الجمعة  26 نيسان 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

تقرير: إسرائيل حاولت استدراج إيران إلى الحرب ولكنها فشلت

2020-12-09 09:00:27 AM
تقرير: إسرائيل حاولت استدراج إيران إلى الحرب ولكنها فشلت
محسن فخري زاده

الحدث- جهاد الدين البدوي

نشر موقع "ميدل إيست آي" مقالاً للمعلق الأمني والاستخباراتي الإسرائيلي يوسي ميلمان، وتحدث فيه أنه من المرجح أن رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو والرئيس الأمريكي دونالد ترامب اتفقا على استفزاز إيران وإثارة المشاكل لبايدن. وإذا قامت طهران بالانتقام، فمن المحتمل أن يكون ذلك على نطاق أضيق.

وأضاف الخبير الأمني أنه مع مرور الوقت منذ اغتيال العالم النووي الإيراني محسن فخري زاده في 27 تشرين الثاني/نوفمبر، تتلاشى فرص الانتقام السريع.

وبعد عملية الاغتيال التي وقعت شرق طهران نسبت إلى الموساد الإسرائيلي، استخدم كبار القادة في إيران لغة صارمة وتوعدوا بالانتقام، ليس فقط ضد "إسرائيل" ولكن أيضاً ضد الولايات المتحدة وحلفاء "إسرائيل" الجدد في المنطقة، البحرين والإمارات العربية المتحدة.

وكان من بين الذين تعهدوا بالانتقام الرئيس حسن روحاني وعدد من كبار العسكريين المقربين من المرشد الأعلى علي خامنئي، بمن فيهم وزير الدفاع السابق أحمد وحيدي.

لكن الخطاب التحريضي هدأ، وانزوت مشاعر الغضب لتترك مجالاً للقرارات المتأنية. والسؤال الأول الذي يجب طرحه هو، لماذا؟ لماذا قررت "إسرائيل" قتله؟

من هو محسن فخري زاده؟

كان فخري زاده عالماً موهوباً في الفيزياء النووية، حيث قام بالتدريس والبحث في جامعة الإمام الحسين في عاصمة بلاده. لكنه كان أيضاً عميداً في الحرس الثوري ونائب وزير الدفاع.

لسنوات، قالت أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية والأمريكية والبريطانية والألمانية إن مؤهلاته الأكاديمية كانت مجرد واجهة لعمله الحقيقي كرئيس للبرنامج النووي العسكري السري الذي يركز على التسليح - لإنتاج القنابل النووية.

يوضح الكاتب: في وثائق من الأرشيف النووي الإيراني التي سرقها الموساد في عام 2018 ونشرت جزئياً منها في وسائل الإعلام، شوهدت أدلة على تورط فخري زاده في تطوير الأسلحة الإيرانية - بما في ذلك تسجيل صوته، يتحدث فيه عن خمس قنابل والحاجة إلى إجراء تجارب.

يقول الكاتب: وبسبب هذه الشبهات، طالبت الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة بإجراء مقابلة معه مرتين، مرة قبل عقد من الزمان ومرة أخرى قبل ست سنوات، لكن السلطات الإيرانية رفضت الطلب.

وليس معروفاً علناً ما إذا كان فخري زاده يعمل لحظة اغتياله على تطوير القدرات النووية الإيرانية.

يشير الكاتب إلى أن دوائر الاستخبارات الغربية حاولت تتبع فخري زاده، والتجسس على هواتفه وأجهزة الكمبيوتر الخاصة به، وجمع المعلومات عنه. إلا أن الموساد ذهب إلى أبعد من ذلك، بل وخطط عدة مرات لقتله، لكن فخري زاده كان حذراً وشديد الارتياب ومراوغاً للغاية. وكشف عن المؤامرات التي تستهدف حياته، واختفى تحت الأرض، وإيران قامت بدورها بمضاعفة الإجراءات الأمنية من حوله، على مدار الساعة.

وفي النهاية لم يكن ذلك كافياً. ففي نهاية المطاف، وجد الموساد، باستخدام وسائل تكنولوجية وعبر المراقبة الرقمية، فضلاً عن العملاء على الأرض، نقاط ضعف في أمنه. وأعلنت إيران الاحد أن رشاشاً يتم التحكم به عبر الأقمار الصناعية بواسطة "الذكاء الاصطناعي" استخدم لقتل العالم.

تجنب الوقوع بالفخ:

يلفت الكاتب إلا أن الرغبة لا تكفي في اغتيال رجل مطلوب. مضيفاً أنه ومن أجل تنفيذ الخطة، احتاج الموساد أيضاً إلى معلومات دقيقة وجدوى عملياتية. وبمجرد أن اكتسبت "إسرائيل" الرغبة والقدرات الاستخباراتية واللوجستية الدقيقة، لم تبقَ سوى مسألة التوقيت – وعليه يتساءل الكاتب: لماذا اختير التوقيت الآن؟

كان من المرجح أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، الذي بيده السلطة النهائية في الموافقة أو عدم الموافقة على ما إذا كان رئيس الموساد يوسي كوهين يمكنه القيام بمثل هذه المهمة، وقد تشاور بشأن العملية مع الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته دونالد ترامب.

يقول الكاتب: لا بد أن ترامب ومساعديه الأمنيين والعسكريين كانوا مطلعين على القرار السري، لأن الولايات المتحدة كان عليها أن تعد نفسها لجميع الاحتمالات، بما في ذلك السيناريو الأسوأ: إذا قررت إيران الانتقام من خلال ضرب أهداف أمريكية، مثل قواعدها في البحرين أو قطر.

يرى الكاتب أن هذا يقودنا إلى استنتاج يكاد أن يكون حتمياً أن نتنياهو وترامب كانا يأملان في استفزاز إيران.

يشير الكاتب إلى أنه كان من الممكن أن يكون سيناريو "ترامب نتنياهو" المفعم بالأمل هو أنه بعد اغتيال فخري زاده، ستقوم طهران بالانتقام من الولايات المتحدة، الأمر الذي لن يترك لترامب أي خيار سوى إعلان الحرب على إيران. إذا كانت هذه هي خطتهم، لكانت غايتهم أيضا إحراج الرئيس المنتخب جو بايدن.

يضيف الكاتب: بعد ردة الفعل العاطفية الأولية، فهم قادة إيران المؤامرة "الإسرائيلية" الأمريكية وقرروا عدم الوقوع في الفخ.

ولا تزال إيران تسعى إلى الانتقام وتعد أجهزتها الاستخباراتية لتكون جاهزة. لكن طهران تنتظر بفارغ الصبر بايدن وإدارته القادمة. وتأمل أن يعيد الديمقراطي الولايات المتحدة إلى الاتفاق النووي لعام 2015، المعروف باسم خطة العمل الشاملة المشتركة، وأن يرفع العقوبات الخانقة التي فرضها ترامب على مدى العامين الماضيين.

يؤكد الخبير الأمني أنه بعد أخذ كل الأمور في الاعتبار، من غير المرجح أن تنتقم إيران من الأهداف الأمريكية على الإطلاق، وبالتأكيد ليس قبل دخول بايدن البيت الأبيض في 20 كانون الثاني/يناير. ومع ذلك، فإن الإيرانيين يتطلعون إلى ما بعد ذلك التاريخ، مع العلم أن الإدارة الجديدة ستحتاج إلى بضعة أشهر أخرى لصياغة سياستها وإعادة الدخول في الاتفاق النووي، إذا قامت بذلك أساساً.

ومع ذلك، قد تشعر إيران بخيبة أمل في نهاية المطاف. وعلى النقيض من الطريقة التي يصور بها نتنياهو والجمهوريون الأمريكيون بايدن، ضعيفاً ومتساهلاً مع إيران، فهو ليس في جيب إيران. بل يريد بايدن إحياء الاتفاق النووي وجلب إيران إلى أسرة المجتمع الدولي. ولكن ليس بأي ثمن.

وقد ألمح بايدن وبعض مرشحي حكومته في المستقبل إلى أنهم يرغبون في تحسين الاتفاق النووي وسد بعض الثغرات فيه. وتشمل هذه الفكرة "غروب الشمس" - عندما تنتهي مدة الاتفاق - والتي لا يريد بايدن بالتأكيد أن تحصل في عام 2025، كما ينص الاتفاق الأصلي.

كما يأمل في إقناع إيران بتوسيع الاتفاق حتى تعالج قضايا أخرى مثل الصواريخ بعيدة المدى، وتدخلات إيران المزعزعة للاستقرار في الشرق الأوسط، ودعمها للجماعات المسلحة.

خيارات محدودة:

يقول الكاتب بأن إيران تعيش الآن في حصار، وهي في أمس الحاجة إلى رفع العقوبات، وإلا ستجد نفسها في كارثة اقتصادية واجتماعية وسياسية مع تدهور اقتصادها.

لكن طهران أيضاً، وانطلاقاً من مسألة العزة الوطنية وبسبب الانقسامات الداخلية بين الإصلاحيين والمحافظين، ستجد صعوبة في التوصل إلى مزيد من التسوية.

ومن ناحية أخرى، لن تتردد إيران في توجيه ضربات لأهداف "إسرائيلية". ولكن قدراتها محدودة. فهي لا تريد إطلاق صواريخها بعيدة المدى من داخل أراضيها، لعلمها أن "إسرائيل" لن تنتقم لوحدها عبر قبضتها الحديدية، بل إن انتقام إيران من "إسرائيل" لن يترك للولايات المتحدة أي خيار سوى المسارعة لمساعدة حليفتها.

أما الإجراء العقابي الآخر المتاح للمخططين الاستراتيجيين الإيرانيين فهو إطلاق صواريخها من سوريا. ولكن هنا أيضاً، يداها مقيدتان. حيث ستمانع روسيا والرئيس السوري بشار الأسد هذه الخطوة، وحتى من خلال هذا السيناريو سترد إسرائيل بقسوة.

وثمة احتمال آخر هو أن تشن إيران حرباً إلكترونية ضد المواقع الاستراتيجية والبنية التحتية "الإسرائيلية" الرئيسة. ومع ذلك، فإن القدرات السيبرانية "الإسرائيلية" - الدفاعية والهجومية - تفوق بكثير من قدرات إيران.

قبل عام، حاولت إيران ضرب البنية التحتية "الإسرائيلية" الحيوية، لكنها تسببت في أضرار طفيفة في عدد قليل من مضخات المياه. ومع ذلك، تمكنت قبل بضع سنوات من النجاح في إلحاق أضرار كبيرة بأجهزة الكمبيوتر في المملكة العربية السعودية التي تدير صناعتها النفطية.

أما الخيار الآخر بالنسبة لإيران فهو أن تأمر وكيلها الأكثر موثوقية، «حزب الله»، بأن تمطر "إسرائيل" بالصواريخ من لبنان. ومع ذلك، فإن إيران وحزب الله والحكومة اللبنانية الضعيفة في بيروت يعرفون تمام المعرفة أن أي رد "إسرائيلي" سيكون سريعاً ومؤلماً، لدرجة أن لبنان بأسره قد ينهار.

يختتم الخبير الأمني مقالته بالقول: لذا، فإن ما تبقى لإيران هو أكثر من ذلك: محاولة استهداف "الإسرائيليين" في الخارج. وقد حاولت ذلك في الماضي، بعد أن اغتال الموساد خمسة علماء إيرانيين في شوارع طهران بين عامي 2010 و2012، والقائد العسكري لـ «حزب الله» عماد مغنية في دمشق في عام 2008. وقد أحبطت المخابرات "الإسرائيلية" معظم هذه الجهود الإيرانية. وليس هناك ما يشير إلى أنها ستكون أكثر نجاحاً الآن.