تصدير نفطها. إن توسيع هذين الميناءين سيعقد الجهود الأمريكية لحظر الصادرات الإيرانية.

يرى الكاتبان بأنه هذا المشروع قد يدفع الولايات المتحدة إلى التفكير مرتين قبل ضرب إيران، لأن الاتفاق بين بكين وطهران يتضمن، حسبما ورد، عنصراً عسكرياً. يذكر أن جاسك هو أكثر من مجرد ميناء لصيد الاسماك في الوقت الحالي، بيد أنه يقع خارج مضيق هرمز، وبمجرد توسيعه يمكن أن يمنح السفن الحربية الصينية السيطرة على الدخول والخروج من المنطقة. كما تكفلت الصين بتوسيع مطار شاباهر، مما يضيف قدرة جوية إلى الميناء البحري القريب. وفي شاباهار أيضاً، وضعت الصين حجر الأساس لإنشاء مركز تنصت إقليمي من شأنه أن يسمح للصين باعتراض الإشارات ضمن نطاق يبلغ 3000 ميل. ويقع المقر الأمامي للقيادة المركزية الأمريكية (CENTCOM) في قطر ضمن هذا النطاق. ولدى إيران سبب للأمل في الوصول إلى القدرة الاستخباراتية الصينية، والحرب الالكترونية، وأنظمة الدفاع الجوي التي من شأنها أن تحبط الهجمات الجوية من قبل الولايات المتحدة وحلفائها.

يرى الكاتبان أن التقرب من بكين قد يساعد قادة إيران على توفير الأمن من الاضطرابات الشعبية والحركات الانفصالية التي عصفت بالبلد مراراً وتكراراً. وقد حاولت الأجهزة الأمنية الإيرانية كبح جماح التمرد من خلال بناء شبكة انترنت وطنية وربط آلاف كاميرات المراقبة في المدن الكبرى والمحافظات المضطربة. بيد أن الصين تتقدم على جمهورية الاسلامية بعدة خطوات، إذ أنها بنت نظاماً للمراقبة متعدد الأوجه ومتطوراً للغاية وقابلاً للتصدير لمراقبة مواطنيها. وتأمل الحكومة الإيرانية في العمل مع مقدمي الخدمات الصينيين لتسخير تكنولوجيا المراقبة هذه، وتسعى إلى تصميم شبكتها الداخلية الوطنية على غرار جدار الحماية العظيم في الصين.

موقف روسيا الثابت:

يقول الكاتبان بأنه لطالما تحدت روسيا موقف الولايات المتحدة من طهران بشكل علني. ورداً على العقوبات الأمريكية الجديدة في أيلول/سبتمبر، أعلن نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف للصحفيين: "نحن لا نخشى العقوبات الأمريكية، لقد اعتدنا عليها. ولن يؤثر ذلك على سياستنا بأي شكل من الأشكال. وتعاوننا مع إيران متعدد الأوجه. . . ولن يغير أمر تنفيذي آخر [من الرئيس الأمريكي] نهجنا". وعندما صعّدَت واشنطن العقوبات أكثر من ذلك في تشرين الأول/أكتوبر، تباحث الرئيسان الروسي فلاديمير بوتين والإيراني حسن روحاني حول تعزيز الأمن الإقليمي، والتجارة الثنائية، والتعاون الاقتصادي.

يشير الكاتبان إلى أن روسيا سعيدة ببيع الأسلحة إلى إيران، وإيران سعيدة هي الأخرى بشرائها، وقد تباهى وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف بأنه "لا يوجد شيء اسمه حظر على الأسلحة ضد إيران . . . ولن تكون هناك أي قيود على الإطلاق".

لقد ابتهج روحاني عندما رفعت الأمم المتحدة حظر توريد الأسلحة المفروض على إيران في 18 أكتوبر/تشرين الأول 2020: "سنشتري السلاح من أي بلد نريده". ويمكن أن تكون المقاتلات الروسية من طراز "SU-30"، وطائرات التدريب من طراز "Yak-130" ودبابات "T-90" وأنظمة الدفاع الجوي "S-400"، وأنظمة الدفاع الساحلية "Bastian" من الأسلحة التي ترغب بشرائها طهران. وفقًا لتقرير وكالة استخبارات الدفاع الأمريكية لعام 2019. وستكون القيود الوحيدة على عمليات شراء الأسلحة هي ميزانية طهران الدفاعية واستعداد موسكو لتسليح جارتها الجنوبية.

وفي يوليو/تموز، التقى ظريف مع لافروف لمناقشة توسيع تحالف البلدين. حيث تسعى طهران إلى رفع مستوى معاهدة كانون الأول/ديسمبر 2001 بشأن أساس العلاقات المتبادلة ومبادئ التعاون بين جمهورية إيران الإسلامية وروسيا الاتحادية. وفي المقابل، تريد روسيا الوصول إلى قواعد داخل إيران لقواتها الجوية والبحرية. وقد تعاون الحرس الثوري الإسلامي بالفعل مع القوات الروسية في الحرب السورية.

يلفت الكاتبان أن إيران بدأت ترى فوائد علاقاتها القوية مع الصين وروسيا. في أواخر كانون الأول/ديسمبر 2019، انضمت كل من روسيا الصين وإيران في مناورات بحرية مشتركة لمدة أربعة أيام في الحزام البحري عبر الخليج الفارسي وخليج عمان والمحيط الهندي - وهي المنطقة التي تسيطر عليها الأسطول الخامس للبحرية الأمريكية. وقد اختبرت المناورات البحرية قدرة ميناء شابهار على أن يكون منافساً لقاعدة القيادة المركزية للقوات البحرية الأمريكية في البحرين. وعلاوة على ذلك، انضمت القوات الإيرانية في أيلول/سبتمبر 2020 إلى القوات الصينية والروسية لإجراء مناورات مشتركة في منطقة القوقاز.

يرى الكاتبان أن الصين وروسيا تشتركان بمصلحة مقاومة العقوبات الأمريكية المفروضة على إيران، بما في ذلك العقوبات الثانوية التي تفرض أعباء على الدول التي لم تدخل في حيز العقوبات الأساسية. وقد عملت الصين وروسيا معاً في آب/أغسطس لإقناع الأعضاء الآخرين في مجلس الأمن الدولي، بما في ذلك حلفاء الولايات المتحدة التقليديون مثل فرنسا والمملكة المتحدة، لمعارضة محاولة إدارة ترامب لتمديد الحظر التسليحي المفروض على طهران. عندما أعلن وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو في وقت لاحق فرض عقوبات على كيانات في الصين وهونغ كونغ لمساعدة إيران في مجال الملاحة البحرية، غرّد ديمتري بوليانسكي، نائب ممثل روسيا لدى الأمم المتحدة، بتحدٍ: "ليس من مسؤولية الولايات المتحدة أن تخبرنا أو تخبر الآخرين ما يمكن أو ما لا يمكن القيام به".

أوضح المسؤولون الصينيون والروس في مؤتمر دراسات المنطقة لعام 2019 في بكين، والذي حضره أحد الكاتبان، أن دولهم تشترك في هدف عزل الولايات المتحدة كزعيمة عالمية. وهم يسعون إلى إنشاء نظام متعدد الأقطاب ليحل محل النظام الذي هيمنت عليه الولايات المتحدة. وقد تبنى ظريف خطاباً تكميلياً، وغرّد على تويتر قائلاً إن بلاده أيضاً "رفضت الأحادية الأمريكية ومحاولات الولايات المتحدة لخلق عالم أحادي القطب".

الأفعال أكثر أهمية:

يدرك بايدن أنه سيحتاج إلى استئناف المفاوضات مع إيران. حيث كتب بايدن في وقت سابق أنه إذا عادت طهران إلى الامتثال الصارم للاتفاق النووي، "سأنضم مرة أخرى إلى الاتفاق وأستخدم التزامنا المتجدد بالدبلوماسية للعمل مع حلفائنا لتعزيزه وتوسيعه، مع صد أنشطة إيران الأخرى المزعزعة للاستقرار بشكل أكثر فعالية". كما تدرك الإدارة القادمة أنها لا تستطيع التهرب من أهمية إيران بالنسبة لمنطقة الخليج الفارسي.

يؤكد الكاتبان بأن الإدارة الجديدة ستواجه صعوبات في إقناع قادة طهران، التي تعتبر "الأفعال أكثر أهمية"، بأن أي اتفاق قديم أو جديد لن يلغي الاتفاق الأصلي. وعلاوة على ذلك، وعلى الرغم من هجمة العقوبات، أظهر قادة إيران أنفسهم ثابتين في السعي إلى الهيمنة الإقليمية وبقاء النظام. فهم سيختارون الآن تقييد قدرات بلادهم في مجال الأسلحة، حتى ظل توسيع قدرات بلدان مجاورة لترسانتهم المسلحة. قد يرغب بايدن في إغراء طهران بالابتعاد عن بكين وموسكو، لكنه لن يكون لديه الكثير ليعرضه على بلد لا يسعى ولا يرغب في التحالف مع الولايات المتحدة.

يختتم الكاتبان مقالتهما بالقول: إن الصين وروسيا هما البلدان المتشابهتان في التفكير التي تحتاج إليهما إيران وهي تطمح إلى أن تكون لاعباً قوياً في إطار نظام عالمي جديد. ومع وجود هذه الأنظمة القوية إلى جانبه، يستطيع المرشد الأعلى علي خامنئي المقامرة بأن الهيمنة الأميركية العالمية "لن تستمر طويلاً"، كما قال، ويمكن لظريف التنقل بين طهران وبكين وموسكو لتعزيز المحور الثلاثي الجديد وضمان بقاء إيران في مركزها بشكل مريح.