الخميس  25 نيسان 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

«حمّالة صدر بعين واحدة»..شعر يكرم مريضات السرطان

2022-02-20 10:03:03 AM
«حمّالة صدر بعين واحدة»..شعر يكرم مريضات السرطان
"حمّالة صدر بعين واحدة"

الحدث الثقافي- إصدارات

الشاعرة المناضلة، هي الشاعرة التونسية فاطمة بن فضيلة. التي نطلق عليها في "الحدث" لقب المناضلة، لأن النضال أوله جهادٌ وكفاحٌ ضد النفس أو معها بغية الاستمرار في الحياة، وتحويلها مصاعبها إلى فرصة للإبداع. 

وهذا ما فعلته بن فضيل، إذ نجحت في تحويل آلامها ومعاناتها مع مرض السرطان إلى شعر وقصائد.

فبعد سنوات من معايشة الألم والعلاج الكيميائي وتساقط الشّعر، أصدرت الشاعرة قبل أيام مجموعة شعرية جديدة بعنوان لافت وذي دلالات لضحايا السرطان الخبيث من النساء هو «حمّالة صدر بعين واحدة» ، الصادر عن دار وشم، في تونس.

تقول إحدى صديقات الشاعرة: "كل دواوينها في واد وحمالة صدر بعين واحدة في واد آخر.."

شاعرة الحب، كانت سخية ووفية في ديوانها هذا، لأنها كرسته لتكريم مرضى السرطان وضحاياه وأطبائه وممرضيه. وكانت وفية لأنها لم تهجر الحب وجعلته يتغلب على السرطان، بل جعلته سفينة عابرة لنهر الألم في اتجاه نهر الحب:

"عادة ما أتبع النهر

النهر الذي هو أنا

فيوصلني إلى البحر

البحر الذي هو أنت

مرة تبعت النهر

فكاد يوصلني إلى السماء

السماء التي هي أيضاً أنت

تشبثتُ بجناح غيمة

وتقاطرت معها نحو الأعلى

حتى صرتُ نهراً

معلقاً بين غيمتي

لا انسكب فأصلُ البحر

ولا أعلو فأصلُ السماء"

الشاعرة التي أصدرت مجموعتها الأولى في 2005 بعنوان «لماذا يخيفك عريي»، تواصل في نفس اختيارها لقصيدة النثر، محافظةً على نفس النبرة الشعرية والتفكير بصوت عال ضد العقل الذكوري والذهنية العربية التي تصادر أصوات النساء.
تضمّنت المجموعة 45 قصيدة وهي نصوص مفتوحة تدوّن من خلالها الشاعرة يومياتها بين أدوية السرطان وممرات المستشفى ووجوه الأطباء ومساعديهم وآلام زميلاتها في مقاومة الوجع.

هذا الكتاب هو الأوّل من نوعه في تونس في تدوين يوميات العلاج الكيميائي. ورغم ما يطفح به الكتاب من حزن وخيبات ومرارة، إلا أنه يطفح أيضاً بروح مقاومة المرض ومقاومة الموت الزاحف الذي نجحت الشاعرة في التعايش معه والانتصار عليه.
الشاعرة أهدت كتابها إلى «نساء مستشفى عبدالرحمان مامي؛ قسم السرطان؛ واقفات رغم الكيميائي، جميلات رغم البتر؛ متشبثات بالحياة رغم شحّ الدواء».

وهذا الإهداء يحيلنا إلى  آلاف أو ربّما ملايين النساء في كل بقاع العالم المتشبثّات بالأمل في الانتصار على الورم الخبيث فـ «الخال الذي تحبّ/ ذهب مع النّهد ليحرسه…/ اللّيل موحش يا حبيبي/ ومقبرة النّهود بلا حارس».

هكذا تتهاطل قصائد الشاعرة فاطمة بن فضيلة في مواجهة الألم والمرارة كما تتهاطل الأمطار في شتاء حزين، لكن الشعر يمنحها قدرة عظيمة على الانتصار على الوجع الذي يفتك بالجسد لكنّه لن يقوى على اختراق الروح المتشبثّة بالحياة وبالشعر كرؤيا تختزل نظرة الشاعرة إلى الحياة والعالم.