الحدث الإسرائيلي
اعتبرت صحيفة يديعوت أحرونوت أنّ الصور النمطية التي انتشرت في بداية الحرب عن أنصار الله في اليمن باعتبارهم “تجار سلاح حفاة بكلاشينكوف وصنادل” تهاوت كليًا في الأشهر الأخيرة. فبحسب الصحيفة، رصدت المنظومة الأمنية الإسرائيلية تطورًا كبيرًا في قدرات أنصار الله، سواء في إنتاج الطائرات المسيّرة والصواريخ بعيدة المدى بالاعتماد على خبرات إيرانية ومهندسين محليين، أو في استغلال الأنفاق والتربة الجبلية لتصنيعها وتخزينها بعيدًا عن أعين الاستهداف.
وأشارت يديعوت أحرونوت إلى أنّ التقديرات الأمنية في إسرائيل تتابع عن كثب أيضًا محاولات في اليمن لتدريب مقاتلين على تنفيذ “طوفان أقصى” جديد، أي هجوم شبيه بعملية السابع من أكتوبر، قد ينطلق من إحدى الدول المحاذية لفلسطين المحتلة. وفي هذا السياق، كشفت الصحيفة أنّه بعد يوم واحد فقط من سقوط طائرة مسيّرة حوثية في إيلات، شنّ سلاح الجو الإسرائيلي غارة هي الأوسع حتى الآن على صنعاء، أطلق خلالها أكثر من 65 قنبلة استهدفت مقار قيادية ومخازن أسلحة، في عملية حملت اسم “حزمة عابرة”.
لكن، ووفق يديعوت أحرونوت، فإن الصورة الاستراتيجية لم تتغير كثيرًا: فكلما كثّف سلاح الجو الإسرائيلي ضرباته ضد الموانئ اليمنية وشحنات السلاح القادمة من إيران، ازداد اعتماد أنصار الله على نموذج الإنتاج الذاتي المحصّن، خاصة لإنتاج صواريخ ثقيلة دقيقة وطائرات مسيّرة انتحارية منخفضة الطيران يصعب رصدها. الصحيفة أوضحت أنّ هذا النموذج هو تطبيق مباشر للطريقة الإيرانية التي نُسخت سابقًا في سوريا ولبنان.
وأضافت يديعوت أحرونوت أنّ الخطر اليمني لا يقتصر على الصواريخ والطائرات المسيّرة، بل يمتد إلى محاكاة عملية “طوفان الأقصى” بشكل واسع. وبحسب المعلومات التي نقلتها الصحيفة، يتابع الجيش الإسرائيلي تدريبات تحمل اسم “طوفان القدس”، تُجرى في اليمن لتأهيل آلاف المقاتلين على شنّ اقتحام واسع النطاق من الأردن أو سوريا، في محاولة لتنفيذ عملية عسكرية واسعة وصولًا إلى القدس.
وفي هذا الصدد، نقلت يديعوت أحرونوت عن مصادر عسكرية إسرائيلية أنّ ما يُحضّر في صنعاء يتجاوز “التصور التقليدي”، خاصة وأن إسرائيل اليوم هي الطرف الوحيد الذي يواصل مواجهة أنصار الله بعد وقف التحالف الغربي هجماته ضدهم. الصحيفة أشارت أيضًا إلى أنّ وزارة الخزانة الأميركية فرضت مؤخرًا عقوبات على 31 كيانًا مرتبطًا بتمويل الحوثيين، في خطوة يُنظر إليها كجزء من الضغط الدولي المتصاعد.
ووفق ما أوردته يديعوت أحرونوت، فإن التقديرات في شعبة الاستخبارات العسكرية بعد مرور شهر على عملية “قطرة حظ” تقول إنّ القصف الإسرائيلي على صنعاء لم ينجح في تصفية رئيس أركان أنصار الله أو وزير دفاعهم، رغم اغتيال شخصيات سياسية وعسكرية أخرى. ومع ذلك، رأت الصحيفة أنّ العملية أحدثت هزة كبيرة داخل منظومة الحوثيين، خاصة بعد مقتل عشرات الضباط والجنود.
كما أوضحت الصحيفة أنّ قسم الاستخبارات العسكرية “أمان” في جيش الاحتلال أنشأ وحدات جديدة متخصصة بمتابعة أنصار الله، مستخدمًا موارد ضخمة كانت موجهة سابقًا لإيران وحزب الله. هذه الوحدات، بحسب يديعوت أحرونوت، تعمل على تحديد “مراكز الثقل” داخل البنية العسكرية والسياسية لأنصار الله تمهيدًا لتحويلها إلى أهداف مباشرة.
وفي التقدير الختامي، شددت يديعوت أحرونوت على أنّ توصية شعبة الاستخبارات بعد السابع من أكتوبر هي مواصلة الضغط العسكري حتى في فترات وقف إطلاق النار، لأن أنصار الله يشكلون التهديد الوحيد في المنطقة الذي يعلن صراحة أن هدفه “محو إسرائيل”. لذلك ترى المؤسسة الأمنية، وفق الصحيفة، أنّ أي تراخٍ قد يتيح لأنصار الله امتلاك آلاف الصواريخ الدقيقة في السنوات المقبلة، وهو ما يُعد تهديدًا وجوديًا بالنسبة لـ”إسرائيل”.