الثلاثاء  14 أيار 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

روسيا البوتينية (6)| بقلم: د. سامر العاصي

ربيع "البوتينية"

2022-06-08 08:38:40 AM
روسيا البوتينية  (6)| بقلم: د. سامر العاصي
سامر العاصي

صدق أو لا تصدق، أن "رياح الربيع الروسي" قد هبًت على "روسيا البوتينية"، قبل أن تصل إلينا نسمات "الربيع العربي" بسنوات. وتحديدا، بعد أشهر قليلة من وصول "فلاديمير بوتين"، للرئاسة، عندما بدأ الرجل، بالتخلص من جميع المستشارين الأميركان والخبراء الغربيين الذين ظلوا يعملون (رسميا)، في كل المواقع الإدارية وحتى في الوزارات السيادية الروسية، دون حسيب أو رقيب، أي منذ أن بدأت شكوك الدوائر الغربية تتأكد بأن الرجل، ليس كرؤساء روسيا السابقين. 

وفهم الرجل، أن الغرب لا يهتم بتاتا بأولويات السياسات الروسية، وأن المهم هو أن تظل روسيا تعطي وتبيع الغرب مواردها الطبيعية بأبخس الأسعار وأن تبقى دولة ضعيفة.

وفهم الرجل أيضا، أن روسيا الضعيفة، هي الضمانة الوحيدة، للدولة الأحادية القطب، وتأكد "بوتين"، أن الغرب أحب "غاربتشوف" الضعيف، ولكنه أحب "يلتسين" الأكثر ضعفا.

وأطلت رياح الحرب على العراق عام 2003، لتلقي بظلالها على العلاقات الروسية-الأميركية، بعد رفض القيادة الروسية حجج السياسية الأميركية بوجود أسلحة الدمار الشامل لدى العراق. وأصبح جليا أن أميركا لا تريد سماع أصوات أوروبا، كما أنها لم تكن أيضا على استعداد لسماع الصوت الروسي "الضعيف" المعارض لتلك الحرب! 

ومع تكرار نداءات القيادة الروسية الجديدة "لإجهاض" سباق التسلح القادم، إلا أن أحدا في الغرب، لم يعر أي اهتمام لتلك النداءات، التي اعتبرت في حينه بأنها ليست أكثر من "توسلات".

وازداد الوضع الدولي "ضبابية" بين البلدين، عندما أعلن البيت الأبيض نشر صواريخه "الدفاعية" في بلغاريا وبولندا وجورجيا (الاشتراكيات سابقا)، بحجة ردع التهديد النووي الإيراني، والكوري الشمالي، الأمر الذي لم تعد القيادة الروسية الجديدة مستعدة لتصديقه.

وكان الرجل موقنا بأن التغيير في روسيا، لا بد وأن يحدث 

وأن هذا التغيير سوف يُغير العالم كله

وبدا أن هناك من ينتظر هذا التغيير

وصارت شعوب العالم كلها تنتظر....

وكان الشعب الروسي هو أول المنتظرين، بعد أن ملّ الناس من ضحكات شعوب العالم وغمزاتهم من أحوالهم الاقتصادية والمعيشية والعسكرية، وخاصة قادة الجيش ومارشالاته وجنوده، أما المتقاعدين منهم، فكانوا الأكثر انتظارا لهذه اللحظة بعد أن ذاقوا "الأمرين" في العهدين السابقين.

وكانت "الصين" هي الدولة الأولى في العالم، التي استرقت وبكل ذكاء صوت جارها الروسي 

وصارت الصين ومعها الهند، في الشرق، تنتظران، تماما كما كانت البرازيل، وغيرها من الدول في أقصى الغرب، ينتظرون "التغيير الجدي" القادم من روسيا، وكلهم أمل في إنشاء أحلاف اقتصادية جديدة. 

وفي الشرق الأوسط، كانت "ليبيا"، هي الأكثر شوقا للتغيير في روسيا، خصوصا بعد أن وافقت القيادة الليبية على جميع الشروط الأميركية والغربية لتسوية "أزمة لوكاربي" . 

أما سوريا فكانت تنتظر التغيير الروسي على أحر من الجمر، بعد أن فهم قادتها أن الغرب لن يقبل باستمرار النظام السوري وحاله. 

وظل الفلسطينيون أكثر شعوب الأرض انتظارا  وأملا في تغييرات قد تحدث عند.. "الأطراف الأخرى"!

وبدا أن القيادة الروسية الجديدة ماضية في طريقها لفرض عالم جديد 

وتأكد "لبوتين"، أن أميركا  والغرب كله، لا يعيران أي اهتمام إلى رسائل الكرملين، إلا بعد أن يستكمل الرجل بناء جيشه، بعد أن استطاع بناء اقتصاد "مضاد لعقوبات اقتصادية" مستقبلية، لعل وعسىى هناك، من سيسمع. 

وفي هذا الوقت، تم إشعال "ثورات الربيع" في الدول المجاورة أو الحليفة لروسيا

وبدأت رياح "الربيع الروسي" المخطط لها، بعناية وذكاء شديدين، تهب على الجمهوريات الاشتراكية السابقة والتي أطلق الغرب عليها تسميات شتى، من "الألوان".

فسميت الثورة التي اندلعت في يوغسلافيا، (5-6 أكتوبر 2000)، بالثورة السوداء

وسميت الثورة في جورجيا ( 2- 23 نوفمبر 2003 ) بثورة الورود أو (الوردية)

وسميت الثورة في قيرغيزسيا (27 فبراير-2 أبريل 2005) بالثورة (الزهرية) 

أما في أوكرانيا وهي بيت القصيد لكل الثورات الملونة، فقد سميت تلك بالثورة البرتقالية الأولى ( 22 نوفمبر 2004–23 يناير 2005)، لتتبعها بعد 10 سنوات الثورة البرتقالية الثانية، أو ما سميت بثورة الميدان، التي صار "زيلينسكي"، الرئيس الثاني لها.  

وفهمت القيادة الروسية، أن ما يحدث من ثورات في تلك الدول، هو ما يُخططُ له، أن يحدث في موســكو"! 

وكان على "فلاديمير بوتين" أن يتحرك… في أية لحظة.